قد يكون من المفيد لنا الاطلاع على تجارب الأمهات في بعض الدول، لنتعرف على نماذج قانونية متطورة تتيح للأسر أن ترعى أطفالها، بشكل لا يعيق وظائفها ولا إنتاجيتها في المجتمع. ولكي نقارن بين ما هو متاح للأمهات في الدول المتقدمة ودول العالم النامي من تقديمات ورعاية ودعم، يمكننا قراءة ما توفره منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمات إنسانية دولية من معلومات.
أيسلندا لديها أعلى معدّل للأمهات العاملات في العالم. وتبلغ نسبة من لديهن أطفال من عمر 15 سنة وما دون نحو 85 في المائة. في عام 2012 صدر قانون يعرف بسياسة 5-2-5، والمقصود به منح الأم خمسة أشهر إجازة أمومة، ثم شهرين يتقاسمها الوالدين، ثم يليهما خمسة أشهر إجازة للأب. ما يعني أن الطفل يبقى بحضانة والديه عاماً كاملاً. في العام الأول تكون الأجور مدفوعة بالكامل. وفي حال اختار الأبوين رعاية طفلهما لعام ثانٍ، يحصلان على إجازة مقابل 80 في المائة من رواتبهما.
السويد لديها مرونة في إجازات الأمومة، فالحكومة تمنح الأم والأب إجازة قدرها 480 يوماً، مع حرية تقاسمها بينهما بالشكل والتوقيت المناسبين لهما. يمكن الاستفادة من هذه الإجازة بشكل متواصل، أو تجزئتها، بحيث تبقى سارية المفعول إلى أن يبلغ الطفل الثماني سنوات من عمره. وخلال أيام الإجازة، يأخذ المستفيد منها، الأب أو الأم، 80 في المائة من الراتب. كما يحق لهما تمديد الإجازة إلى أكثر من 480 يوماً، مقابل تخفيض نسبة من الراتب مع حفظ حقهم في الوظيفة.
الدنمارك تعطي الوالدين إجازة أمومة وأبوّة لمدة عام كامل. تأخذ الأم منها في البداية 18 أسبوعاً، أي نحو أربعة أشهر، ثم يليها أسبوعان للأب، أما الأسابيع الـ 32 المتبقية فيتم تقسيمها بين الوالدين. ويحصل العمال المهرة واليدويون على 90 في المائة من رواتبهم، وفي حال كانوا في مهنة غير يدوية، فيتقاضون 50 في المائة من أجرهم خلال تلك الإجازة. وتجدر الإشارة إلى أن 84 في المائة من الأمهات اللواتي لديهن أطفال من عمر 15 سنة وما دون، هن عاملات.
فرنسا من البلدان الأوروبية التي عانت من انخفاض عدد الولادات وتزايد أعداد الكبار في السن. لذلك سعت الحكومة إلى تشجيع النساء على الإنجاب عبر توفيرها برامج لإجازة أمومة وأبوة مشجعة. واقتربت فرنسا من تحقيق التوازن، فالمرأة الفرنسية تنجب حالياً في المتوسط نحو 2.1 طفل، كما أن 74 في المائة من الأمهات هن من العاملات. وتحصل الأم الفرنسية على إجازة أمومة مدتها 16 أسبوعاً مدفوعة بالكامل، كما يمنح الآباء إجازة أبوة 11 يوماً متتالية. كما يشمل النظام الفرنسي مزايا مالية وإعانات شهرية للعائلات.
هولندا من الدول التي يحظى الأطفال فيها بأفضل منزلة مقارنة بأطفال العالم. وقد يعود السبب إلى أن الموظف الهولندي يقضي أقصر أسبوع عمل في العالم، ويبلغ متوسطه 29 ساعة أسبوعياً. والقوانين الهولندية تجعل من الممكن للعمال تقليل ساعات عملهم مع الاحتفاظ بوظائفهم، والعمل بالساعة، مع رعاية صحية مناسبة وفوائد.
وثلاثة أرباع النساء الهولنديات وربع الرجال يعملون بدوام جزئي. وإجازة الأمومة المدفوعة الأجر تصل إلى 16 أسبوعاً. كما يعطى الوالدان الخيار للاستفادة من 26 أسبوعاً إجازة لرعاية أولادهم حتى عمر الثماني سنوات.
فنلندا تمنح الأمهات إجازة أمومة لمدة 18 أسبوعاً، ويضاف إليها 26 أسبوعاً يتقاسمها الوالدان بينهما. وتتيح البلديات المحلية في فنلندا نظام الرعاية النهارية، المتوفرة للأطفال دون سن السابعة، مع رسوم تتفاوت تبعاً لحجم الأسر ومستوى دخلها. ويحق للوالدين أن يقررا عدم الاستفادة من خدمة الرعاية النهارية وتقاضي بدل شهري لرعاية أطفالهم حتى سن الثالثة. وتبقى وظائفهم محفوظة خلال تلك الفترة. كما يمكن للوالدين أن يخفضوا ساعات عملهم إلى حين وصول الطفل إلى عامه الثاني في المدرسة.
النرويج تعزز المساواة بين الرجال والنساء في العمل وفي البيت أيضاً. وهي البلد الأول الذي منح إجازة أبوّة. ولكن القانون يمنح الأب إجازة قدرها 10 أسابيع عليه القبول بها وإلا يفقدها. الأم تستفيد من إجازة مدتها ثلاثة أسابيع قبل الولادة، وستة أسابيع بعد الولادة. ويستفيد الأبوان من 46 أسبوعاً يتقاسمانها مدفوعة الأجر بالكامل، و56 أسبوعاً يتقاضى المستفيد منها بينهما 80 في المائة من أجره. كما أن لدى الحكومة نظام رعاية نهارية يقدم الكثير من التسهيلات.
كندا توظف نحو 71 في المائة من الأمهات، وهو معدل أعلى مما هو عليه في الولايات المتحدة الأميركية. وإجازة الأمومة في كندا تصل إلى 17 أسبوعاً للأمهات، و35 أسبوعاً إضافياً يتقاسمها الوالدان بينهما. وتدعم الحكومة توظيف الأمهات وإجازات الأمومة وليس القطاع الخاص. وتقدم كندا علاوات شهرية للأسر لرعاية أطفالهم حتى سن 18 سنة. كما تحصل على 100 دولار إضافي شهرياً لكل طفل تحت سن ست سنوات.
اقرأ أيضاً: رجال ألمانيا يحظون بـ"إجازة أبوّة" لا يستغلونها