إسطنبول تحسم الانتخابات التركيّة

30 مارس 2014
تضمّ إسطنبول خُمس الناخبين الأتراك (بولنت كيليتش، getty)
+ الخط -

تضم مدينة إسطنبول خُمْس الناخبين الأتراك ممّن يدلون بأصواتهم في الانتخابات المحلية، اليوم الأحد، وهو ما يؤكد صحة المقولة التي تفترض أن "مَن يفوز في إسطنبول، يفوز بتركيا"، والتي ردّدها كل من رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليتش دار أوغلو، في أكثر من مناسبة.

لم ترفع حركة "الفكر الوطني" (ملّي غوروش)، التي أسسها نجم الدين أربكان، والتي يُعتبَر حزب أردوغان "العدالة والتنمية"، وريثها اليوم، يدها عن إسطنبول منذ فازت في الانتخابات البلدية عام 1994. ويسعى أردوغان إلى مواصلة المشوار مع رئيس البلدية الحالي، قادير طوباش، الذي لا يزال في منصبه منذ عشر سنوات.

وكان طوباش قد حصل على نسبة 45 في المئة من أصوات سكان أكبر المدن التركية، وأكثرها ازدحاماً عام 2004. واستطاع مواصلة المشوار بعدما حصد 44 في المئة من الأصوات عام 2009، وسيكون بإمكانه الحفاظ على منصبه إذا حقق نسبة الأصوات ذاتها في الانتخابات اليوم.

ولا تشعر إدارة حزب العدالة والتنمية بالقلق إزاء احتمال ضياع بلدية إسطنبول في استحقاق اليوم، وخصوصاً أن أردوغان يتمتع بشعبية واسعة فيها، ولا سيما أنه بدأ مشواره السياسي كعمدة لها، حيث تمكن من تحقيق العديد من المشاريع الناجحة، وهو ما يُجمع المراقبون على أنه مهّد له الطريق أمام رئاسة السلطة التنفيذية.

هكذا، تلعب حكومة "العدالة والتنمية" بأوراق رابحة، منها مشروع مترو "مرمرة" الذي يربط شطري المدينة الأوروبي والآسيوي بعضهما ببعض من تحت مياه البوسفور. وهو المشروع الذي افتتح نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. كما تراهن على ورقة خطوط المترو الأخرى في المدينة، والجسر المعلّق الثالث، وغيرها من المشاريع التنموية والخدمية التي تصب في صالح الحزب.

أما "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، فيسعى هذه المرة للمنافسة بقوة على بلدية إسطنبول، بواسطة مرشحه القوي مصطفى ساري غول، رئيس بلدية مقاطعة شيشلي في إسطنبول، الذي تعوّل عليه إدارة الحزب كثيراً من أجل تغيير العادة التي لم يقطعها أردوغان منذ 20 عاماً.

وإذا لم يستطع ساري غول الفوز في انتخابات اليوم، وحصل على نسبة أصوات أعلى من تلك التي حصدها رئيس الحزب الحالي، كمال كليتش دار أوغلو، في انتخابات عام 2009 بنسبة 37 في المئة، فإن ذلك سيلهب الصراع على مقعد رئاسة حزب مصطفى كمال، وخصوصاً أن كليتش دار أوغلو تمكن من الوصول إلى منصبه بفضل "النجاح" الذي حققه في الانتخابات البلدية في إسطنبول أمام مرشح الحزب الحاكم في حينها.

من جهته، يدخل حزب الحركة القومية، اليميني المتطرف، إلى المنافسة على بلدية إسطنبول بمرشحه الشاب، رجل الأعمال، راسم أجار، المتخصص في شؤون تخطيط المدن والمواصلات والكوارث. وكان أجار ذاع صيته بعدما أبدى دعمه للتظاهرات المناهضة للحكومة التي شهدها متنزّه "جيزي بارك" وميدان "تقسيم" في إسطنبول، صيف العام الماضي.

أما حزب "الشعب الديموقراطي"، "شقيق" حزب "السلام والديموقراطية"، الناطق باسم القومية الكردية، فيخوض انتخابات اسطنبول بمرشحه، سرّي ثريّا أوندر، الذي اكتسب شهرته بسبب دوره في مفاوضات السلام الجارية بين السلطات وزعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، من جهة، ولمشاركته في تظاهرات "جيزي بارك" المناوئة للحكومة من جهة أخرى. ويركز أوندر على الفوز بأصوات داعمي القضية الكردية واليساريين والمثقفين من أبناء إسطنبول.

ويوجّه البعضُ الانتقادات لترشح أوندر أمام ساري غول، لاعتقادهم أنه ربما يفتّت الأصوات التي قد تذهب لساري غول، الذي يؤمنون أن بإمكانه الفوز في الانتخابات في مواجهة مرشح حزب العدالة والتنمية. والسبب في ذلك أن الناخبين من ذوي الفكر اليساري، سيكون عليهم المفاضلة بين ساري غول وأوندر، وهو ما سيصبّ في صالح طوباش بكل تأكيد.

وبالنسبة للحالة العامة للانتخابات في مقاطعات إسطنبول، فيسيطر حزب العدالة والتنمية حالياً على 26 مقاطعة من أصل 39، فيما يبسط حزب الشعب الجمهوري نفوذه على الـ13 مقاطعة الباقية. وسيبذل مرشحو كل حزب جهداً كبيراً لحصد أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات المقبلة، لانتزاع ما يستطيعون من مقاطعات من الحزب المنافس.

ويدخل "العدالة والتنمية" انتخابات المقاطعات في إسطنبول بمرشحيه الذين فازوا في الانتخابات الماضية، باستثناء مقاطعات أوسكودار وكوتشوك شكمجه وغازي عثمان باشا، التي قدّم فيها ثلاثة مرشحين جدد، ليظهر بذلك أنه يخوض الانتخابات بثقة تامة.

ويخطط حزب الشعب الجمهوري لاستخدام فزّاعة "الفكر المحافِظ" لتوجيه ضربة لتفوّق حزب العدالة والتنمية في بعض المقاطعات، في الوقت الذي جدّد فيه لمرشحيه في مقاطعات باقر كوي وقاضي كوي وبشيكتاش وشيشلي، التي تعتبر "قلاع" الحزب في كبُرى المدن التركية.

أخيراً، يرى البعض أن الأحداث التي عاشتها تركيا عقب ظهور الاتهامات الموجهة للحكومة بالفساد والرشوة، فضلاً عن إقدام السلطات التركية على حجب موقعَي "تويتر" و"يوتيوب"، ستؤثر سلباً على نسبة أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية، فيما يعتقد آخرون أن هذه الأحداث ستزيد من قوة الحزب. أما الصورة الحقيقية، فستتضح معالمها مع إغلاق صناديق الاقتراع وبدء ظهور النتائج الأولية.

المساهمون