07 ابريل 2022
أبعد من هدم أم الحيران الفلسطينية
تصاعدت، في الأسابيع الماضية، عمليات هدم قوات الاحتلال الإسرائيلي الجماعي مباني ومساكن فلسطينية عديدة، وتهجير ساكنيها الأصليين من أبناء الشعب الفلسطيني، في جميع مناطق فلسطين التاريخية، في الأغوار ومخيم قلنديا في الضفة الغربية، في مدينة قلنسوة في المثلث، وفي قرية أم الحيران في النقب، وهما داخل الأراضي المحتلة في 1948، ضمن مخطط ممنهج، تسعى فيه الحكومة الإسرائيلية إلى السيطرة على الحد الأقصى من الأراضي، وحشر الشعب الفلسطيني في كانتونات متناثرة، وغير مترابطة ، محاطة بمستوطنات يهودية كثيرة، لمنع قيام أي كيان فلسطيني مترابط.
هدمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، قبل أسابيع، بمرافقة جرافات، 11 منزلا فلسطينياً في مدينة قلنسوة في المثلث، في أراضي 1948، وذلك بالحجة نفسها وبذريعة البناء غير المرخص، مع العلم بأن السلطات الإسرائيلية ترفض منح التراخيص للبناء، كما ترفض إقرار مخططات هياكل المدن والبلدات العربية، وذلك لمصادرة مزيد من الأراضي، والتضييق على حياة الفلسطينيين هناك، حيث تباهى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتياهو، عندما قال إن قواته نفّذت ما أسماه القانون، بهدم المباني "غير المرخصة" في مدينة قلنسوة، مع العلم بأن رئيس ما تسمى الوحدة القطرية لإنفاذ قوانين التخطيط والبناء في وزارة المالية الإسرائيلية، المحامي المستوطن آفي كوهين، والمسؤول عن إعطاء التعليمات بهدم المنازل العربية، يقيم في مبنى غير مرخص إسرائيليا، منذ 1984 في بؤرة استيطانية في محافظة نابلس. وكشف رئيس الحكومة بذلك عن نظرته العدائية، والعنصرية، وكراهيته الشديدة للمواطنين الفلسطينيين داخل أراضي العام 1948، باعتبارهم، حسب وجهة نظره، ووجهة نظر اليمين الإسرائيلي، خطراً أمنياً وديمغرافياً على مستقبل دولته اليهودية.
بعد أيام مما حدث في قلنسوة، تعود جرافات الاحتلال، وبحراسة أكثر من 1200 جندي وشرطي إسرائيلي، لتبدأ عملية هدم جماعي لقرية أم الحيران شمالي النقب الفلسطيني،
والمحاذية للحدود الجنوبية لمحافظة الخليل في الضفة الغربية، حيث حرمت السلطات الإسرائيلية منذ حوالى 60 عاما القرية، وسكانها الألف مواطن، من البنية التحتية الأساسية، سواء كانت مدارس أو رياض أطفال أو كهرباء وماء، وشبكات الطرق والمجاري، بزعم أن القرية غير معترف بها إسرائيلياً، وأنها مقامةٌ على مناطق أثرية، مع العلم بأن سلطات الجيش، إبّان فرض الحكم العسكري على الجماهير العربية في الداخل، في الخمسينيات، كانت قد نقلت سكانها إليها. ولم تكتف القوات الإسرائيلية بهدم المنازل في القرية، بل أطلقت النار على المواطنين العزّل الذين واجهوا بصدورهم العارية الجرافات الاحتلالية، مما أدى إلى استشهاد المربي، يعقوب أبو القيعان، وتلفيق تهمة دهس جندي احتلالي بعد أن أصيب بالرصاص، وفقد السيطرة على مركبته، ومن ثم اتهامه بالانتماء لتنظيم داعش، وربط الدهس بعمليتي دهس في فرنسا وألمانيا، مستغلين بذلك الإجماع الدولي على محاربة ظاهرة الإرهاب العالمي، وأصيب مواطنون فلسطينيون آخرون، وأعضاء عرب في الكنيست، بالرصاص والغاز المدمع وغاز الفلفل، لتكشف الحكومة الإسرائيلية بذلك عن أن الدم الفلسطيني رخيص، وأن الإسرائيلي الذي يقتل أكثر من الجماهير العربية، ويهدم منازل أكثر، يكون بطلاً أمام المجتمع اليهودي العنصري الذي لم يعد يستطيع استيعاب وجود أكثر من مليون ونصف المليون من الجماهير العربية الفلسطينية داخل إسرائيل، مما يؤكد أن إسرائيل تخوض حرباً مع الجماهير العربية، والتي أصبحت أقليةً في وطنها الأصلي، بفعل نكبة الشعب الفلسطيني. وهدم عشرات من منازل القرية، وترك أصحابها، من نساء وشيوخ وأطفال ومرضى، على ركام منازلهم المهدّمة، وهم يفترشون أرض صحراء النقب، فيما الهواء بارد جدا ليلاً، وحار نهاراً، يعيد إلى الذاكرة الفلسطينية الحية ما تعرّض له شعبنا من نكبة وتهجير واقتلاع في العام 1948، طاولت، في حينه، أكثر مئات البلدات والقرى، وتهجير مئات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، وبناء أكثر من ألف مستوطنة على أنقاضها، وتوطين مئات الآلاف من اليهود فيها، على قاعدة الهدم والتهجير للعرب، والبناء والإحلال لليهود المستوطنين.
تهدف إسرائيل من هدم قرية أم الحيران، وإجبار أهلها على الانتقال إلى العيش في قرى أخرى، لتحقيق أهدافٍ مرتبطةٍ، بشكل وثيق، مع جوهر المشروع الصهيوني المتجدّد، والمتمثل بالسيطرة على الحد الأقصى من الأراضي الفلسطينية، وحشر المواطنين الفلسطينيين في تجمعات وكانتونات متناثرة. وما يحدث الآن في أم الحيران، في تجميع البدو الفلسطينيين في عدة قرى في النقب، بغرض بناء مستوطنات يهودية جديدة، يأتي ضمن مشروع تهويد النقب الذي تعمل إسرائيل على تنفيذه، حيث سيتم بناء مستوطنة على أنقاض قرية أم الحيران، وتسميتها حيران، ومن المقرّر وفق المخطط الإسرائيلي أن تستوعب مستوطنين يهوداً جدداً، إضافة إلى إسكان آلاف الجنود والضباط الإسرائيليين فيها، بعد نقل معظم قواعد الجيش الإسرائيلي ومعسكراته من مواقعها الحالية إلى النقب، إضافة إلى الأغراض المنوي تحقيقها إسرائيليا من هدم قرية أم الحيران، وبناء مستوطنة حيران اليهودية على أنقاضها، وهو ما كشفته مصادر إسرائيلية، عن قرار بربط المستوطنة إدارياً وخدماتياً مع مستوطنات محافظة الخليل، في جنوب الضفة الغربية. وبذلك تكون إسرائيل قد ألغت وأخفت حدود الرابع من يونيو/ حزيران للعام 1967، ومنعت نشوء تجمع بشري فلسطيني على طرفي الحدود، محكمةً بذلك سيطرتها العسكرية على الشعب الفلسطيني بتشتيته، ونسف أية فرصة لإقامة كيان فلسطيني متواصل ومترابط مستقبلاً.
من حيث توقيت عمليات الهدم التي تطاول مناطق فلسطين التاريخية، وما ينتج عنها من
عمليات تهجير واقتلاع للشعب الفلسطيني، واضح أن حكومة إسرائيل، واليمين المسيطر عليها، تستغل وصول الرئيس الجديد، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، في ظل طاقم من المستشارين والمساعدين اليمينيين له، والذين ينافسون غلاة اليمين الإسرائيلي بالتطرّف، والتشنج إزاء كل ما هو إسلامي وعربي، ومواقفهم الواضحة المؤيدة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وبناء مزيد من المستوطنات، حيث لا يكترث ترامب بحل الدولتين أساساً لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إضافة إلى تعيينه المستوطن اليهودي، ديفيد فريدمان، سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل والمعروف بمواقفه اليمينية. كما أن عمليات التحقيق التي يتعرّض لها بنيامين نتنياهو، منذ أسابيع، لعبت دورا مهماً في التوقيت، حيث يريد نتنياهو إبعاد الإعلام عن قضية التحقيق معه، وإثارة ما يسمى الخطر الأمني والديمغرافي الفلسطيني، لأن نتنياهو يريد أن يسجل التاريخ أنه أكثر رؤساء حكومات إسرائيل يمينيةً، ونشاطاً، واهتماماً في خدمة المشروع الصهيوني، خصوصاً أن عمليات الهدم تأتي بعد أسابيع من قرار المحكمة العليا الإسرائيلية هدم وحدات استيطانية أقيمت على أراض فلسطينية خاصة في مستوطنة عمونا قرب رام الله، في رسالة واضحة من نتنياهو أنه، في مقابل إخلاء وحدة استيطانية ستهم حكومته وجرافاته مئات المباني والمساكن الفلسطينية، وتبني آلاف الوحدات الاستيطانية في مكانها، وتوطّن آلاف المستوطنين اليهود الجدد فيها.
تؤكد السياسات الإسرائيلية المتصاعدة الاستهداف التام والشامل للكل الفلسطيني، الإنسان والمكان، ولم تترك أمام الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية أي خيار سوى قلب الطاولة، وخصوصاً العلاقة الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية لمواجهة هذا الخطر الوجودي الكبير الذي يهدّد المستقبل الفلسطيني برمته، والذي أصبح في حاجة إلى استراتيجية جديدة ومختلفة، يشارك بصياغتها الكل الفلسطيني، في الوطن والشتات. ومن ضمنها إعادة تعريف إسرائيل كياناً استعمارياً استيطانياً إحلالياً، يهدف إلى السيطرة على كل الجغرافيا الفلسطينية، وتفتيت الشعب الفلسطيني، بتحويله إلى جماعات وطوائف ضعيفة، لا حول ولا قوة لها، ليتسنى لإسرائيل أن تضمن بقاء إحكام سيطرتها عليهم مستقبلاً. لذلك، ومن أجل تحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية، لا يمكن التعايش مع المشروع الصهيوني، إلا بالعمل على مواجهته وتفكيكه.
هدمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، قبل أسابيع، بمرافقة جرافات، 11 منزلا فلسطينياً في مدينة قلنسوة في المثلث، في أراضي 1948، وذلك بالحجة نفسها وبذريعة البناء غير المرخص، مع العلم بأن السلطات الإسرائيلية ترفض منح التراخيص للبناء، كما ترفض إقرار مخططات هياكل المدن والبلدات العربية، وذلك لمصادرة مزيد من الأراضي، والتضييق على حياة الفلسطينيين هناك، حيث تباهى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتياهو، عندما قال إن قواته نفّذت ما أسماه القانون، بهدم المباني "غير المرخصة" في مدينة قلنسوة، مع العلم بأن رئيس ما تسمى الوحدة القطرية لإنفاذ قوانين التخطيط والبناء في وزارة المالية الإسرائيلية، المحامي المستوطن آفي كوهين، والمسؤول عن إعطاء التعليمات بهدم المنازل العربية، يقيم في مبنى غير مرخص إسرائيليا، منذ 1984 في بؤرة استيطانية في محافظة نابلس. وكشف رئيس الحكومة بذلك عن نظرته العدائية، والعنصرية، وكراهيته الشديدة للمواطنين الفلسطينيين داخل أراضي العام 1948، باعتبارهم، حسب وجهة نظره، ووجهة نظر اليمين الإسرائيلي، خطراً أمنياً وديمغرافياً على مستقبل دولته اليهودية.
بعد أيام مما حدث في قلنسوة، تعود جرافات الاحتلال، وبحراسة أكثر من 1200 جندي وشرطي إسرائيلي، لتبدأ عملية هدم جماعي لقرية أم الحيران شمالي النقب الفلسطيني،
تهدف إسرائيل من هدم قرية أم الحيران، وإجبار أهلها على الانتقال إلى العيش في قرى أخرى، لتحقيق أهدافٍ مرتبطةٍ، بشكل وثيق، مع جوهر المشروع الصهيوني المتجدّد، والمتمثل بالسيطرة على الحد الأقصى من الأراضي الفلسطينية، وحشر المواطنين الفلسطينيين في تجمعات وكانتونات متناثرة. وما يحدث الآن في أم الحيران، في تجميع البدو الفلسطينيين في عدة قرى في النقب، بغرض بناء مستوطنات يهودية جديدة، يأتي ضمن مشروع تهويد النقب الذي تعمل إسرائيل على تنفيذه، حيث سيتم بناء مستوطنة على أنقاض قرية أم الحيران، وتسميتها حيران، ومن المقرّر وفق المخطط الإسرائيلي أن تستوعب مستوطنين يهوداً جدداً، إضافة إلى إسكان آلاف الجنود والضباط الإسرائيليين فيها، بعد نقل معظم قواعد الجيش الإسرائيلي ومعسكراته من مواقعها الحالية إلى النقب، إضافة إلى الأغراض المنوي تحقيقها إسرائيليا من هدم قرية أم الحيران، وبناء مستوطنة حيران اليهودية على أنقاضها، وهو ما كشفته مصادر إسرائيلية، عن قرار بربط المستوطنة إدارياً وخدماتياً مع مستوطنات محافظة الخليل، في جنوب الضفة الغربية. وبذلك تكون إسرائيل قد ألغت وأخفت حدود الرابع من يونيو/ حزيران للعام 1967، ومنعت نشوء تجمع بشري فلسطيني على طرفي الحدود، محكمةً بذلك سيطرتها العسكرية على الشعب الفلسطيني بتشتيته، ونسف أية فرصة لإقامة كيان فلسطيني متواصل ومترابط مستقبلاً.
من حيث توقيت عمليات الهدم التي تطاول مناطق فلسطين التاريخية، وما ينتج عنها من
تؤكد السياسات الإسرائيلية المتصاعدة الاستهداف التام والشامل للكل الفلسطيني، الإنسان والمكان، ولم تترك أمام الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية أي خيار سوى قلب الطاولة، وخصوصاً العلاقة الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية لمواجهة هذا الخطر الوجودي الكبير الذي يهدّد المستقبل الفلسطيني برمته، والذي أصبح في حاجة إلى استراتيجية جديدة ومختلفة، يشارك بصياغتها الكل الفلسطيني، في الوطن والشتات. ومن ضمنها إعادة تعريف إسرائيل كياناً استعمارياً استيطانياً إحلالياً، يهدف إلى السيطرة على كل الجغرافيا الفلسطينية، وتفتيت الشعب الفلسطيني، بتحويله إلى جماعات وطوائف ضعيفة، لا حول ولا قوة لها، ليتسنى لإسرائيل أن تضمن بقاء إحكام سيطرتها عليهم مستقبلاً. لذلك، ومن أجل تحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية، لا يمكن التعايش مع المشروع الصهيوني، إلا بالعمل على مواجهته وتفكيكه.