حذرت منظمة "مراسلون بلا حدود"، اليوم الأربعاء، من أن حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم مهددة من قبل رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، وروسيا والصين التي تحاول سحق كل معارضة.
واتهمت "مراسلون بلا حدود" القوى الكبرى الثلاث بأنها تقود العمل ضد حرية الصحافة، مشيرة إلى أن ترامب يشن هجمات شخصية باستمرار على الصحافيين، وبكين تصدر "نموذجها لمراقبة الإعلام"، من أجل خنق المعارضة في أماكن أخرى في آسيا.
وأضافت المنظمة أن حرية الصحافة سجلت مزيداً من التراجع في العالم العام الماضي، و"أجواء من الكراهية والعداء" ضد الصحافيين خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة، ما يشكل "تهديداً للديمقراطيات".
وفي تقريرها السنوي، لفتت المنظمة إلى أن الصحافيين أصبحوا هدفاً لموجة متنامية للاستبداد مع مجاهرة القادة بالعداء لهم.
وأشارت خارطة المنظمة للعالم التي تستند إلى تصنيفها للدول في مجال حرية الصحافة إلى أن 21 بلداً أصبحت في وضع "خطير جداً"، وهو رقم قياسي، بعد انضمام العراق إلى هذه الفئة التي تضم أيضاً مصر (المرتبة 161)، والصين (176)، وكوريا الشمالية التي بقيت في مرتبتها الثمانين بعد المئة والأخيرة.
وأكدت المنظمة أن خطب الكراهية والهجمات على الصحافة لم تعد تصدر عن الدول المستبدة فقط. ورأت أن التوجه نحو سياسة "الرجال الأقوياء" والشعبوبة في أوروبا التي تؤججها روسيا تهدد الحريات في المنطقة التي كانت يوماً الأكثر أماناً، مشيرة إلى أن الوضع في المجر وسلوفاكيا وبولندا ينذر بالخطر.
وذكّرت بظهور رئيس تشيكيا، ميلوش زيمان، في مؤتمر صحافي بسلاح كلاشينكوف زائف مكتوب عليه "للصحافيين"، ووصف زعيم سلوفاكيا السابق، روبرت فيكو، صحافيات وصحافيين "بالعاهرات القذرات المعاديات لسلوفاكيا" و"الضباع الأغبياء".
وقال رئيس منظمة "مراسلون بلا حدود"، كريستوف دولوار، إن "الكراهية ضد الصحافيين من أخطر التهديدات للديمقراطيات".
وأضاف دولوار أن "القادة السياسيين الذين يزكون احتقار الصحافيين (...) يقوضون مبدأ النقاش العام القائم على الحقائق بدلاً من الدعاية. الطعن في شرعية الصحافة اليوم بمثابة اللعب بنار سياسية خطيرة جداً".
وتابع أنه "لم يعد عداء المسؤولين السياسيين للإعلام خاصاً بالدول المستبدة مثل تركيا أو مصر، بل أصبح يسمم الأجواء السياسية في بعض الديمقراطيات العظيمة".
وأشارت المنظمة إلى أن "نسبة رؤساء الدول المُنتخبين ديمقراطياً الذين لا يعتبرون الصحافة ركيزة أساسية للديمقراطية وإنما خصماً تعلن نحوه البغضاء، قد ارتفعت"، مثل ترامب والرئيس الفيليبيني، رودريغو ديتورتي، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندا مودي.
واعتبرت أن الرئيس الأميركي يعتمد خطاباً بغيضاً بشكل صريح ويعتبر المراسلين "أعداء الشعب"، مستخدما عبارة كان يكررها الزعيم السوفييتي جوزف ستالين.
واتهمت المنظمة روسيا بقيادة رئيسها، فلاديمير بوتين، بـ"خنق الأصوات المستقلة داخل حدودها وتوسيع شبكة دعايتها في العالم بفضل وسائل إعلام مثل (روسيا اليوم) و(سبوتنيك)".
واستخدمت المنظمة لهجة أكثر قسوة بحق بكين، قائلة إن الرئيس الصيني، شي جيبينغ، "يقترب أكثر وأكثر من نسخة معاصرة من الاستبداد". ورأى التقرير أن "الرقابة والمراقبة وصلا إلى مستويات غير مسبوقة بفضل الاستخدام الهائل للتكنولوجيا الحديثة" في ولايته الرئاسية الأولى.
وأضافت المنظمة أن الحكومة الصينية "تسعى لتأسيس نظام إعلام عالمي جديد خاضع لنفوذها بتصدير أدواتها القمعية وأنظمة الرقابة المعلوماتية وأدوات مراقبة الإنترنت"، لافتة إلى أن "رغبة (الصين) الواضحة في سحق كل جيوب المقاومة العامة تجد من يفعل مثلها للأسف في آسيا".
وأشارت المنظمة إلى أن نفوذ الصين وتكتيكاتها يمكن لمسها في تايلاند وماليزيا وسنغافورة.
ومع استمرار النزاعين المسلّحين في سورية واليمن والتهم المتكررة بالإرهاب في مصر وكذلك العربية السعودية، اعتبرت المنظمة أن منطقة "الشرق الأوسط الأكثر صعوبة وخطورة لممارسة مهنة الصحافة".
وتراجعت الجزائر مركزين لتصل إلى المرتبة 136 من بين 180 دولة.
أما تركيا، أكبر سجّان للصحافيين، فسجلت تراجعاً إلى نطاق الدول الـ25 الأكثر قمعاً في العالم. ودانت المنظمة انتشار "رُهاب الإعلام" في تركيا إلى درجة تعميم الاتهامات بالإرهاب ضدّ الصحافيين وسجن غير الموالين منهم اعتباطياً.
ولا تزال كوريا الشمالية أكثر دولة قمعا للصحافة على وجه الأرض، تليها إريتريا وتركمانستان وسورية والصين.
وظلت المملكة العربية السعودية والبحرين وفيتنام والسودان وكوبا ضمن أكثر الدول قمعاً للصحافة، وفق مؤشر حرية الصحافة المؤلف من 180 دولة.
وتراجعت مالطا 18 مرتبة بعد اغتيال الصحافية الاستقصائية دافني كاروانا غاليزيا.
وبعد مقتل 11 صحافياً في المكسيك، أصبح هذا البلد، في 2017، الثاني في العالم من حيث مقتل صحافيين.
لكن التقرير حمل بارقة أمل بخصوص حرية الصحافة في بعض الدول. فالإكوادور تقدمت 13 مرتبة بعد تهدئة التوتر بين النظام ووسائل الإعلام الخاصة، فيما أحرزت كندا بقيادة جاستن ترودو تقدماً وارتقت أربع مراتب لتصبح في المرتبة 18، وتنضم إلى قائمة أفضل عشرين دولة التي تهيمن عليها الدول الأوروبية.
وحققت جامايكا تقدماً لافتاً بعد أن حلت في المرتبة الثامنة إجمالاً، متجاوزة بلجيكا ونيوزيلاندا. وقفزت غامبيا، الدولة الصغيرة في أفريقيا، 21 مرتبة قبل أنغولا وزيمبابوي اللتين قفزتا 4 مراتب ومرتبتين على التوالي.
وكالمعتاد، احتلت الدول الإسكندنافية قمة القائمة، بوجود النرويج في المرتبة الأولى كأكثر دول العالم تمتعاً بحرية الصحافة للعام الثاني على التوالي.
(فرانس برس)