أكبر فصائل المعارضة السورية بحلب نحو "جيش موحّد"

28 ديسمبر 2014
أكبر عملية اندماج منذ اندلاع الثورة (كرم المصري/فرانس برس)
+ الخط -
يعدّ الاندماج الذي أعلنته كبرى فصائل المعارضة السورية في مدينة حلب وريفها منذ أيام، تحت اسم "الجبهة الشامية"، أكبر خطوة من هذا النوع؛ وهو يأتي بعد معاناة جليلة جرّاء تفرّق فصائل المعارضة وتشتتها في الأشهر الأخيرة، اللذين سمحا لقوات النظام السوري وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بالتقدّم على حساب قوات المعارضة السورية شمال البلاد.

ويبدو أن الفصائل المسلّحة لن تتوقف عند حدّ التوحّد في إطار الجبهة، وإنما تسعى إلى إنشاء جيش موحّد، يفترض أن يكون الحلّ الأمثل لمشكلة التشرذم وغياب التنسيق.
وأعلن قادة "الجبهة الإسلامية" في حلب و"جيش المجاهدين" وتجمع "فاستقم كما أمرت" وحركة "نور الدين زنكي"، وجبهة "الأصالة والتنمية"، في بيان مصور عن اندماج تشكيلاتهم جميعاً في تشكيل "الجبهة الشامية"، وتعيين قائد الجبهة الإسلامية في حلب عبد العزيز السلامة قائداً عاما للتشكيل الجديد.

والتشكيلات المنضوية تحت التشكيل الجديد، هي أكبر فصائل المعارضة السورية في حلب وأكثرها فاعلية ونفوذاً في مناطق سيطرة المعارضة في حلب وريفها، حيث تنتشر القوات التابعة للجبهة الإسلامية في حلب على خطوط الاشتباك مع تنظيم "داعش" في الريف الشمالي إلى الشرق من مدينة مارع، وفي القرى الواقعة شمالها قرب الحدود السورية التركية.
كما تتصدى قوات تابعة للجبهة الإسلامية، بالاشتراك مع فصائل المعارضة الأخرى في حلب، لمحاولات النظام المستمرة منذ أكثر من شهرين للسيطرة على منطقة الملاح الاستراتيجية، على بعد أقل من خمسة كيلومترات شمال مدينة حلب.
أما "جيش المجاهدين"، فهو تشكيل من كتائب المعارضة السورية في ريف حلب الغربي، ويقاتل قوات النظام السوري على خطوط الاشتباك غرب المدينة. وتنتشر قواته على خطوط الاشتباك في ضاحية عقرب، ومنطقة سوق الجبس، في المنطقة المقابلة لأكاديمية الأسد العسكرية، وهي النقطة العسكرية الأكبر لقوات النظام السوري في حي الحمدانية، جنوب غرب المدينة.

كما تنتشر قوّات "جيش المجاهدين" في ضاحيتي الراشدين الشمالية والجنوبية، المقابلتين لمنطقة البحوث العلمية التابعة لوزارة الدفاع، والتي تقع عند مدخل مدينة حلب من الجهة الغربية، إضافة إلى انتشارها في عدد من أحياء المدينة، وتشارك قوات المعارضة في التصدي لقوات النظام السوري في منطقة الملاح شمال حلب أيضاً.

من جهتها، تشارك حركة "نور الدين زنكي" "جيش المجاهدين" في القتال ضدّ قوات النظام السوري على الجبهات الجنوبية والغربية من مدينة حلب، وتضمّ في صفوفها عناصر من أبناء ريف حلب الغربي. فيما يقاتل تجمع "فاستقم كما أمرت"، وهو تجمع لكتائب المعارضة التي تتشكل في معظمها من أبناء مدينة حلب، قوات النظام السوري على خطوط التماس بين الطرفين في أحياء صلاح الدين، والزبدية، والسكري، جنوب مدينة حلب.
أما جبهة "الأصالة والتنمية"، فهي تعتبر الأضعف والأقل وجوداً وتمثيلاً على الأرض بين التشكيلات المندمجة في "الجبهة الشامية".
وشكّلت الفصائل المندمجة في "الجبهة الشامية" باندماجها، أكبر قوة عسكرية بين قوات المعارضة في الشمال السوري، ذلك أن الفصائل التي بقيت خارج التشكيل الجديد حتى الآن، لا يمكن أن تقارن لجهة القوة العسكرية والسيطرة الميدانية بالفصائل الكبرى التي اندمجت بـ"الجبهة الشامية".

كما يُعدّ هذا الاندماج لكبرى فصائل المعارضة في حلب وريفها، الأول والأكبر من نوعه منذ انطلاق المواجهات المسلّحة بين قوات نظام بشار الأسد وقوات المعارضة قبل نحو ثلاث سنوات. ويوضح قائد تجمع "فاستقم كما أمرت"، صقر أبو قتيبة، لـ"العربي الجديد"، أنّ فصائل المعارضة المتحدة اتفقت على إلغاء جميع مسميات ورايات كتائبها، لتندمج جمعياً تحت اسم "الجبهة الشامية"، التي ضمت معظم قوات المعارضة في حلب وريفها، ولتأتمر جميعاً بأمر قيادة عسكرية ومجلس شورى موحدين.

ويقول أبو قتيبة إنّ "التوحد بين فصائل المعارضة في حلب يهدف إلى توحيد إمكانياتها، والسعي نحو بناء جيش موحّد في المستقبل يتم تنظيمه على أساس التراتبية العسكرية وتقسيم القوات، بحسب اختصاصاتها العسكرية، إلى قوات مشاة ومدفعية ومدرعات، بعيداً عن التقسيمات الفصائلية القديمة. مؤكداً أن المنضمين إلى التشكيل الجديد قدموا كل عناصرهم وعتادهم العسكري لصالح التشكيل، الذي ستتبع له جميع هذه الفصائل بدون أي محاصصة أو تمثيل نسبي لها في قيادة "الجبهة الشامية"، مشيراً إلى أنه لا يمكن لأي فصيل في حال وقع خلاف سحب عتاده وقواته من "الجبهة الشامية"، وإنما ينسحب منفرداً.
ويخلص أبو قتيبة إلى أنّه تم الاتفاق بين قيادة الفصائل المنضوية في إطار "الجبهة الشامية" على اعتماد فترة ثلاثة أشهر كمرحلة انتقالية لاندماج الفصائل المنضوية في التشكيل الجديد، مؤكداً ترحيب قيادة "الجبهة الشامية" بانضمام أي فصيل من فصائل المعارضة إليها؛ سواء كانت في حلب وريفها، أو من فصائل المعارضة في مختلف مناطق البلاد.

ويبدو أن هذا الاندماج لكبرى فصائل المعارضة في حلب وريفها، سيعزّز من موقفها الميداني في مواجهة قوات النظام السوري وتنظيم "داعش"، خصوصاً بعد تمكّن قوات المعارضة أخيراً من التصدي لقوات النظام السوري. وتمنح هذه الخطوة الفصائل أفضلية التنسيق العسكري العالي، عندما تتبع قيادة عسكرية واحدة، في مقابل حالة التشتت والفوضى التي ميزت عملها في السابق، وهو ما سمح لقوات الأسد و"داعش" بالتقدّم.
المساهمون