أسوأ أزمات الجمهوريين الأميركيين: لا متطوّع لرئاسة مجلس النواب

12 أكتوبر 2015
مكارثي يسحب ترشيحه لرئاسة مجلس النواب (مانديل نغان/فرانس برس)
+ الخط -
لا جلسة تصويت في الأفق لانتخاب رئيس لمجلس النواب الأميركي بعد 19 يوماً من استقالة الرئيس الحالي جون بونر، بعدما رفض المحافظون مرشح القيادة التقليدية النائب عن ولاية كاليفورنيا كيفين مكارثي، وعطلوا جلسة انتخابه، ما ترك الحزب الجمهوري في فوضى تنظيمية هي الأسوأ في تاريخه الحديث.

ووقع مكارثي قبل أسبوع في المحظور، عندما تباهى على شبكة "فوكس نيوز" بمدى قدرة لجان الكونغرس على التأثير في السباق الرئاسي الأميركي، وروى كيف تعمّد الجمهوريون في الكونغرس تشكيل لجنة تحقيق في مقتل السفير الأميركي السابق لدى ليبيا، بهدف التصويب على حملة وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، التي كانت تتصدر استطلاعات الرأي بدون منازع قبل تشكيل اللجنة، على حد قوله. وفي محاولة مفرطة لإرضاء المحافظين، قدم مكارثي هدية لهيلاري والقاعدة الليبرالية، إذ تزايدت الشكوك الآن حول جدوى هذه اللجنة والنوايا الجمهورية وراء تشكيلها. لكن مشكلة المحافظين مع مكارثي أبعد من ذلك، وتتعلق أيضاً بكونه مرشحاً اختارته القيادة التقليدية. وفي ظل هذا الانقسام، قدّم "تجمع الحرية" في مجلس النواب، الذي يضم حوالي 40 نائباً محافظاً، مرشحاً بديلاً للمناورة، هو النائب عن فلوريدا دانيال ويبستر، الذي قد يخسر مقعده على الأرجح عام 2017.

اقرأ أيضاً: بونر يرضخ للضغوط ويستقيل من رئاسة مجلس النواب الأميركي 

بدوره، دعا بونر يوم الخميس الماضي الجمهوريين في مجلس النواب إلى اجتماع مغلق حضره مكارثي مع عائلته لتكريس هذا الخيار لرئاسة المجلس. لكن بعد إدراكه أنه قد لا يحصل على الأصوات الـ 218 التي يحتاج إليها نظراً لضغوط المحافظين، فاجأ مكارثي الجميع وقرر التنحي بدون بديل واضح لخلافته. 

عندها، استدرك بونر الأمر، وأعلن فوراً تأجيل الاجتماع لتفادي فوضى بين النواب الجمهوريين، كما أصدر بياناً أكد فيه أنه سيبقى في منصبه حتى انتخاب رئيس جديد لقطع الطريق على من يراهن على الوقت في هذه المعركة، وينتظر رحيله نهاية الشهر الحالي.

المفارقة في واشنطن بخصوص هذا المنصب تحديداً، أن لا أحد يريد رئاسة المجلس، ويُعتبر لدى البعض بأنه أسوأ منصب في المدينة، لأنه يتطلب من الشخص العتيد إدارة نواب لا يحبون تلقي التوجيهات أو الالتزام بها. مع ذلك، بادرت أسماء جديدة من النواب إلى إعلان رغبتها بالترشح، منها النائب عن ولاية يوتا جايسون شافيتز، والنائب عن كاليفورنيا من أصل لبناني داريل عيسى. لكن بقيت الأنظار موجهة الى النائب عن ويسكانسون بول ريان (45 عاماً) الذي ترشح لمنصب نائب الرئيس خلال حملة المرشح الجمهوري ميت رومني عام 2012. بونر اجتمع مع ريان أكثر من مرة لإقناعه بالتخلي عن قراره بعدم الترشح، كما تضغط قيادات جمهورية أخرى في الكونغرس بهذا الاتجاه، وقد لمح براين لأول مرة بالأمس أنه يفكّر بالأمر.

ويدرك التيار المحافظ في مجلس النواب أنه لا يستطيع إيصال مرشحه، وبالتالي معركته هي محاولة التأثير على النتيجة بفرض مطالب وضمانات أو تعطيل انتخاب مرشح غير مرغوب فيه. مطالب المحافظين من القيادة التقليدية في مجلس النواب هي تمكين اللجان النيابية، ليكون لها دور أكبر وتعديل إجراءات المجلس لإفساح المجال لإيصال نواب محافظين إلى رئاسة لجان رئيسية. ورغم أن ريان لديه مصداقية بين المحافظين باعتباره المنظّر الاقتصادي للميزانية الفيدرالية عند الجمهوريين، امتنع التيار المحافظ عن إعلان موقفه من ترشحه، نظراً لمواقفه المعتدلة في قضايا الهجرة وميله الى التسوية مع الديمقراطيين في بعض الأحيان، وبالتالي لمح التيار المحافظ إلى أنه في حال ترشح ريان سيكون عليه التعهد بتنفيذ لائحة المطالب نفسها التي عرضها على مكارثي قبله.

وقُدم اقتراح بانتخاب رئيس مجلس مؤقت لتصريف الأعمال حتى إجراء الانتخابات الرئاسية العام المقبل، لكن بقيت الأفضلية لانتخاب رئيس يضمن الاستمرارية وليس تأجيل الخلاف.

وترتبط دوافع معركة رئاسة المجلس، خصوصاً في كونها تحدد من يملك مفاتيح إدارة المعركة مع إدارة الرئيس باراك أوباما، لا سيما على أبواب مواجهة رفع سقف الدين العام الفيدرالي، إذ يحتاج البيت الأبيض الشهر المقبل إلى موافقة الكونغرس لاتخاذ هذه الخطوة. وينوي المحافظون استغلال هذا الأمر، لإجبار إدارة اوباما على تنازلات متعلقة بوقف التمويل الفيدرالي لعمليات الإجهاض. فيما تفضل القيادة التقليدية عدم الإفراط في المواجهة، لا سيما في القضايا الاقتصادية، لأن هذا الأمر قد يرتد سلباً على الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.

ليس واضحاً بعد إذا ما سيكون هناك أثر مباشر لهذه الفوضى الجمهورية على الانتخابات الرئاسية، لكن هذا المشهد لا يساعد صورة الحزب على المسرح الوطني. وفي هذا الإطار، حاول المرشح الذي يتصدر السباق الرئاسي عند الجمهوريين دونالد ترامب، الإيحاء بأنه كان وراء تنحي مكارثي، عندما صرّح قبل أسبوع بأنه لا يملك القوة الكافية لرئاسة المجلس. غير أن نفوذ ترامب أو أي مرشح جمهوري آخر محدود في انتخابات معني بها الكونغرس. الصفة المشتركة الوحيدة بين سباقي رئاسة مجلس النواب والانتخابات الرئاسية التمهيدية عند الجمهوريين هي المعركة المفتوحة على كل الاحتمالات بين التيار المحافظ والقيادة التقليدية.

المساهمون