تحاول قوات مدعومة من "التحالف الدولي" التوغل داخل مدينة الرقة السورية من عدة محاور، مع استمرار المساعي لإحكام الطوق على مسلحي تنظيم "داعش" من خلال التقدم باتجاه قرية استراتيجية جنوب المدينة، في وقت توسع فيه قوات النظام نقاط سيطرتها في البادية السورية، وتتوغل أكثر داخل الحدود الإدارية لمحافظة الرقة.
وتدور معارك كر وفر داخل مدينة الرقة بين "قوات سورية الديمقراطية" وقوات "النخبة" السورية من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى، إذ لا يزال مسلحو التنظيم يحاولون التمسك بالرقة وصد هجمات متلاحقة على المدينة من الشرق والغرب. ولا تزال "قوات سورية الديمقراطية" تحاول انتزاع السيطرة على حي حطين غربي المدينة بعد انتزاع السيطرة على حيي السباهية والرومانية. وانتزعت "سورية الديمقراطية" المندفعة على الجانب الجنوبي من نهر الفرات، قريتي الظاهر والسحل الغربي، جنوب غربي الرقة، وهي تتقدم باتجاه السحل الشرقي. وبذلك، باتت على مشارف قرية كسرة شيخ الجمعة الاستراتيجية، إذ إن انتزاع السيطرة عليها يعني محاصرة مسلحي "داعش" داخل مدينة الرقة.
في غضون ذلك، تحاول قوات النظام ومليشيات طائفية إيرانية، فرْض نفسها في معركة انتزاع السيطرة على محافظة الرقة. وأكدت مصادر مطلعة أن قوات النظام تحاول التقدم في ريف الرقة الجنوبي الغربي انطلاقاً من مواقع لها في منطقة أثريا باتجاه مناطق جنوب مدينة الطبقة. وذكرت وكالة "أعماق" التابعة لـ"داعش"، أن مسلحي التنظيم تصدوا يوم الثلاثاء لقوات النظام عند قرية بئر انباج جنوب غربي مطار الطبقة العسكري، وقتلوا 24 من هذه القوات بعمليتين انتحاريتين، فضلاً عن تدمير دبابتين. ويضم ريف الطبقة الجنوبي ثروة نفطية كبيرة، إذ تمتد آبار النفط والغاز من منطقة الرصافة وصولاً إلى مدينة تدمر في قلب البادية.
وأكدت مصادر في "قوات سورية الديمقراطية" أن تقدم قوات النظام باتجاه مدينة الطبقة من الخطوط الحمراء الأميركية. وأشارت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن توغل قوات النظام ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الرقة "لا يغيّر شيئاً من معادلات الصراع". وأضافت أن قوات النظام "تعرف حدودها ولن تتجرأ على تجاوزها، وإلا ستواجه الغضب الأميركي"، وفق تعبير المصادر.
ولا تزال مأساة آلاف المدنيين تتفاقم داخل مدينة الرقة، ويسقط العديد منهم قتلى بقصف مدفعية "قوات سورية الديمقراطية"، وغارات طيران "التحالف الدولي" على أحياء داخل المدينة. وأشار ناشطون إلى مقتل عائلة كاملة في قرية شيخ الجمعة بقصف جوي يوم الثلاثاء. وأكدت فعاليات مدنية من محافظة الرقة مقتل المئات من المدنيين خلال الشهرين الأخيرين في عموم المحافظة، مشيرةً إلى أن أوضاع النازحين في مخيمات عين عيسى شمال الرقة "مأساوية" في ظل غياب أي اهتمام دولي بهم.
وفي جنوب سورية، لا تزال الاشتباكات متواصلة بين قوات المعارضة السورية وجيش النظام والمليشيات المساندة له، والتي تحاول التقدم في مدينة درعا وريفها. وأعلن فصيل "قوات شباب السنّة" التابع للجبهة الجنوبية في المعارضة السورية المسلحة، أنه استهدف فجر الأربعاء رتلاً عسكرياً لقوات النظام والمليشيات الإيرانية على أوتوستراد دمشق–درعا الدولي أثناء توجهه لمدينة درعا. كما أعلن "الفوج الأول مدفعية" التابع للجبهة الجنوبية استهداف رتل آخر على الطريق الدولي بالقرب من بلدة خربة غزالة في ريف درعا، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الرتل، وتدمير آليات.
وعاد طيران النظام إلى ارتكاب مجازر بحق المدنيين للضغط على المعارضة في جنوب سورية لإخضاعها. وأفاد الناشط الإعلامي، أحمد المسالمة، لـ"العربي الجديد" أن طيران النظام ارتكب أمس الأربعاء، مجزرة في مدينة طفس في ريف درعا، جراء استهدافه مدرسة وسط المدينة تأوي مهجرين من بلدة عتمان، مما أدى إلى مقتل ثمانية منهم. وأشار إلى أن الحملة العسكرية من قوات النظام والمليشيات المساندة لها على مدينة درعا "مستمرة"، موضحاً أن القصف بالبراميل والغارات الجوية والقذائف الصاروخية والمدفعية لم يتوقف على الأحياء المحررة بدرعا المدينة، وهي: المخيم، طريق السد، درعا البلد. وأكد استمرار الاشتباكات على أطراف مخيم درعا وحي طريق السد وحي سجنه بمختلف صنوف الأسلحة.