إيران تتخلى عن الدولار في مبيعات النفط

11 فبراير 2016
إيران تتجه لبيع نفطها باليورو بدل الدولار (Getty)
+ الخط -

لم يجف الحبر الذي وقعت به المجموعة الدولية (5 +1) اتفاقية رفع الحظر عن إيران، حتى انقلب نظام طهران على أميركا في التحالف الروسي الصيني للتخلي عن البترودولار، وهو ما يعني تخلي نظام طهران عن الدولار في مبيعات النفط وربما لاحقاً في صفقات تجارية أخرى.
وحسب تجار نفط غربيين، فإن شركة النفط الوطنية الإيرانية، طلبت في عقود مبيعاتها الأوروبية التي صيغت بعد رفع الحظر، على أساس أن تسلم قيمة النفط المباع باليورو وليس بالدولار. كما قالت المصادر إن إيران ترغب كذلك في تسلم أموال النفط التي كانت محتجزة في البنوك الأجنبية باليورو وليس بالدولار.
ولدى إيران أموال محتجزة بالخارج تقدر بحوالى 55 مليار دولار، حسب التقديرات الأميركية، تسلمت منها حتى الآن حوالى 33 مليار دولار. وعلى الرغم من أنه غير المعروف حجم الأموال التي تخص النفط من بين الأموال الإيرانية المحتجزة بالخارج، إلا أن معظم مبيعات النفط قبل رفع الحظر، كانت للهند والصين وباقي دول آسيا. وحسب ما ذكرت مصادر أميركية، فإن الفقرات التي وردت في تعاقدات مبيعات النفط الإيرانية الجديدة في أوروبا تشير بوضوح إلى أن إيران تخلت عن الدولار في تسديد فواتير مبيعات النفط، حيث تقول إحدى فقرات العقود "لقد ذكرنا في فواتير مبيعات النفط، أننا نرغب أن يدفع لنا مشترو نفطنا باليورو وليس بالدولار".
وفي هذا الصدد نسب موقع "أويل برايس" الأميركي، إلى الرئيس التنفيذي لشركة "قمر إنيرجي" التي يوجد مقرها في دبي قوله "من المنطقي أن تطلب إيران تسلم قيمة مبيعاتها النفطية باليورو، لأن معظم الشركات النفطية التي التي تتعامل معها حالياً شركات أوروبية". وتدعو إيران منذ سنوات بتحويل تسعير النفط من الدولار إلى عملات أخرى. وكان مندوب طهران لدى منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) قد قدم طلباً بالتخلي عن الدولار في بيع نفط دول المنظمة في العام 2007. ولكن كان ذلك الطلب في وقت كانت العلاقات بين طهران وواشنطن متوترة لدرجة الغليان وفي زمن رئيس متشدد، ألا وهو الرئيس أحمدي نجاد، الذي كان دائماً ما يصف الدولار بأنه "ورقة لا قيمة لها".
ولكن ما يستغربه اقتصاديون غربيون أن تتجه إيران إلى تحويل مبيعات نفطها من الدولار إلى اليورو في وقت تتحسن فيه علاقاتها مع أميركا من جهة ويرتفع فيه الدولار وينخفض فيه سعر اليورو. ويندهش اقتصاديون في تحول طهران من الدولار في هذا الوقت الذي يعيش فيه اليورو أضعف حالاته وهنالك توقعات أن ينخفض سعر صرف اليورو إلى أقل من دولار وربما يصبح الدولار يساوي 0.95 يورو.

ولكن خبراء استراتيجيات السياسة في لندن، يعتقدون أن تحول الحكومة الإيرانية من الدولار إلى اليورو في مبيعات نفطها في هذا الوقت لا علاقة له بالحسابات الاقتصادية وإنما له كل العلاقة بالحسابات السياسة والتحالفات الجديدة التي تربطها مع النظام الروسي.
ويرون أن التحول إلى اليورو يصب في إطار استراتيجية متكاملة يجري تنفيذها منذ مدة بين موسكو وبكين لإنهاء هيمنة "البترودولار"، أي بيع النفط بالدولار. وتنضم طهران إلى هذه الاستراتيجية بعد التحالف الجاري الآن بين بوتين وحكام طهران في الشرق الاوسط وخطط النفط المستقبلية في العراق واستغلال الممر السوري في تصدير الغاز والنفط.
ويذكر أن النفط يعتبر أهم غطاء للدولار في أعقاب تخلي الرئيس ريتشارد نيكسون في السبعينات عن ربط قيمة الدولار بالذهب. وذلك ببساطة لأن مبيعات النفط اليومية تقدر بحوالى 93 مليون برميل يومياً في الوقت الراهن، كما أن مبيعات براميل "النفط الورقية" في السوق الآجلة تفوق عشرات أضعاف النفط المباع في السوق الفورية. وبالتالي فهي سوق ضخمة تجعل من الدولار العملة المهيمنة في احتياطات المصارف المركزية في أنحاء العالم. ولأهمية النفط فإن جميع الدول تسعى للاحتفاظ بالدولار في رصيدها الأجنبي.
وتمكن الدولار من البقاء كعملة احتياط رئيسية، تفوق نسبتها أكثر من 63% من احتياطات العالم بالعملات الصعبة منذ انهيار نظام "بريتون وودز"، إلا أن هنالك خبراء ومستثمرين يعتقدون أن الدولار مقيّم بأعلى من قيمته الحقيقية. ويرى المستثمر العالمي جيم روجرز، أن القيمة الشرائية للدولار أقل كثيراً عن القيمة التبادلية في سوق الصرف.
ويقول في هذا الصدد، رغم قوة الدولار حالياً في سوق الصرف، إلا أنه في الواقع أن سياسة "التحفيز الكمي" والفائدة الصفرية التي نفذها مجلس الاحتياطي الفدرالي خلال السنوات السبع الماضية سيكون لها تأثير كبير على مستقبل الدولار.
ويذكر أن هنالك تحالفاً جارياً منذ مدة بين الصين وروسيا ودول مجموعة البريكس، ضد هيمنة العملة الأميركية الذي تنضم إليه حالياً طهران. ويعمل هذا التحالف على التخلي عن الدولار في الصفقات التجارية. ومنذ مدة تتخلى روسيا في مبيعات النفط إلى الصين عن الدولار وتستخدم نظام اليوان، كما أن الصين أجرت العديد من الترتيبات مع دول كبرى مثل اليابان والبرازيل والهند لاستخدام سعر تبادلي بين العملات المحلية لهذه الدول واليوان. وتستهدف الصين تدريجياً فك ارتباط سعر اليوان بالدولار، الذي يسبب لها حالياً مجموعة من الأزمات المالية والمضاربات واستخدام وزنها التجاري في إنهاء هيمنة العملة الأميركية.

اقرأ أيضا: فنزويلا تقترح تجميد إنتاج النفط عند مستواه الحالي
المساهمون