هذا العام، الأسر اليمنيّة الأكثر فقراً ليست وحدها العاجزة عن تأمين حاجيات العيد، إذ إنّ عشرات آلاف الأسر ذات الدخل المتوسط لم تتمكّن من توفيرها. فالمصارف لم تسلّم مرتبات قطاعات حكومية كثيرة.
فيصل الدبعي من الذين لم يتمكّنوا من شراء حلويات العيد "جعالة" كما جرت العادة ولا ملابس جديدة لأطفالهمفي هذا العيد، فيصفه بأنّه "أسوأ الأعياد في حياتي". في معيشته، يعتمد الدبعي وهو موظّف حكومي، على مرتّب لا يتجاوز 80 ألف ريال يمني (320 دولاراً أميركياً). لكن، بعد انتظار ووعود، أُبلِغ وزملاءه بأنّ لا صرف مرتبات لهذا الشهر بسبب عدم توفّر سيولة في البنك المركزي. ويشكو لـ "العربي الجديد": "صحيح أنّنا مررنا خلال السنوات الماضية بظروف صعبة، إلا أنّه لم يحدث قطّ أن جاء العيد وأنا لا أملك مالاً لأشتري الملابس لأولادي الأربعة".
ويقول الدبعي: "لم أجد فرصة للبحث عمّن يقرضني المال لأتمكّن من توفير حاجيات العيد لأطفالي بالدرجة الأولى. لذا طلبت منهم أن يسامحونني وارتداء أفضل ما عندهم من ملابس". يضيف أنه سوف يلازم منزله يوم العيد، "لعدم قدرتي على الإنفاق وحتى لا أضع نفسي في موقف محرج". ويشرح أنّ الخروج يتطلب أموالاً ليوزّعها عند زيارة الأقارب، لافتاً إلى أنّ كثيرين سوف يقومون بالمثل.
إلى ذلك، لا يكترث النازحون في المخيمات أو المؤسسات الحكومية بالعيد، فالأيام متشابهة بالنسبة إليهم ولا يختلف يوم العيد عن أيّ يوم آخر، بحسب النازح خالد عبد الواسع الذي فرّ من أتون الحرب في مدينة حرض الحدودية. يقول لـ "العربي الجديد" إنّ "العيد بالنسبة إلينا هو عندما نحصل على مساعدات غذائية وأدوية"، مشيراً إلى أنّ أطفال النازحين "يتعاملون مع يوم العيد كأنّه يوم جمعة". ويشير إلى أنّ أطفاله سوف يكتفون بلبس ثياب نظيفة كباقي الأطفال، تماماً كما في أيام الجمعة. فهو لم يحصل على أي مساعدات من قبل منظمات أو مبادرات أو تجّار كما يحصل في بعض الأحيان.
ويرى عبد الواسع أنّ أوضاع النازحين في أيام العيد هي "الأكثر بؤساً وألماً، إذ لا يجدون فرصة للفرح، وهمّهم الأكبر هو البحث عمّا يسدّ رمق الجائع أو يداوي المريض". يضيف أنّ الأطفال والنساء لا يحصلون على "عسب العيد"، كما أنّهم محرومون من الترفيه ورؤية الأقارب. ويتابع أنّ "الفقير الذي يعيش في قريته وفي منزله، يلتقي على الأقلّ بأحبته وأصدقائه وجيرانه وأقاربه. لكنّنا في أماكن النزوح محرومون في الأعياد من هذه النعمة".
ويُعدّ وضع النازحين في الأرياف أفضل من حال المهجّرين في المخيّمات والمباني الحكومية. هذا ما تؤكده أم أفنان البعداني التي نزحت من مدينة تعز (وسط) لتستقر في مسقط رأسها في منطقة بعدان في محافظة إب (وسط) قبل أشهر. تقول إنّها لا تشعر بالغربة، ووضعها المعيشي أفضل من غيرها، إذ هي تسكن على مقربة من أهلها. تضيف: "أنا بعيدة عن منزلي في تعز، لكنّني لست حزينة كالنازحين الآخرين، باستثناء فقداني لجيراني. فأنا في قريتي وبين أهلي".