بعيداً عن الشق الاقتصادي الرئيسي في الزيارة، فهي تحمل من دون شكّ شقاً يتعلق بمعطيين: الأزمة الروسية التركية المستجدة، منذ أسبوع، وجانباً آخر يتصل باكتمال ما يمكن اعتباره التحالف التركي ــ الخليجي حول سورية تحديداً، وهو ما يتبلور في وحدة موقف كاملة بين الطرفين في هذا الملف، أكان في مؤتمرات فيينا أم في دعم المعارضة السورية السياسية والمسلحة، والجهود الآيلة إلى جمع ممثلي هذه المعارضة في إطار واحد للتفاوض مع النظام في المرحلة المقبلة، فضلاً عن السعي إلى الخروج بورقة سياسية موحدة في مؤتمر الرياض المقرر في 11 و12 من الشهر الحالي. ويتفق كثيرون على أن غالبية دول الخليج وجدت في الصفعة التركية لروسيا بإسقاط طائرة "السوخوي"، رداً قوياً على "العنجهية الروسية التي باتت بلا حدود". من هنا، يعتبر كثيرون أن الفرصة باتت سانحة على أكثر من مجال لترسيخ التحالف الخليجي ــ التركي على ضوء التوتر التركي ــ الروسي، وهو ما قد ينعكس لمصلحة تركيا لناحية تعويض خسارتها المحتملة لنحو 3 ملايين سائح روسي، والحصول على بدائل نفطية، أيضاً، لتعويض الإيقاف المحتمل لوصول الغاز الروسي إلى تركيا، مع أن جميع التقديرات تفيد أن روسيا ستكون هي الخاسر الأكبر اقتصادياً من انقطاع العلاقة بين البلدين، أو وقف عدد كبير من الاتفاقيات التي تربط البلدين.
اقرأ أيضاً: الحلّ السوري...مراعاة المعطى الروسي بلا تغييرات جذرية بمعسكر الثورة
وتعدّ هذه الزيارة الثانية التي يقوم بها الرئيس التركي إلى الدوحة بعد تسلمه الرئاسة. وكان قد أجرى زيارة لقطر، في سبتمبر/أيلول 2014، جرى خلالها التوقيع على اتفاقية جديدة للطاقة، تنص على أن تستورد تركيا ما مجموعه 1.2 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من دولة قطر، عبر 9 ناقلات نفط، وهو ما يغطي جزءاً بمن احتياجات تركيا السنوية من الغاز الطبيعي التي تبلغ 45 مليار متر مكعب.
ويتوقع أن يزداد التعاون بين البلدين، على ضوء هذه الزيارة، خصوصاً في مجالات الطاقة والغاز، إذ يرتقب أن يعلن عن اتفاقية جديدة بين قطر وتركيا في هذا الشأن. وتسعى الأخيرة إلى زيادة وتنويع مصادر الطاقة لديها، وترى في دول الخليج، حليفاً طبيعياً لها، وبديلاً ممكناً كمصدر للطاقة، في ظل التحديات التي تواجهها أنقرة، خصوصاً على صعيد علاقتها المتوترة مع موسكو. وتمتلك قطر احتياطياً من الغاز الطبيعي يبلغ 885 تريليون متر مكعب، إذ تحتل المرتبة الأولى عالمياً من حيث تصدير الغاز الطبيعي المسيل.
ويتوقع أن يعقد، صباح اليوم الأربعاء في الدوحة، الاجتماع الأول، للجنة الاستراتيجية العليا القطرية –التركية، على مستوى زعيمي البلدين، وسيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون في مجالات مختلفة، سياسية واقتصادية وثقافية، وعسكرية، تطبيقاً لمذكرة التفاهم التي وقعت خلال، زيارة أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى أنقرة في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، والتي تم بموجبها إنشاء اللجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين، والتوقيع على اتفاقية تعاون عسكري في مجالات التدريب والصناعة الدفاعية، إذ تتيح الاتفاقية، تبادل نشر قوات مشتركة بين البلدين إذا اقتضت الحاجة، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة.
ويوقع البلدان، اليوم، اتفاقيات في المجال الأمني وتدريب قوات الأمن الداخلي، إضافة إلى عدد من مذكرات التفاهم، تتعلق بالتعاون الاقتصادي والمالي والمصرفي بين البلدين إلى جانب التعليم والتعاون الثقافي والإعلامي.
وسيشهد الرئيس التركي، الأربعاء، افتتاح المركز الثقافي التركي، والمدرسة التركية في الدوحة، حيث تم اختيار تركيا "ضيف شرف" في معرض الدوحة الدولي للكتاب، الذي يفتتح في الدوحة اليوم، بمناسبة تدشين العام الثقافي القطري ـ التركي 2015. كما يلتقي الرئيس التركي خلال زيارته بطلبة جامعة قطر، حيث يزور الجامعة، ويلقي محاضرة فيها، يتعرض فيها للأوضاع في المنطقة، ومواقف بلاده منها.
وفيما لم يكشف الجانب التركي رسمياً، عن برنامج زيارته قطر بعد، ترددت معلومات عن نية أردوغان القيام بزيارة إلى الرياض، والكويت، بعد ختام زيارته الدوحة، ما يعني أن الأوضاع الملتهبة في المنطقة، خصوصاً في سورية والعراق والحرب على "داعش"، والتوتر في العلاقات التركية الروسية، بعد إسقاط أنقرة للطائرة الروسية، التي انتهكت أجواءها تحتل جانباً بارزاً في أجندة زيارات أردوغان. كما يتوقع أن يعمل مع الحلفاء الخليجيين على توحيد المعارضة السورية، استعداداً لمرحلة جديدة في سورية، تبدأ في يناير/كانون الثاني المقبل، كان سبق أن أعلن عنها رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، بعد لقائه في بروكسل، دولَ الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن الرياض تستضيف في الحادي عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، اجتماعاً بهذا الخصوص، بناء على نتائج اجتماعات فيينا، حول الأزمة السورية الشهر الماضي.
وتشترك قطر وتركيا والسعودية في الموقف من الحرب السورية، إذ تقدّم جميعها دعماً للمعارضة السورية المسلّحة التي تهدف إلى إسقاط نظام بشار الأسد، وترفض إشراك الأسد في أي حل سياسي مقبل.
اقرأ أيضاً: خطة تحرك لمواجهة الحلف الإيراني الروسي