إسبانيا: تعويل راخوي على "ثيودادانوس" لتشكيل حكومة ائتلافية

07 اغسطس 2016
راخوي متفائل بإمكانية بناء تحالف مع "ثيودادانوس"(بابلو دومينغيز/Getty)
+ الخط -
لم يفقد زعيم حزب الشعب المحافظ الإسباني، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، ماريانو راخوي، الأمل في تشكيل حكومة وحدة وطنية تخرج إسبانيا من دوامة الشغور السياسي المستفحلة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، بسبب عجز الأطراف السياسية عن إقامة تحالفات تؤدي إلى تشكيل حكومة.

ويبني رئيس حكومة تصريف الأعمال آماله، حالياً، على إمكانية بناء تحالف متين مع حزب ثيودادانوس (يسار الوسط) بعدما عقد لقاءً مع زعيمه ألبرت ريفيرا تتوّج بتفاهمات مبدئية حول ملفات اقتصادية أساسية ستكون في صلب اهتمامات الحكومة المقبلة، منها موازنة الدولة، وخفض العجز العام، وهي الملفات التي تطالب فيها المفوضية الأوروبية حكومة تصريف الأعمال، التي لا يزال راخوي يترأسها، بتدابير محددة يجب اتخاذها في القريب العاجل حال تشكيل حكومة جديدة. وتتعلق هذه التدابير أساساً بخفض النفقات العامة تحت طائلة التعرض لعقوبات اقتصادية بعدما وصل إجمالي العجز العام في إسبانيا، العام الماضي، إلى 5.1 في المائة وتجاوز السقف المسموح به أوروبياً، وهو 4.2 في المائة.

وعلى الرغم من أن لقاءه ريفيرا لم يسفر عن الإعلان عن تحالف بين المحافظين و"ثيودادانوس"، فإن راخوي متفائل بهذه الإمكانية في المستقبل القريب، والتي قد تدعم حظوظه في النجاح بتشكيل حكومة ائتلافية، ذلك أن حزب راخوي على الرغم من حلوله في المرتبة الأولى بالانتخابات التشريعية الأخيرة التي نُظمت في يونيو/حزيران الماضي، لا يشغل سوى 137 من أصل 350 مقعداً في البرلمان. وإذا ما نجح راخوي في استمالة ريفيرا، فإنه سيحصل على دعم 32 مقعداً تابعاً لـ"ثيودادانوس"، ولن يتبقى له سوى البحث عن تأييد ستة نواب آخرين من الأحزاب الصغيرة ليتمكن أخيراً من الحصول على الأغلبية المطلقة المحددة في 176 مقعداً.

غير أن هذا السيناريو المثالي لا تزال عقباته كثيرة، وحتى ريفيرا نفسه لا يزال يمتنع عن إعلان تأييده لراخوي كرئيس للحكومة، علما أنه مستعد للامتناع عن التصويت لتمكين راخوي من تشكيل حكومة أقلية، وهو نفس الموقف الذي ينادي به الحزب الاشتراكي.

وباءت جهود راخوي لاستمالة المعارضة الاشتراكية بفشل ذريع بعد اجتماع عقده، الثلاثاء الماضي، مع رئيس الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز الذي رفض تلبية مطالب المحافظين بالدخول في تحالف كبير وإبرام اتفاق يتمخض عن تشكيل ائتلاف حكومي يخرج البلاد من الأزمة السياسية. وبعد هذا اللقاء، صعّد سانشيز من انتقاداته للمحافظين مؤكداً أن "اليسار لن يدعم اليمين وما على الأحزاب اليمينية سوى الاتفاق بينها أولاً".

غير أن سانشيز، وفي حركة سياسية ماكرة، لم يستبعد في الوقت ذاته امتناع حزبه عن التصويت على الثقة ليتيح لراخوي تشكيل حكومة أقلية، وهو السيناريو الذي بات الاشتراكيون يفضلونه لسببين: أولاً، تفادي التحالف مع الخصم السياسي التقليدي وعدم إثارة غضب المتعاطفين مع الاشتراكي. وثانياً، ضمان حكومة أقلية هشة يستطيع تكسيرها متى شاء مستقبلاً. علماً أن سانشيز لا يزال يحتفظ بمرارة ذكرى محاولته تشكيل حكومة في فبراير/شباط الماضي، التي باءت بالفشل بسبب عدم تعاون المحافظين. واعتبر راخوي أن الرفض الاشتراكي بمثابة عرقلة منظمة لجهوده في تشكيل حكومة هدفها الذهاب بالجميع إلى انتخابات جديدة ستكون، بحسب تعبيره، "ضرباً من العبث والجنون".

وبحسب بعض المراقبين، فإنه على الرغم من هذه الخلافات بين المحافظين والاشتراكيين و"ثيودادانوس"، فإن ثمة خيطا مشتركا أساسيا يجمعهم ضد بقية أطراف الساحة السياسية وخصوصاً "بوديموس"، والقوميين الكاتالونيين. ويتمثل هذا الخيط في رفض تنظيم استفتاء حول استقلال كاتالونيا، ورفض أي محاولة من أي إقليم كان للانفصال عن الدولة المركزية، وخطر الانفصال قد يشكل في حد ذاته مبرراً لتتكتل هذه الأطراف الثلاثة في حكومة ائتلافية هدفها منع تقسيم البلاد.

واللافت في تموّجات المشهد السياسي الإسباني المعقد، أنّ حزب "بوديموس" (اليساري الراديكالي)، صار يلتزم الصمت ويتعامل كأن قضية تشكيل حكومة لا تعنيه. والواقع، أن "بوديموس" لا يزال تحت وقع صدمة نتائج الانتخابات الأخيرة. فهو كان شبه متأكد بأنه سيكتسح هذه الانتخابات ويفوز بغالبية مطلقة تمكنه من تشكيل حكومة وتسيير البلاد وفق ما كانت تنشره العديد من استطلاعات الرأي التي كانت تتنبأ بهزيمة مدوية للحزبين الشعبي المحافظ والاشتراكي، وبفوز كبير لـ"بوديموس" وزعيمه الشاب بابلو إغليسياس، والذي لم يحصل في النهاية سوى على 71 مقعداً.


دلالات
المساهمون