أطفال العراق تحت الصدمة

14 نوفمبر 2018
يفضّل الامتناع عن تناولها (عبد الله كوسكن/ الأناضول)
+ الخط -
بعيداً عن العلم، يعتقد عراقيون أنه كان للظروف الأمنية والحروب التي مرت بها البلاد تأثير كبير في ارتفاع نسبة الأمراض، منها مرض السكري، الذي يصيب الكبار والصغار. وإذ يُعرف أنه من بين أسباب إصابة الأطفال بالسكري تناول غذاء غير صحي والطعام المشبع بالدهون والسكريات، يرى عراقيون أن الأوضاع السياسية وعدم استقرار البلد أمنياً ساهما في زيادة الأمراض.

وفي ورشة عمل نظمتها جمعية أجيال الغد المتخصصة في دعم الأطفال مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، للتعريف بالأمراض المزمنة التي تصيب الأطفال، ردد بعض الأهل أن الأحداث التي مرت بها بلادهم هي التي أدت إلى ارتفاع نسبته. فيصل جسام، المتخصص في علم النفس، ووالد لطفل مصاب بالسكري، يرى أن الخوف والصدمة والانفعال كلّها عوامل ساهمت في انتشار المرض بشكل عام. ولأن فئة الشباب لا ترى أملاً في مستقبلها، زادت المشاكل النفسية بينهم وبالتالي السكري.

وعلى الرغم من القتامة، يعبر أولياء أمور عن أمر إيجابي أن أدوية السكري مدعومة من الدولة. ويقول أحمد مسعود، الذي يعاني أحد أولاده من السكري: "لولا دعم وزارة الصحة للدواء، لكان الوضع سيئاً جداً بالنسبة لنا". يضيف أن ابنه منتظر (10 أعوام) أصيب بالسكري قبل ثلاثة أعوام. "فوجئت وزوجتي خصوصاً أنه ليس في العائلتين مرضى سكري. علمت لاحقاً أن السبب هو اتباع نظام غذائي خاطئ وعدم ممارسة أي نشاط رياضي".



ويوضح مسعود أن عمله كموظف بسيط في وزارة التجارة لا يسمح له بتوفير ما تحتاجه الأسرة باستثناء الأساسيات. لذلك، ليس في وسعه أخذ العائلة إلى متنزهات أو أماكن ترفيهية أو إلحاق أطفاله في نواد رياضية. كما أنه يسكن في مبنى لا تحيط به أي حدائق أو ساحات قريبة، ما ساهم في حصار أولاده داخل المنزل.

يحتاج منتظر إلى حقنتين تحت الجلد كل يومين أو ثلاثة أيام. ويقول الوالد إن لمنتظر حصة شهرية شبه مجانية مدعومة من قبل وزارة الصحة يحصل عليها من المركز الصحي، كما هو حال بقية المصابين بالمرض. ويرى أن "دعم هذا العلاج خطوة تحسب للحكومة، لأنني لن أكون قادراً على توفيره".

كثيرة هي العائلات العراقية التي ضحت من أجل أحد أفرادها المصابين بمرض السكري، خصوصاً أن إصابة الصغار بطبيعة الحال تحتاج إلى رعاية أكبر.

من جهة أخرى، ففي حال عدم تقبل المرض، فإن الوضع النفسي السيئ الذي قد يعاني منه الطفل المصاب بالسكري يساهم في ارتفاع مستوى السكر. عليه، ينصح الأطباء بالتخفيف عن الطفل المريض والاهتمام به. في هذا السياق، تقول غفران وزوجها باسم إنهما ينفقان ثلث راتب الأسرة من أجل طفلتهما الوحيدة ريما المصابة بالسكري. وتوضح الوالدة: "ريما في الصف الثالث ابتدائي، وقد أصيبت بالسكري قبل أكثر من عامين. قررت أنا ووالدها أن ننسيها مرضها، فألحقناها في مدرسة خاصة توفر اهتماماً كبيراً للطفل، وخصصت جل وقتي لها.



أخرج معها في نزهات لتمرح وتلعب، في حين اضطر والدها الذي يعمل في صناعة الحلويات إلى زيادة ساعات عمله لأجل توفير المال اللازم، حتى بات يعمل أكثر من 16 ساعة يومياً".
تقول غفران إن ابنتها "اعتادت على تناول دوائها اليومي، بل تذكرني حين أنسى موعد الدواء، بعدما أصيبت بنوبات عدة أدت إلى فقدانها الوعي لرفضها في البداية تناوله. لذلك، باتت حريصة شديد الحرص عى موعد الدواء.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصاء دقيق لعدد المصابين بالسكري في العراق، يؤكد متخصصون وجود مصابين يجهلون إصابتهم بالمرض. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 7 ملايين مصاب، 20 في المائة منهم أطفال، ما يؤكده الطبيب المتخصص في علاج أمراض السكري والغدد الصماء ثامر العقابي لـ "العربي الجديد". ويوضح أن "ظروفاً مجتمعة أدت إلى ارتفاع نسبة هذا المرض بين السكان وانتشاره بين الأطفال، أبرزها تحول المجتمع إلى ساكن بعدما كان متحركاً"، مبيناً أن "الصغار، وهذا مؤسف، أصبحوا يفضلون ألعاب الإنترنت وتصفح الهواتف ومشاهدة التلفزيون لساعات طويلة. ويتناولون الطعام وهم يشاهدون التلفزيون أو يتابعون الإنترنت. بالتالي، ما من أي حركة تساعد في التخلص من الدهون، ما يؤدي إلى السمنة والسكري".


المساهمون