ألقاب عربية: جنون عظمة من دون عظمة

17 يوليو 2020
عادل إمام: ألقاب لامتناهية (خالد دسوقي/ فرانس برس/ Getty)
+ الخط -

مُضحكة هي تلك الأوصاف والألقاب، التي يتعنّت النقد والصحافة السينمائيان المصريان في التمسّك بها، كتمسّك صناعة السينما بها أيضاً. أوصاف وألقابٌ لا طائل منها سوى الإمعان في التشاوف والتصنّع، مع أنّ مطلقيها يظنّونها تكريماً، فإذا بها مدعاة سخرية.

أوصاف/ ألقاب تُمنح غالباً لنجومٍ في التمثيل، كأنّ يُقال "سيدة الشاشة العربية" (فاتن حمامة)، أو "وحش الشاشة العربية" و"ملك الترسو" (فريد شوقي)، أو "الحمامة الوديعة" و"ملاك السينما الطاهر" و"برنسيسة الأحلام" (مريم فخر الدين)، أو "نجمة الجماهير" (نادية الجندي)، أو "راهبة المسرح (والسينما)" (أمينة رزق)، أو "الساندريلا" (سعاد حسني)، أو "فارس السينما" (أحمد مظهر)، أو "الإمبراطور" وغيرها (عادل إمام)، أو "فينوس الدراما" (غادة عبد الرازق)، أو "الأسطورة" (محمد رمضان)، إلخ.

هذه عيّنة. الصحافة الفنيّة في مصر تعتمدها، كالنقد السينمائي والإعلام المرئيّ والمسموع. أوصاف أخرى توضع في "جينيريك" البداية: "ضيف شرف"، الترجمة غير الموفّقة أبداً للتعبير الإنكليزي: Guest Star. أو أنْ يُكتب "الممثل القدير" أو "النجمة" قبل الاسم. وماذا عن ألقابٍ تُلصق بنقّاد وصحافيين أيضاً: الأستاذ الكبير، الناقد الكبير، الأستاذ الدكتور البروفسور، وكلّها ملصقة قبل اسم شخصٍ واحد؟ (يُقال إنّ في مصر إمكانية الحصول على تلك الرُتَب الجامعية كلّها معاً. عجبي).

هذا منسحبٌ على المسرح والغناء أيضاً. لكنّ اللقب أو الوصف أو التعبير الإضافي على الاسم لن يُفيد بشيء. فالفنان يملك وحده قدرة الحضور الطاغي في البيئة والاجتماع والثقافة والفنون، عبر ما يُنتجه من أعمال تُقرأ نقدياً وتنتشر جماهيرياً، والنقد والجمهور مقياسٌ يُعتدّ به إزاء العمل وصانعه. ألقاب كهذه حكرٌ على صحافة فنيّة مصرية (ولبنانية وسورية تحديداً) تنتقص من القيمة الأصلية للصحافة الفنية، التي يُفترض بها الابتعاد عن التسطيح والنميمة والنزاعات الساذجة بين أصحاب تلك الألقاب العفنة، وهذا معروف في صحافة فنية صفراء "تبرع" في صنعها أقلامٌ تنعدم فيها كلّ ثقافة ومعرفة ووعي.

أما "صُنّاع" أفلامٍ ومسلسلات مصرية (ولبنانية وسورية تحديداً)، فـ"يُجْبَرون" على وضع تلك الألقاب في "جينيريك" البداية، لأنّ النجم/ النجمة أكثر طغياناً على المشروع من المخرج والمنتج معاً، اللذين يتحمّلان مسؤولية بلوغ حالة متردية كهذه من الالتهاء بالألقاب، على حساب الجودة والبراعة وقواعد العمل ومتطلّباته الفنية والتقنية والدرامية والجمالية.

يبدو أنّ "جنون العظمة" ضاربٌ في سذاجة نجومية باهتة، إنْ يكن للعظمة الحقيقية مطرحٌ في هذا أصلاً.

المساهمون