أول مؤتمر صحافي لـ"القاعدة": لسنا "داعش"

13 ديسمبر 2014
هل دخل "القاعدة" عصراً إعلامياً جديداً (طوني كارومبا/فرانس برس)
+ الخط -
شارك صحافيون غربيون من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، يمثّلون وكالاتٍ إخباريّة ومؤسساتٍ إعلاميّة بارزة، في أول مؤتمر صحافي يعقده تنظيم "القاعدة" في تاريخه. وخلال أكثر من 40 دقيقة استغرقها المؤتمر الصحافي، أجاب أحد قيادات التنظيم في جزيرة العرب عن الأسئلة عن بعد، بسبب الظروف الأمنيّة التي قال التنظيم إنها لا تسمح باللقاء الوجاهي مع الصحافيين.

وحمّلت "مؤسسة الملاحم"، الذراع الإعلامية لفرع التنظيم في اليمن، على موقع "يوتيوب" هذا الأسبوع، تسجيلاً بالصوت والصورة لوقائع المؤتمر الذي عقد في مكان غير معلوم في الثاني من شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي، أي قبل أيام قليلة من عملية الكوماندوس الأميركية الفاشلة في اليمن، والتي أدّت إلى مقتل المصوّر الصحافي الأميركي لوك سومرز، والذي كان محتجزاً لدى تنظيم "القاعدة" في محافظة شبوة اليمنيّة الجنوبيّة.

ومثّل تنظيم "القاعدة" في المؤتمر الصحافي، شيخ ملتحٍ يبدو من ملامحه أنّه لم يتجاوز الأربعين من عمره، وجرى تقديمه باسم "نصر بن علي الآنسي". ولم يكشف عن مستواه القيادي، لكن من المرجح أن يكون من القيادات التي جرى تصعيدها إلى الصف الأول في التنظيم حديثاً.

وأشارت مؤسسة "الملاحم" في بداية التسجيل (43 دقيقة) إلى أنّ تنظيم "القاعدة" التزم بعرض الأسئلة مثلما وردت من الصحافيين، دون أي تغيير أو حذف. وعلمت "العربي الجديد" من مشاركين في المؤتمر الصحافي، أنّ الفترة الزمنية الفاصلة بين طرح الأسئلة وبثّ الإجابات عنها تجاوزت الأسبوعين.

ولم يُظهر تنظيم "القاعدة" أي صورٍ حيّة للصحافيين المشاركين أثناء توجيه الأسئلة، كما لم تُسمع أصواتهم، لكنّ شخصاً لم تُعرف هويّته تولّى قراءة الأسئلة المنسوبة لثلاثة صحافيين غربيين، وعربيَّيْن اثنين. ووفقاً للمعلومات الإيضاحيّة التي تضمّنها التسجيل في بدايته، فإنّ الصحافية ماغي ميشيل مثّلت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية للأنباء، كما مثّل قناة "فرانس 24" الصحافي وسيم نصر.

وشاركت في المؤتمر أيضاً الصحافية أيونا كريغ، وهي مراسلة سابقة لصحيفة "التايمز" البريطانية، وغريغوري جونسن، وهو كاتب ومؤلف أميركي مختصّ في شؤون تنظيم "القاعدة"، ومعد الزكري، وهو صحافي يمني مستقل.

وتمحورت أسئلة المشاركين الخمسة حول وجهة نظر المتحدث بشأن تنظيم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" (داعش) والصراع الحالي المزدوج الذي يخوضه تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" مع كل من الولايات المتحدة من جهة والحراك الشيعي الحوثي في اليمن من جهة أخرى.

ورداً على هذه التساؤلات، أكد الآنسي أنّ تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، الذي يشمل في عضويته سعوديين ويمنيين، يتبنّى منهج مؤسس تنظيم "القاعدة" الأساسي أسامة بن لادن في التركيز على محاربة العدو البعيد، (الولايات المتحدةالأميركية، والغرب) قبل العدو القريب (الأنظمة والأعداء المحليين).

وانتقد الآنسي دول مجلس التعاون الخليجي لتغاضيها عن تقدم الحوثيين في اليمن وسيطرتهم على العاصمة لمجرد أنهم يقاتلون أنصار "القاعدة"، مشيرا إلى أن "أي دعم للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح هو دعم غير مباشر للحوثيين".

وعن العلاقة مع "داعش"، قال المتحدث إنّ "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يُعارض إعلان "الخلافة" لأنّ ذلك أدى إلى "تشتيت صفوف المجاهدين استناداً لتأصيل شرعي خاطئ". وانتقد الآنسي ضمنياً ما يقوم به "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" من تصوير لقطع الرؤوس الضحايا، كاشفاً عن حادثةٍ تعود إلى عام 2001، يعتبرها ذات دلالة، وهي تكليف أسامة بن لادن له شخصياً بالتوجّه إلى الفيليبين لكي "يُنهي عن تصوير عمليات القتل، كونها تساهم في تشويه صورة المجاهدين".

من جهته، أكد الصحافي اليمني عبد الرزاق الجمل، المتخصص في شؤون تنظيم "القاعدة" ــ فرع اليمن، صحّة هذه الواقعة في معرض سرده للسيرة الذاتية لنصر الآنسي، حيث كان الجمل قد أجرى حواراً معه نُشر في صحيفة يمنيّة محليّة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.

ويؤكد الجمل كذلك أنّ "المتحدث في المؤتمر الصحافي باسم القاعدة من الجهاديين المخضرمين ممّن تتلمذوا على أيدي أبي الفرج الليبي وأبي حفص المصري وأبي خالد الحبيب، وكان إلى جانب الرجل القوي رقم 2 في تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، القائد العسكري للتنظيم منذ تأسيسه حتى الآن قاسم الريمي، ضمن 24 شخصاً انتقاهم أسامة بن لادن للمشاركة في أقوى دورات تأهيل الكوادر في أفغانستان، قبل أن يتم الاستفادة منهما لاحقاً للتدريب في معسكر الفاروق إلى جانب أفضل خمسة آخرين قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة الأميركية.

وكان للمتحدث باسم تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" نشاطاً إعلاميّاً عبر مؤسسة "السحاب"، وهي أول مؤسسة إعلاميّة تابعة للقاعدة، والتي خَطَت مؤسسة "الملاحم" خطوها.

وكان الآنسي من أوائل الملتحقين بجامعة الإيمان الأصوليّة في اليمن، والتي أسسها الشيخ عبد المجيد الزنداني عام 1993، وذلك قبل أن يتوجه لاحقاً إلى البوسنة للقتال ضد الصرب، ثم إلى كشمير للقتال ضد الهنود، وإلى الشيشان للقتال ضد الروس إلى أن استقرّ به المقام في أفغانستان وعيّنه أسامة بن لادن أميراً على مضافة كابول.

وبعد أحداث سبتمبر/أيلول، كان الآنسي من بين من عادوا إلى اليمن فقبضت عليه السلطات اليمنيّة في المطار، وأودع سجن الأمن السياسي في صنعاء، حتى أُفرج عنه نهاية عام 2002، ومنعته الحكومة اليمنيّة من السفر فعاد إلى جامعة الإيمان للبحث والدراسة إلى جانب نشاطه في أوساط الشباب، مستفيداً من خبراته الميدانية على الأصعدة العسكرية والإعلامية والسياسية، ولكن على النمط الأصولي.
المساهمون