أسماء السودانيين... من وحي النيل

27 ابريل 2017
نهر النيل في السودان (Getty)
+ الخط -
"مياه النيل" فتاة سودانية، تزامنت ولادتها مع أزمة المياه الحادة التي عاشتها أسْرتها وأفراد حيّها، أي قبل 25 عاماً، فاختار لها والداها هذا الاسم، تيمُّناً وأملاً بأن يكون قدومها للحياة نذير خير، ينهي معاناتهم مع العطش. ويُعتبَر اسم "مياه" أو "مياه النيل"، من الأسماء الشائعة في السودان، إذ يُسْتعمَل مع الأسماء المشتقَّة، والتي لها علاقة بالأنهار والبحار والمرافئ.

عُرِف السودانيون بارتباطهم بالنيل، إذ ثمّة علاقة مباشرة بين النهر ومعتقداتهم، ويرتبط المولود السوداني منذ ولادته بالنيل. يُغْسَل المولود في مياه النيل عند إكمال الأربعين يوماً من قبل والدته، كما يُدفَع به للنيل عند ختانه كنوع من التبرّك.

تقول مياه النيل لـ"العربي الجديد"، إنَّها ولِدَت بحي الكلاكلة في الخرطوم. وقتها، كانت منطقتهم تعاني من أزمةِ مياهٍ، وعطشٍ شديٍد، إذ كانوا يقطعون مسافات طويلة لجلب الماء الذي انعدم من البيوت تماماً. وتؤكِّد أنّ اسمها توَّلد من تلك الأزمة.

وتشيرُ إلى أَّنها سعيدة بالاسم، بسبب تفرُّده وارتباطه بحياة الناس. تنحدرُ مياه النيل من أصولٍ عربيَّة أفريقيَّة. إذ تعود جذور والدها إلى اليمن والعراق وجنوب السودان، بينما تعود أصول والدتها إلى أفريقيا الوسطى. انتهى المطاف بعائلتها في السودان، حيث تجنسوا بالجنسية السودانية من قرون مضت، بعد أن قادتهم التجارة للبلاد. وأكَّدَت مياه أنَّ اسمها خلق لها وضعيَّة خاصَّة، وأصبح بمثابة جواز مرور يُسهِّل لها كافة الإجراءات.

ولكنها أكدت في الوقت نفسه، بأنّه أدخلها في إحراجات، إذ صارَ مصدر اندهاش واستغراب لكثيرين. وأوضحت: "أحياناً، أذهبُ لجهةٍ رسميَّةٍ ما لاستخراج شهادة، أو أي شيء آخر. اكتب اسمي كما في شهادة الميلاد، مياه، وأجدُ أنَّ الجهة قامت بتعديلهِ أحيانا إلى اسم حياة، وأحياناً ميادة، ظناً منهم بأنّ هناك خطأ تمَّ من جانبي". وأكَّدت أنها تتعرض للكثير من الأسئلة من قبيل: "ألم تجد أسرتُكِ غير هذا الاسم؟".

ومع دخولها عالم الصحافة، اختارت أن ترفق اسمها بالنيل، ليصبح اسمها مياه النيل، وليكون بمثابة اسم حركي. وذكرت بأن اسمها الحقيقي هو مياه، ولكنها اختارت اسماً مُركَّباً وهو "مياه النيل"، كاسم حركي تتحسَّسُ عبره خطواتها في عالم الصحافة.

مواقف كثيرةٌ واجهتها مياه النيل بسبب اسمها، أهمُّها اتصال من زميلة لها، قرأت اسمها في الصحيفة التي تعمل فيها، وظنّت بأنَّها شقيقتها من قبل الأب، إذ عُرِف والدها بتعدُّد الزوجات، وإطلاق أسماء الأنهار والبحار على مواليده من البنات. وتقول، ضفاف النيل، وهي صحافية بصحيفة "التيار"، إنَّها اتّصلت بمياه، ظَنّاً منها بأنَّها قد تكون شقيقتها، لا سيما وأن والدها درج على إطلاق أسماء البحار والأنهار ومشتقاتها على أسماء أخوتها. وتضيفُ بأنَّ لديها حول ثماني أخوات غير أشقّاء، يحملون أسماء البحار والأنهار، و"أحياناً لا أعرفهم جميعهم، لذلك، ظننتُ بأن مياه واحدة منهنّ".

تختلف ضفاف النيل، 30 عاماً، عن مياه النيل التي لم تختار اسمها أيضاً، ولكنها أحبته. وتؤكد ضفاف بأنها حاولت مراراً تغيير اسمها، لكنها اصطدمت برفض أبيها للخطوة، إذ كان يحاول إقناعها دوماً بجمال معناه، ورمزه إلى الخضرة والخير والرحمة.

المساهمون