إلى ح. ح
لِأَنَّكَ تَرَى راسكولينكوف حَقِيرًا وَابْنَ زَانِيَةٍ
فَالحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكَ:
إِنَّهُ يَبْكِي كُلَّ لَيْلَةٍ
كَمَلَاكٍ خَائِبٍ
لَمْ تُسْعِفْهُ طَبِيعَتُهُ فِي اللحَاقِ بِذَاتِهِ
وَلَا الْلِحَاقِ بِالأَخَرِين
طَبِيعَتُهُ الْمُمْتَدَّةُ كَجُرْحٍ عَلَى كَامِلِ وَعْيِهِ
لَكَ تَصْنِيفُهَا: دَلِيلُ إِدَانَةٍ
أَوْ مَدْعَاةُ تَعَاطُفٍ، طَالَمَا مَنَحَهُ وَنَادِرًا مَا تَلَقَّاهُ
وَالحَقَّ الحَقَّ أَقُولُ لَكَ:
حَائِطَان، لِأَحَدِهِمَا بَابٌ، بِعُبُورِهِ
يُسْلِمُكَ اِخْتِفَاؤُهُ لِعَذَابِ المَتَاهَةِ
وَلِلَآَخَرِ إِثَارَةُ شَهْوَةِ الهَدْمِ
فَيَقِيسُ الزَّمَنَ بِتَلَقِّي الضَّرَبَاتِ
يَائِسًا مِنْ مُرُورِ مُحْسِنَيْنِ يُقِيمَانه
قَبْلَ أَنْ يَنْقَضُّ كَاشِفًا فَدَاحةَ الْخَرَابِ فِي إِرْثِ أَسْلَافٍ
مُنْتَشِرِينَ فِي طَبِيعَةِ الْمَلَاكِ
الْمَقْهُورِ بَيْنَ كَابُوسِهِ وَوَاقِعِهِ
وَالحَقَّ الحَقَّ أّقُولُ لَكَ
بِشَأْنِ يَوْم جُمْعَةٍ بَعِيد، سَأَلْتُكَ فِيهِ إِنْ كَانَ راسكولينكوف مُجْرِمًا، وَلِأَنَّكَ لَمْ تُدْرِكْ حَقِيقَةَ سُؤَالِي كَمِرْآَةٍ أَرَانِي فِيهَا بِعَيْنَيْكَ؛ أَلْقَيْتَ إِجَابَتَكَ التي تَدْهَمُنِي الآنَ وَأَنَا أَكْتُبُ هَذِهِ السُّطُورَ بِعَجْزِ مَنْ تَقَطَّعَتْ بِهِ السُّبُلُ عَنْ إِخْبَارِكَ أَنَّ سُؤَالًا وَمِرْآةً كَافِيَانِ لِانْدِلَاعِ مَتَاهَةٍ تَزْخَرُ بِكُلِّ مَا يُؤَشِّرُ لِبُؤْسِنَا؛ فَتُذِيق الدِّمَاءَ فِي الْأَوْرِدَةِ قَرْصَةَ الْخَوْفِ وَقَهْرَ الْاِنْقِيَادِ إِلَى تَحَرُّكَاتٍ غَيْرِ مُجْدِيَةٍ، مَتَاهَةٍ تُتْخِمُنَا بِهُرَاءِ الْبَحْثِ عَنْ مَخْرَجٍ آَمَنَّا - مُسْبَقًا - بِعَدَمِ وُجُودِهِ.
يَوْم جُمْعَةٍ بَعِيد يَشْخَصُ هُنَا وَالآن مُرَدِّدًا صَدَى إِجَابَتِكَ وَآخِذًا بِنَاصَيَةِ راسكولينكوف - مُجَدَّدًا - نَحْوَ عَذَابِ الْمَتَاهَةِ.