إسرائيل تبتزّ روسيا ضد إيران بورقة العقوبات الغربية

04 مايو 2018
أعرب ليبرمان عن تقديره للعلاقات مع روسيا(كيريل كدريافتسيف/فرانس برس)
+ الخط -
مع اقتراب 12 مايو/أيار الحالي، الموعد المفترض لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب موقفه من الاتفاق النووي مع إيران، دخل وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، على خط الضغط على روسيا لدفعها إلى التخلي عن تحالفها مع إيران، في ملفي الاتفاق النووي، وسورية، مستخدماً لغة الابتزاز السياسي بورقة عدم التزام دولة الاحتلال بالعقوبات المفروضة على روسيا، ومطالبة موسكو بـ"رد الجميل". ووجّه ليبرمان، أمس الخميس، خطابا إلى موسكو، بنبرة ابتزاز لا تخلو من التهديد المبطّن، مستغلاً موضوع العقوبات الغربية على موسكو التي لم تتجاوب معها تل أبيب، ومطالبته روسيا بأخذ مصالح بلاده في الاعتبار، في الشرق الأوسط، وتحديداً في الصراع مع إيران. مقابل هذا المشهد، تتصاعد تحذيرات دولية من مغبّة الانسحاب من الاتفاق، بما يشكّل ذلك خطراً على المنطقة.

وفي جديد الحراك الإسرائيلي المتصاعد حول إيران وملفها النووي، نبّه ليبرمان روسيا إلى قرار حكومته بعدم المشاركة في تطبيق العقوبات الغربية على موسكو، وطلب من الأخيرة رد الجميل بانتهاج سياسة أكثر دعماً لمصالح إسرائيل في ما يتعلق بسورية وإيران. وقال ليبرمان، في مقابلة مع صحيفة "كوميرسانت" الروسية نُشرت أمس: "نحن نقدّر هذه العلاقات مع روسيا"، مضيفاً "حتى عندما ضغط علينا شركاؤنا المقربون مثلما حدث في قضية العقوبات على روسيا، لم ننضم إليهم". وتابع "دول كثيرة طردت، في الآونة الأخيرة، دبلوماسيين روساً. ولم تشارك إسرائيل في هذا التحرك".

وقال ليبرمان "نحن نأخذ مصالح روسيا في الاعتبار، ونرجو أن تأخذ روسيا مصالحنا في اعتبارها هنا في الشرق الأوسط. ونتوقع تفهماً من روسيا ودعماً عندما يتعلق الأمر بمصالحنا الحيوية". وأضاف: "ليست لدينا نيّة للتدخل في شؤون سورية الداخلية. وما لن نتهاون فيه هو تحويل إيران لسورية إلى طليعة ضد إسرائيل". واعتبر ليبرمان أن الاتفاق النووي لم يحرم إيران بصفة دائمة من امتلاك القدرة على صنع القنابل النووية، مشيراً إلى ما حدث في الحرب العالمية الثانية. وقال "هذه الصفقة يجب أن تُعامل بالضبط معاملة اتفاق ميونخ"، مشيراً إلى سياسة الاسترضاء البريطانية تجاه ألمانيا النازية عام 1938. وأضاف "تماماً مثلما حدث فيما حاولوا أن يفعلوه مع هتلر، سينتهي بنا الحال إلى دفع ثمن باهظ جداً". وفي إشارة إلى ما تدعو إليه القيادة الإيرانية من تدمير إسرائيل، أبدى ليبرمان أمله في "رد واضح وقاطع" من روسيا، التي وصفها بأنها "مثابرة" في تذكّر أحداث الحرب العالمية الثانية.
كلام ليبرمان جاء في ظل أجواء حرب تحيط بإسرائيل، كانت آخر مؤشراتها موافقة الكنيست، أمس، على قانون يمنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن، ليبرمان، سلطة إعلان الحرب في "الظروف القصوى"، من دون الحصول على موافقة مجلس الوزراء بالكامل.


في المقابل، لا يبدو أن موسكو تلقّفت سريعاً الرسالة الإسرائيلية، إذ كان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يتحدث عن ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي. ودعا لافروف إسرائيل إلى تقديم المعطيات حول استمرار إيران في برنامجها النووي إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال امتلاكها مثل هذه الوثائق. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي، في عمّان أمس: "إذا كانت إسرائيل أو أي أحد، قد حصل على وثائق تؤكد، كما يقولون، استمرار خطط تطوير أسلحة نووية في إيران، فيجب تقديم هذه الوثائق فوراً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وحذّر لافروف من أنه في حال أعلنت الولايات المتحدة خروجها من الاتفاق النووي، "فنحن جميعاً، المجتمع الدولي، سنفقد إحدى أهم الأدوات التي تسهم في تأمين نظام منع انتشار أسلحة الدمار الشامل". وأضاف: "كما أكد رئيسنا مراراً، بما في ذلك خلال المكالمة الهاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن هذا الاتفاق يجب أن تتمسك به كل الأطراف التي توصلت إليه سابقاً من دون أي شروط".

في غضون ذلك، كانت إيران ترفع سقف خطابها، معلنة أنها ترفض أي تفاوض على الاتفاق النووي، ومحذرة من سقوطه. وأعلن مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الخارجية، علي أكبر ولايتي، أن طهران "لن تبقى" في الاتفاق النووي في حال انسحبت واشنطن منه، كما نقل عنه موقع التلفزيون الرسمي الإيراني، أمس. كما قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن مطالب ترامب بتغيير الاتفاق النووي غير مقبولة. وفي رسالة مصورة نُشرت على "يوتيوب" أمس، شدد ظريف على أن "إيران لن تعيد التفاوض على ما تم الاتفاق عليه قبل سنوات وجرى تنفيذه". وأضاف أن الولايات المتحدة "دأبت على انتهاك الاتفاق النووي، ولا سيما بتخويف الآخرين، لمنع الشركات من العودة إلى إيران".

وكان السفير الإيراني إلى بريطانيا، حميد بعيدي نجاد، قال في مقابلة الأربعاء، إنه "لن يعود هناك اتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة"، لأن "قسماً كبيراً من الاتفاق تم الإخلال به وانتهاكه بشكل واضح". ولفت إلى أن طهران تدرس سيناريوهات عدة لمواجهة مثل هذا القرار الأميركي، بما فيها استئناف نشاطاتها النووية. ومضى يقول "ربما يتعلق الأمر بتخصيب اليورانيوم أو إعادة تحديد تعاملنا مع الوكالة (الدولية للطاقة الذرية)، كما يتم درس نشاطات أخرى".

في السياق نفسه، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من إلغاء الاتفاق النووي، ما لم يكن هناك بديل جيد ليحل محله. وقال، في مقابلة مع "بي. بي. سي": "إذا توصلنا إلى اتفاق أفضل في يوم ما ليحل محله فلا بأس، لكن يجب ألا نلغيه إذا لم يكن لدينا بديل جيد". وأضاف "أعتقد أن خطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) كانت انتصاراً دبلوماسياً مهماً، وأظن أنه سيكون من الضروري الحفاظ عليها، لكنني أعتقد أيضاً أن هناك حالات سيتعين فيها إجراء حوار بنّاء، لأني أرى أن المنطقة في وضع خطر جداً". وتابع قائلاً "أتفهم مخاوف بعض الدول فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في دول أخرى بالمنطقة. لذا أعتقد أن علينا فصل الأمور عن بعضها".

وتأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المؤشرات على أن ترامب حسم خياره بالانسحاب من الاتفاق، إذ نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين في البيت الأبيض ومصدر مطلع على المناقشات الداخلية للإدارة الأميركية، أن ترامب قرر تقريباً الانسحاب. ولفت مسؤول في البيت الأبيض، لم تسمه الوكالة، إلى أنه من الممكن أن يتوصل ترامب إلى قرار "لا يتعلق بانسحاب كامل".

(فرانس برس، رويترز)

المساهمون