تتسارع خطى الدول الكبرى المنتجة للنفط نحو إنجاح "اتفاق تثبيت الإنتاج" في الاجتماع المقرر عقده في العاصمة القطرية الدوحة يوم 17 إبريل/ نيسان الجاري، وربما يدعم هذه الخطى الاجتماع الآخر الذي دعت له موسكو أمس لبحث قضية تهاوي أسعار النفط عالمياً، ومن المقرر أن يعقد يوم 19 إبريل وتشارك فيه السعودية وفنزويلا ومنتجون آخرون وأمين عام منظمة أوبك.
ورغم استفزازات إيران المستمرة، خاصة لدول الخليج، وتلويحها أكثر من مرة بعدم التزامها بما سيتم الاتفاق عليه في اجتماع الدوحة القادم، إلا أن الأسواق العالمية باتت تراهن على التوصل لاتفاق حتى ولو "مبدئي" لتثبيت الإنتاج النفطي بين كبار المنتجين سواء من داخل منظمة أوبك أو خارجها.
وفي حال إتمام اتفاق الدوحة فإن ذلك يعني أن إصرار إيران على زيادة إنتاجها إلى 4 ملايين برميل يوميا بحلول شهر مارس/آذار القادم، كما أعلنت أمس، مع عدم التزامها بتثبيت الانتاج، لن يعرقل جهود باقي المنتجين الآخرين في التوصل لآلية تساعد في وقف النزيف المستمر في أسعار النفط، إما عبر تقليل الإنتاج كما تقترح بعض الدول، أو على الأقل تثبيت الإنتاج.
ورغم وجود حالة خلاف سعودي إيراني حاد حول مسألة تثبيت الإنتاج، وهو ما ظهر جليا في تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأخيرة لشبكة "بلومبرغ" الرافضة تثبيت المملكة الإنتاج ما لم تفعل طهران وغيرها ذلك، ورد وزير النفط الايراني عليه، إلا أن المؤشرات حتى الآن تقول إن الدول النفطية الكبرى حريصة على إنجاح اتفاق الدوحة الذي قد يعيد التوازن بعض الشيء لأسواق النفط المضطربة منذ منتصف عام 2014.
نجاح اتفاق الدوحة بات من مصلحة الجميع، فاقتصاديات الدول النفطية بدأت تنزف بشدة في ظل استمرار تهاوي أسعار النفط وفقدانها 70% من قيمتها، وباتت الدول المنتجة تعاني مشاكل اقتصادية ومالية كبيرة، وأكبر مثال على ذلك حال فنزويلا التي بدأت تبيع جزءا من احتياطياتها من الذهب للحصول على دولارات تمول به وارداتها، وكذا الجزائر التي دخلت في حالة تقشف شديدة مع تأجيل تنفيذ مشروعات كبرى وتخفيض الانفاق العام، وكذا الحال بالنسبة لروسيا التي تراجع معدل نموها الاقتصادي وسعر عملتها الروبل أمام الدولار، وتشهد منذ عامين ارتفاعات متواصلة لأسعار السلع والخدمات.
صحيح أن الدول التي لديها ثروات ضخمة في الخارج قد تتحمل الوضع الحالي لأسعار النفط لسنوات، لأنها تمتلك ثروات تقترب من ألفي مليار دولار كما هو الحال بالنسبة لدول الخليج، لكن الوضع ضاغط جداً بالنسبة لباقي الدول الأخرى المنتجة للنفط، حيث تشهد عجزاً متفاقماً في الموازنات العامة وارتفاعات قياسية في الأسعار وقلاقل اجتماعية، ومن هنا تتحرك بسرعة لعلاج مثل هذه الأزمات.
بعد ما يقرب من عامين اكتشف الجميع أن الكل خاسر في معركة تهاوى أسعار النفط، ولذا تحركت الدول المنتجة لإنجاح اتفاق الدوحة حتى وإن لم تلتزم إيران ببنوده.