وحسب تسريبات من المعارضة السورية، فإن "المبادرة المعدّلة تقضي بوقف إطلاق النار في سورية من قِبل كل الأطراف، وفرض سيطرة ورقابة على الحدود، لمنع مرور ودخول أي مسلحين أو أي دعم للتنظيمات في الداخل، وفتح الممرات لعبور المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية للمدنيين في المناطق المنكوبة، وتشكيل طاولة حوار سوري ـ سوري، على أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية بعدها مباشرة، وتتم إعادة صياغة الدستور، وإجراء عملية استفتاء على دستور سوري جديد، تُجرى على أساسه انتخابات برلمانية جديدة، وإجراء انتخابات رئاسية يشارك فيها عدد من المرشحين".
ورأى نائب رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية هشام مروة، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "إيران لم تعرض أي جديد خلال مبادرتها المعدّلة، وهو ما عرضه (الرئيس السوري) بشار الأسد في خطابه مطلع عام 2013، والذي كان يتطلع فيه إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء تعديلات دستورية، وإبقاء كامل السلطات بيده بالإضافة إلى مراكزه الأمنية".
وأوضح مروة أن "التحركات الإيرانية الروسية الجديدة، تأتي في إطار مساعي دعم النظام السوري في مواجهة تقدم المعارضة في العديد من الجبهات، وإعادة تفعيل معارك الجنوب والساحل". ولفت إلى أن "جميع التحركات التي تقودها روسيا وإيران لن تجدي نفعاً من دون التفاوض مع الممثلين الفعليين للثورة، وأي حوار أو مؤتمر وطني عام أو جمعية تأسيسية، لا يفضي إلى رحيل الأسد، لن يعيد الأمن والاستقرار للبلاد".
اقرأ أيضاً: 58 مجزرة في سورية الشهر الماضي
وأشار إلى أن "البنود الأولى من المبادرة، وهي وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لكافة المناطق وإطلاق سراح المعتقلين، بحسب ما تم تسريبه، ينبغي على النظام القيام به بمقتضى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. في حين تهدف عبارة الحكومة الوطنية الواردة في التسريبات، إلى الهروب من استحقاقات بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2118، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات. الأمر الذي يعني عدم وجود أي مكان للأسد في المرحلة الانتقالية في مستقبل سورية". وأوضح مروة أنه "لم يتم عرض هذه المبادرة على الائتلاف الوطني من قبل أحد".
في المقابل، أفاد عضو الهيئة السياسية لـ"الائتلاف" بدر جاموس، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، بأن "الائتلاف تلقّى دعوة من الخارجية الروسية لزيارة موسكو في 12 و13 أغسطس/ آب الحالي". وأضاف أنه "خلال اليومين المقبلين، سيتم تأكيد موعد الزيارة، وسيتم وضع البرنامج وتحديد أسماء الأشخاص الذي سيتوجهون إلى موسكو".
وقال جاموس إن "الدعوة محل ترحيب من الائتلاف وبإمكان دور موسكو ومكانتها الضغط على النظام السوري للقبول بالحل السياسي". ونفى أن تكون الدعوة موجهة لأطراف سورية أخرى، مضيفاً "سنستمع من الروس ونعرف ما لديهم وسنرحب بأي جهد للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية".
من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، يوم الثلاثاء، أنه "متفق مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية". وأضاف بان في تصريحات لوسائل الإعلام، عقب اجتماعه مع أوباما في البيت الأبيض، بأنهما "متفقان بالكامل بشأن الأوضاع في سورية، ونحن على الصفحة ذاتها بالكامل، في ما يتعلق بقضايا المنطقة". وأوضح أن "الأمم المتحدة تعمل على تشكيل خلية عمل لتفعيل بيان جنيف لإيجاد مخرج سياسي للأزمة السورية". وشدد على أن "المنظمة الدولية تعمل بأفضل ما لديها لتقديم المساعدة الإنسانية إلى المحتاجين في سورية". أما أوباما فأكد أنه "اتفق وبان على ضرورة إيقاف القتل والتوصل إلى عملية سياسية معقولة، تستطيع أن تقود إلى استقرار البلاد والانتقال لحكومة تمثل الشعب السوري".
ويأتي التحرك الإيراني في وقت تشهد المنطقة فيه تحركات دبلوماسية دؤوبة لإحداث اختراق في الملفات الدموية العالقة، وعلى رأسها الملف السوري المستعصي على كل حلّ حتى الآن، والتي شملت عواصم كثيرة معنية بدءاً من دمشق وطهران والدوحة وصولاً إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور التي التقى فيها كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف.
وتحاول إيران إيجاد قنوات جديدة مع الدول، على الرغم من معرفتها التامة بعدم جدواها، كونها طرف أساسي في الصراع، وإن كانت جدية بإيجاد حل سياسي، فسوف يتمّ ذلك عبر الأمم المتحدة التي عرقلت مساعيها في الكثير من الأوقات، وأولها رفض الاعتراف ببيان جنيف منذ عام 2012، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات. كما تُدرك طهران استحالة تنفيذ مخرجات المبادرة المعدّلة بسبب عدم قبول فصائل المعارضة الفاعلة على الأرض بالطرح الإيراني.
اقرأ أيضاً: إيران تتحرك سوريّاً: مبادرة معدّلة لـ"حلّ سياسي"