إطعام الطيور

26 مارس 2019
عمل لسارة غودناف
+ الخط -

تعرّفت على عالِم رياضيات متقاعد، يقول بلهجته الكتالانية الريفية، إنه أضاع عمره سدى، في بلد كل من فيه به مسٌّ من الكيخوته.

نشرب قهوتنا المرة ـ بعد أن علّمته كيفية صناعتها ـ فيقول إن العمر لو عاد به للبداية، لاختار مهنة إطعام الطيور، سواء في حديقة حيوان أو في براح الشارع.

يقول: أضعت عمري في علْم متجهم شحيح المسرّات. يقول: لم أعد أحبّ في هزيعي الأخير غير البشر العاطفيين. فالعقل طارئ على البشرية، وليس من المكوّنات الأصيلة لمتسلّقي الأشجار.

قال: أكثر ما يضحكني الآن هو قراءة كتب الفلاسفة ثقال الوزن والدم.
إنهم مهرطقون، يصعدون جداراً أملس، ويتساقطون دون أن تشعر بهم زوجاتهم أو الطبيعة.
نشرب الفنجان الثاني، وإذا بعالم الرياضيات يغفو على الكرسي، هناك في شرفة بيته، في شارع ريباو.

يغفو، فلا أستغرب، لأن رجلاً في أواخر الشعاع، لا بد أن ينام خلال الحديث، سواء شرِبَ قهوة مرة، أو حليبَ سِباع.
عادي.

صديق قليل النصيب من الفرح، ولا يحب العقل، لا بد أن ينام في نهاية المطاف.
ثم إنني مثله، حتى لو لم أكن مرة فالحاً في الرياضيات. فقط يكمن الفرق، في أنه مُستجَدّ على قهوتنا، بينما أنا مدمن.


* شاعر وكاتب فلسطيني مقيم في برشلونة

المساهمون