يبدو أن العلاقات التركية الأوروبية ستدخل في الفترة المقبلة، مرحلة من التهدئة، وذلك بعد تجاوز كل من الإدارة التركية والاتحاد الأوروبي الأزمات والسجالات الداخلية التي استوجبت تصعيداً في اللهجة على المستوى الخارجي. وفيما تمكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من تمرير التعديلات الدستورية، تمكن الاتحاد الأوروبي من مواجهة الموجة الشعبوية المضادة له، لا سيما في الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي فاز فيها المرشح المؤيد لأوروبا، إيمانويل ماكرون، على مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، التي تؤيد فكرة خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.
وبعيداً عن تصريحات أردوغان المتوالية خلال فترة الحملات لأجل التعديلات الدستورية، حول إمكانية تخلي أنقرة عن رغبتها بالانضمام للاتحاد الأوروبي، وصولاً إلى إمكانية إعادة حكم الإعدام كخطوة محورية في عملية التخلي هذه، بدت اللقاءات التي أجراها الرئيس التركي، مع كل من رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، على هامش قمة "حلف شمال الأطلسي" في العاصمة البلجيكية بروكسل، الأسبوع الماضي، إيجابية للغاية، إذ اتفق الجانبان على إعادة إحياء العلاقات.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم الحكومة، نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، على رغبة أنقرة بتجاوز التوتر في العلاقات بين الجانبين، وبالتركيز على فتح فصول جديدة في مسيرة انضمام تركيا المتعثرة للاتحاد الأوروبي. وخلال مؤتمر صحافي أعقب اجتماع الحكومة التركية الأسبوعي، يوم الأثنين الماضي، قال كورتولموش: "نود أن نترك التوتر مع الاتحاد الأوروبي وراء ظهورنا. لم نتخلّ عن رغبتنا بالعضوية الكاملة في الاتحاد لأن مواضيع أخرى احتلت أجندتنا المشتركة"، وفق تعبيره.
وكان الرئيس التركي قد أكد من بروكسل أن الاتحاد الأوروبي قد تقدم بخارطة طريق لمدة 12 شهراً للعمل على إعادة إحياء العلاقات بين الجانبين. وتود أنقرة التركيز على فتح فصول جديدة في عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد، لكن يبدو أن الأمر مستبعد أقله في المدى القريب. وبدلاً من ذلك، يود الأوروبيون التركيز على تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي. في المقابل، شدد الجانب التركي على ضرورة التزام الأوروبيين بتقديم منحة الستة مليارات يورو التي تعهد الاتحاد بدفعها لصالح اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي التركية، في إطار اتفاقية إعادة قبول اللاجئين والمهاجرين، والتي تم توقيعها في مارس/آذار من العام الماضي. وأظهرت أنقرة أيضاً أنها متمسكة باتفاقية إلغاء تأشيرة السفر عن المواطنين الأتراك الراغبين في دخول فضاء "شينغين". وقال مصدر دبلوماسي تركي مطلع أن كلاً من يونكر وتوسك وعدا بأن يبذلا ما بوسعهما في إطار مؤسسات الاتحاد في هذا الشأن.
وأشار المصدر إلى أن اللقاء الأول الذي سيعقد بين الجانبين التركي والأوروبي، في 13 يونيو/حزيران الحالي، في إطار خارطة الطريق الجديدة، سيركز على تفعيل اتفاقية إعادة قبول اللاجئين وكذلك تحديث اتفاق الاتحاد الجمركي. وسيتم عقد المحادثات السياسية على مستوى الوزراء في يوليو/تموز المقبل، إضافةً إلى لقاءات بشأن الطاقة والاقتصاد في الأشهر المقبلة، بحسب المصدر نفسه.
اقــرأ أيضاً
وذكر مراقبون أن كلاً من أنقرة وبروكسل تحتاجان لبعضهما في المرحلة المقبلة لأسباب عديدة، يأتي على رأسها تغيير الخارطة الجيوسياسية بعد وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الحكم. وفيما حاول الأخير تطمين أنقرة لناحية تعاون واشنطن مع حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في ما يخص معركة الرقة، إلا أنه لا يبدو أن هذه التطمينات خففت من القلق التركي. ويأتي هذا في وقت يواصل فيه ترامب ضغوطه على الأوروبيين في إطار "حلف شمال الأطلسي"، حتى وصل الأمر بالمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بالحديث عن ضرورة أن "يأخذ الاتحاد الأوروبي مصيره بيديه".
إضافة إلى ذلك، لا يبدو أن إحياء العلاقات التركية الأوروبية سيكون فقط على المستوى الشكلي في ما يخص المعاملات المتبادلة والتعاون حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. بل قد يتجه الطرفان إلى تعاون أكثر عمقاً، وذلك لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها أن الجانبين يصران على الحفاظ على الحد الأدنى من الحوار. وهما يدركان أن وقف الحوار بينهما في الماضي، كان له عواقب سلبية. ومن المنتظر أن يتطرق الحوار إلى مسائل خلافية أساسية. فلم يتردد دونالد توسك، على خلاف ترامب، خلال لقاءات بروكسل، في إثارة مسألة ضرورة الالتزام بالمعايير العالمية لحقوق الإنسان، مما قد يرجح إمكانية فتح الفصل 23 المتعلق بالقضاء والحقوق الأساسية وكذلك الفصل 24 المتعلق بالعدالة والحريات والأمن. وفي هذا الصدد، يرجح المراقبون أن تتبنى الإدارة التركية أداءً أكثر انفتاحاً بعد تجاوز أنقرة تبعات المحاولة الانقلابية في منتصف يوليو/تموز الماضي. وتجلى هذا التوجه مع تشكيل لجنة لإعادة النظر في الاعتراضات على القرارات التي تم اتخاذها في إطار حالة الطوارئ في تركيا.
وقال مصدر دبلوماسي إن أنقرة شددت خلال اجتماعات بروكسل على ضرورة الالتزام باتفاقية إلغاء تأشيرة السفر. لكن المسؤولين الأوروبيين أكدوا أن الكرة في الملعب التركي في هذا الشأن، في ما يتعلق بالمعايير السبعة المتبقية التي لم تطبقها أنقرة من أصل 71 معياراً طالب بها الاتحاد لإلغاء تأشيرة السفر، وفق ما ذكر المصدر نفسه. وأضاف أنه بقي أمام أنقرة توقيع اتفاقية تعاون مع الشرطة الأوروبية (اليوروبول)، فضلاً عن توقيع اتفاقية تعاون قانوني مشترك مع دول الاتحاد، وتجهيز الجيل الثالث من جوازات السفر، وإعادة النظر بقانون حماية المعلومات الشخصية. وتبقى العقدة الأهم في طلب الاتحاد الأوروبي بتخفيف قانون مكافحة الإرهاب، الأمر الذي ترفضه أنقرة بشكل مطلق، إذ من المنتظر أن يتم إحياء الحوار بين الجانبين بشأن هذه المسألة خلال الأشهر المقبلة، وفق تأكيد المصدر الدبلوماسي.
وتوافق الجانبان على واحد من أهم المواضيع التي تشغل أنقرة، وهو تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي بتوسيعها لتشمل إضافة للمنتجات الصناعية، المنتجات الزراعية والخدمات والسماح للشركات التركية بالمشاركة في المناقصات العامة في الاتحاد الأوروبي. وأعلن المجلس الأوروبي في نهاية العام الماضي جهوزيته للبدء بهذه المفاوضات. وبحسب المصدر، فقد تلقى أردوغان خلال الاجتماعات في بروكسل، تقديراً عالياً للجهود التي تبذلها تركيا لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في حين وعد كل من توسك ويونكر ببذل كل الجهود الممكنة لدعم تركيا في قتال حزب "العمال الكردستاني" ومكافحة حركة "الخدمة" بزعامة فتح الله غولن، المتهم بإدارة المحاولة الانقلابية في يوليو/تموز الماضي. لكن المصدر الدبلوماسي يشكك بإمكانية حصول تركيا على مكاسب كبيرة في هذا الشأن، باستثناء التقليص الجزئي لنشاطات "العمال الكردستاني" في أوروبا، دون تسليم أي من أنصار حركة "الخدمة" الفارين إلى أوروبا، ممن حصلوا على حق اللجوء السياسي، وفق تعبيره.
وكان الرئيس التركي قد أكد من بروكسل أن الاتحاد الأوروبي قد تقدم بخارطة طريق لمدة 12 شهراً للعمل على إعادة إحياء العلاقات بين الجانبين. وتود أنقرة التركيز على فتح فصول جديدة في عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد، لكن يبدو أن الأمر مستبعد أقله في المدى القريب. وبدلاً من ذلك، يود الأوروبيون التركيز على تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي. في المقابل، شدد الجانب التركي على ضرورة التزام الأوروبيين بتقديم منحة الستة مليارات يورو التي تعهد الاتحاد بدفعها لصالح اللاجئين السوريين الموجودين على الأراضي التركية، في إطار اتفاقية إعادة قبول اللاجئين والمهاجرين، والتي تم توقيعها في مارس/آذار من العام الماضي. وأظهرت أنقرة أيضاً أنها متمسكة باتفاقية إلغاء تأشيرة السفر عن المواطنين الأتراك الراغبين في دخول فضاء "شينغين". وقال مصدر دبلوماسي تركي مطلع أن كلاً من يونكر وتوسك وعدا بأن يبذلا ما بوسعهما في إطار مؤسسات الاتحاد في هذا الشأن.
وأشار المصدر إلى أن اللقاء الأول الذي سيعقد بين الجانبين التركي والأوروبي، في 13 يونيو/حزيران الحالي، في إطار خارطة الطريق الجديدة، سيركز على تفعيل اتفاقية إعادة قبول اللاجئين وكذلك تحديث اتفاق الاتحاد الجمركي. وسيتم عقد المحادثات السياسية على مستوى الوزراء في يوليو/تموز المقبل، إضافةً إلى لقاءات بشأن الطاقة والاقتصاد في الأشهر المقبلة، بحسب المصدر نفسه.
وذكر مراقبون أن كلاً من أنقرة وبروكسل تحتاجان لبعضهما في المرحلة المقبلة لأسباب عديدة، يأتي على رأسها تغيير الخارطة الجيوسياسية بعد وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الحكم. وفيما حاول الأخير تطمين أنقرة لناحية تعاون واشنطن مع حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في ما يخص معركة الرقة، إلا أنه لا يبدو أن هذه التطمينات خففت من القلق التركي. ويأتي هذا في وقت يواصل فيه ترامب ضغوطه على الأوروبيين في إطار "حلف شمال الأطلسي"، حتى وصل الأمر بالمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بالحديث عن ضرورة أن "يأخذ الاتحاد الأوروبي مصيره بيديه".
إضافة إلى ذلك، لا يبدو أن إحياء العلاقات التركية الأوروبية سيكون فقط على المستوى الشكلي في ما يخص المعاملات المتبادلة والتعاون حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. بل قد يتجه الطرفان إلى تعاون أكثر عمقاً، وذلك لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها أن الجانبين يصران على الحفاظ على الحد الأدنى من الحوار. وهما يدركان أن وقف الحوار بينهما في الماضي، كان له عواقب سلبية. ومن المنتظر أن يتطرق الحوار إلى مسائل خلافية أساسية. فلم يتردد دونالد توسك، على خلاف ترامب، خلال لقاءات بروكسل، في إثارة مسألة ضرورة الالتزام بالمعايير العالمية لحقوق الإنسان، مما قد يرجح إمكانية فتح الفصل 23 المتعلق بالقضاء والحقوق الأساسية وكذلك الفصل 24 المتعلق بالعدالة والحريات والأمن. وفي هذا الصدد، يرجح المراقبون أن تتبنى الإدارة التركية أداءً أكثر انفتاحاً بعد تجاوز أنقرة تبعات المحاولة الانقلابية في منتصف يوليو/تموز الماضي. وتجلى هذا التوجه مع تشكيل لجنة لإعادة النظر في الاعتراضات على القرارات التي تم اتخاذها في إطار حالة الطوارئ في تركيا.
وتوافق الجانبان على واحد من أهم المواضيع التي تشغل أنقرة، وهو تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي بتوسيعها لتشمل إضافة للمنتجات الصناعية، المنتجات الزراعية والخدمات والسماح للشركات التركية بالمشاركة في المناقصات العامة في الاتحاد الأوروبي. وأعلن المجلس الأوروبي في نهاية العام الماضي جهوزيته للبدء بهذه المفاوضات. وبحسب المصدر، فقد تلقى أردوغان خلال الاجتماعات في بروكسل، تقديراً عالياً للجهود التي تبذلها تركيا لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في حين وعد كل من توسك ويونكر ببذل كل الجهود الممكنة لدعم تركيا في قتال حزب "العمال الكردستاني" ومكافحة حركة "الخدمة" بزعامة فتح الله غولن، المتهم بإدارة المحاولة الانقلابية في يوليو/تموز الماضي. لكن المصدر الدبلوماسي يشكك بإمكانية حصول تركيا على مكاسب كبيرة في هذا الشأن، باستثناء التقليص الجزئي لنشاطات "العمال الكردستاني" في أوروبا، دون تسليم أي من أنصار حركة "الخدمة" الفارين إلى أوروبا، ممن حصلوا على حق اللجوء السياسي، وفق تعبيره.