أفغانستان: متضررو الفيضانات ينتظرون التعويض

07 سبتمبر 2020
دُمّرت منازلهم (وكيل كوسار/ فرانس برس)
+ الخط -

على مدى يومين في أغسطس/ آب الماضي، ضربت موجة شرسة من الفيضانات، مناطق شاسعة في أفغانستان، ما تسبب بأضرار بشرية واقتصادية هائلة، فيما ينتظر المتضررون اليوم تعويضات ربما لن تأتي

وفقاً للحصيلة الرسمية، قتل 190 شخصاً على الأقل في أفغانستان، وأصيب نحو 300، في الفيضانات التي ضربت ولايات عدة، في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من أغسطس/ آب الماضي، بينما تشير أرقام غير رسمية إلى أنّ الخسائر في الأرواح أكثر.
لم يقتصر الأمر على الخسائر والإصابات البشرية، بل طاولت الأضرار المنازل والمنشآت الاقتصادية والمجتمعية. وفي المقابل كان حجم المساعدات ضئيلاً جداً. وفي هذا الإطار، يقول الناشط الأفغاني الذي يدير المساعدات في المناطق المتضررة في إقليم بروان، حافظ سيد مشتاق موحد، لـ"العربي الجديد" إنّ حجم الكارثة أكبر مما ذكر، لكنّ المساعدات التي وصلت إلى هناك كانت من الطعام والشراب والدواء، بينما الناس يعيشون في العراء. يضيف موحد أنّ نحو ألف منزل دمرت بشكل كامل في منطقة هوتيان شريف، ونقاش، وجريكار، والأسر التي كانت تسكن فيها موزعة في مناطق مختلفة، إذ لم تتمكن الحكومة حتى الآن من إيصال خيم لهم، مشيداً بدور عامة الناس والقبائل في إيواء المتضررين داخل منازلهم وحدائقهم.

من جانبها، قالت وزارة التعامل مع الأحداث الطبيعية، في بيان لها بتاريخ أول سبتمبر/ أيلول الجاري، إنّ عمليات الإسعاف مستمرة والمساعدات تصل بشكل متواصل إلى المتضررين، مؤكدة أنّ إحصائياتها تشير إلى أنّ الفيضانات دمرت أكثر من ألف منزل بشكل كامل، بينما دمرت أكثر من ألفي منزل بشكل جزئي، علاوة على  تدمير مناطق زراعية شاسعة. لكنّ الناشط موحد يقول إنّ الأرقام الرسمية ناقصة، كما أنّ المساعدات لم تصل إلى المناطق النائية التي تضررت أكثر، لا سيما في مديريات غوربند وسياه غرد وسالنج، داعياً المؤسسات الدولية والدوائر الحكومية المعنية إلى العمل بجد لأنّ السكان، إلى جانب فقدهم أقاربهم، فقدوا كلّ ما يملكون، لا سيما أنّ معظمهم يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة وتربية المواشي.
وهذا ما يؤكده أحد سكان مدينة جاريكا مركز إقليم بروان التي تضررت بشكل كبير ويدعى فيضان آغا، قائلاً  لـ"العربي الجديد" إنّ الحياة بأكملها تضررت بشكل كبير، فالزراعة دمرت، وكثير من الناس فقدوا أقاربهم، والمساعدات التي وصلت ضئيلة جداً. يقول إنّ مياه الفيضانات الجارفة دخلت إلى منزل خالته، فسقطت جدران إحدى الغرف، ما أدى إلى وفاة ابنتها وإصابة ابنها. أما آغا من جهته، فيقول إنّه فقير يعتمد في معيشته على الزراعة التي دمرت في معظمها. في خصوص المساعدات، يقول آغا، إنّه في اليوم الأول جاءت قوات الأمن الأفغانية بالغذاء ووزعتها على المتضررين ثم جاءت بعض المؤسسات أيضاً ووزعت المواد الغذائية والأدوية، لكن "بعد ذلك لم نرَ سوى زيارات متتالية لمسؤولين كبار مع جمع إحصائيات، ووعود فقط".
في المقابل، تقول الناطقة باسم الحكومة المحلية في إقليم بروان، وحيدة شهكار، لـ"العربي الجديد" إنّ المساعدات الكافية وصلت إلى المنطقة، مؤكدة أنّ المواد الغذائية والبطانيات والملابس قد وزعت على معظم المتضررين، وإنّ فرق الحكومة تستمر في جمع الأرقام حتى تتمكن الحكومة من وضع آلية للمرحلة المستقبلية من أجل مساعدة من تضررت منازلهم. كذلك، تؤكد شهكار أنّ الحكومة تتعاون مع بعض المؤسسات المحلية والدولية التي وزعت مساعدات لـ500 شخص، وهم من دمرت منازلهم أو أصيبوا بجراح أو توفي أحد من أقاربهم، وهي مساعدة تعادل 646 دولاراً أميركياً لكلّ شخص. وتوضح أنّ لجنة شكلت من مختلف الإدارات المعنية، وهي تعمل ليل نهار، لمساعدة المتضررين.
لكنّ بعض المتضررين يرفضون هذا الكلام، ويقولون إنّ شريحة خاصة فقط وزع عليها المبلغ المالي، بينما معظم المتضررين محرومون منه. من هؤلاء محمد سردار الذي دمر منزله بسبب الفيضانات في ضواحي مدينة شاريكار، ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ زوجة أخيه كسرت ساقها بعدما سقط عليها جدار، كما أنّ منزله دمر، لكن لم تصل مساعدات إليه إلا من المواد الغذائية. ويوضح سردار أنّ كثيراً من المتضررين على شاكلته محرومون من المساعدات الكافية، فيما تؤكد شهكار أنّ المساعدات المالية مستمرة وستصل إلى الجميع.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

إلى ذلك، ألحقت الفيضانات أضراراً جسيمة بالزراعة والحقول في إقليم وردك جنوب العاصمة، وبالرغم من عدم وقوع ضحايا في الأرواح، فإنّ حدائق العنب والتفاح تضررت بشكل كبير جداً في هذا الإقليم الذي يشتهر بأنواع التفاح المختلفة فيه، علاوة على الدمار في المنازل والمباني. يقول أكبر خان، أحد سكان وردك، لـ"العربي الجديد": "نحن ننتظر طوال السنة موسم الحصاد وبيع التفاح، ولدينا حدائق كبيرة، لكنّها دمرت هذه المرة، وسط لامبالاة من الحكومة والمؤسسات المعنية، إذ لم ترسل المساعدات إلى هذه المناطق، بينما دمار الحقول والحدائق في حد ذاته ضربة للمواطن العادي إذ إنّه يعتاش منها".
كان اللافت في القضية زيارة كبار المسؤولين للمناطق المتضررة، وإجراء ترتيبات كبيرة لهذه الزيارات التفقدية. ومن هؤلاء وزير الدفاع، أسد الله خالد، ووزير التعامل مع الأحداث الطبيعية والكوارث سيد بهاء الدين جيلاني، ورئيس المجلس الأعلى الوطني للمصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله، وعدد من أعضاء البرلمان. جميع هؤلاء وعدوا المتضررين بإرسال مساعدات كافية، لكنّ تلك الوعود، كما يقول الناشط حافظ سيد مشتاق موحد، بقيت وعوداً، فيما المتضررون يعيشون معاناة حقيقية.

المساهمون