"غودزيلا ملك الوحوش": ادّعاءات بصرية في غياب السينما

28 يوليو 2019
المخرج مايكل دورتي (Getty)
+ الخط -

منذ بدايات السينما، كانت فكرة الوحش، الذي يقتحم المدينة ويقتل البشر، جذّابة للغاية، جماهيريًا. "كينغ كونغ" مثلاً، الذي أنجزه الثنائي مِرْيَان سي. كووبر وإرنست بي. شودْساك عام 1933، عرف نجاحًا كبيرًا حينها، رغم بدائية المؤثّرات. في خمسينيات القرن الـ20، اقتبست هوليوود "غودزيلا" من الأصل الياباني، وقدّمته في أعمالٍ متتالية. في العقود التالية، كانت هناك أفلام كثيرة ذات القالب والفكرة نفسيهما، أشهرها "الحديقة الجوراسية"، التي بدأها ستيفن سبيلبيرغ عام 1993، والتي لها أجزاء أخرى، مع إعادة تقديم تلك الوحوش نفسها مرارًا، كلّما تطوّرت المؤثّرات البصرية.
"غودزيلا: ملك الوحوش" (2019) لمايكل دورتي ينتمي إلى فئة الـ"ريمايك" (إعادة إنتاج). بعد جزء أول أنجزه غاريث إدواردز عام 2014، حقّق نجاحًا نقديًا وجماهيريًا مقبولاً، أُنتج الجزء الجديد بتجاوز الانتقاد الكبير الذي ناله سابقه، والمتعلّق بظهورٍ قليل نسبيًا لـ"غودزيلا" على الشاشة، وبمشاهد قتالية غير مشبعة، ما دفع صنّاع العمل إلى رفع نسبة الحركة والأكشن والقتال، وإدخال "وحوش" أخرى (كـ"كينغ غيدرا" ذي الرؤوس الـ3)، تتصارع مع "غودزيلا"، وتُحوّل الأرض إلى جحيم كامل.

هل أدّى ذلك إلى نتيجة أفضل؟
الواضح أنّ جزءًا أساسيًا من الجودة الفنية والنجاح التجاري لـ"كلّ" أفلام الوحوش والكوارث والكائنات الفضائية، رغم أهمية المؤثّرات البصرية والخيال ومَشَاهد الحركة، يكمن في الدراما والشخصيات البشرية. في "جوراسيك بارك" مثلاً، لا يمكن نسيان شخصيتي جيف غولدبلوم وسام نيل. في "كينغ كونغ"، هناك دائمًا قصّة حبّ مؤثّرة بين الوحش والفتاة الجميلة (التي تؤدّي دورها ممثلة ناجحة جدًا). حتى "غودزيلا" القديم، كان لماثيو برودريك وجان رينو حضورٌ قوي للغاية. في النسخة الجديدة، الحضور قوي لبراين كرانستون وجولييت بينوش.
الـ"شخصيات" ليست عنصرًا فائضًا، والحوارات جزء من "تيمة" العمل، وما يتناوله دراميًا خلف السيارات والمباني المهدّمة. حتى لو جاء الجمهور لمشاهدة القتال والوحوش، فهو معنيٌّ أيضًا بالتورّط العاطفي مع الفيلم.
تلك النقطة البديهية تناساها تمامًا صنّاع "غودزيلا: ملك الوحوش". تركيزهم منصبٌ على تصميم الوحوش، ومشاهد الحركة، والمؤثّرات البصرية المبهرة فعلاً، مع أفكار جديدة أحيانًا كثيرة.

هذا فعّال للغاية في المَشَاهد كقطع منفصلة. لكن، كفيلم سينمائي، لا ترابط بين هذا وذاك، كأنّ كلّ مشهد قتالي مُنفّذ لوحده، ثم جُمِعت المشاهد كلّها معًا في المونتاج. هذا عائدٌ أساسًا إلى فقدان الفيلم للشخصيات والأحداث. فأدوار أبطاله جميعهم تقتصر على مَشَاهد رَبطٍ قصيرة بين تتابعات الحركة الكبرى، وفي كلّ مرة يظهرون على الشاشة يُصاب المُشاهد بملل شديد، لأن لا دراما أو حدث يتطوّر. ما تنطقه الشخصيات مجرّد معلومات عن الخطر، وعن كيفية مواجهته، وعن الأسلحة المتاحة.
لا يُمكن تذكّر شخصية واحدة، كما أنه لا وجود لشخصية يهتم المُشاهد بمصيرها، ويشعر بالخطر مع اقتراب الموت منها. النتيجة؟ فشل نقدي وجماهيري.
يُفترض بهذا الفيلم أن يمهّد لـ"غودزيلا مقابل كونغ"، الذي يُتوقّع أن تُطلق عروضه التجارية في مارس/ آذار 2020. هذه نقطة الذروة في عالم "الوحوش"، الذي تقف وراءه شركة "وارنر إخوان". ورغم جاذبية الصدام بين "كونغ" و"غودزيلا"، بكلاسيكيتهما السينمائية، فإنّ المؤشرات لا تُنبئ بنتيجة جيّدة، لأن تصوير الفيلم انتهى قبل عرض "ملك الوحوش".
فهل يُمكن تدارك ذلك في مرحلة "ما بعد الإنتاج"، أي أثناء المونتاج أو تصوير مشاهد أخرى، كما أشارت تقارير مختلفة مؤخّرًا؟
أشهر قليلة تفصلنا عن معرفة الجواب.
دلالات
المساهمون