"ربيع دبلوماسي" في بغداد... وبرهم صالح يكسر جمود الرئاسة

بغداد

براء الشمري

avata
براء الشمري
16 يناير 2019
5AC2A75E-DD49-4A7A-9278-448C38557B52
+ الخط -

للشهر الثاني على التوالي، تواصل العاصمة العراقية بغداد، استقبال زعماء ومسؤولين عرب وأجانب، في واحدة من الصور غير المألوفة على المشهد العراقي، وسط ترحيب واسع من أوساط سياسية وثقافية وشعبية عراقية، عدّتها مؤشراً على نجاح الرئيس الجديد برهم صالح في كسر الجمود الذي ظل يهيمن على منصب رئيس الجمهورية خلال السنوات الـ13 الماضية، إذ أثمرت زياراته الأخيرة إلى عدد من الدول عن زيارات بالمثل إلى بغداد.

وبعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى بغداد، ومن قبلها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وصل الملك الأردني عبد الله الثاني، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إلى العاصمة العراقية، في زيارات أعلن عنها سابقاً من قبل مسؤولين عراقيين. وتعد زيارة عبد الله الثاني إلى بغداد هي الأهم لما تحمله من دلالات سياسية وأمنية واقتصادية. وعلى غير العادة دخل البرلمان العراقي في جدول لقاءات المسؤولين القادمين إلى بغداد، إذ زار ظريف ولودريان مقر البرلمان وعقدا لقاءات مع رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، ونائبيه.

وقال مستشار في ديوان الرئاسة العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن صالح نجح في كسر الصورة النمطية عن منصب رئيس الجمهورية، الذي عرف بكونه منصباً شرفياً بلا صلاحيات، واليوم هو يحتل مكانة مهمة داخل العملية السياسية في العراق وخارجه. وأشار إلى أن من المؤمل أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة العراق، إضافة إلى مسؤولين خليجيين وعرب، وهي ثمار جولة صالح الأخيرة لعدد من الدول. وشدد على أن العلاقة التاريخية والشخصية بين صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي دفعت بشكل إيجابي لتحرك برهم صالح بشكل أكثر أريحية، إذ كان رؤساء الوزراء السابقون أكثر تضييقاً على الرئيس في الدورات الماضية، في إشارة إلى رئيسي الوزراء السابقين نوري المالكي وحيدر العبادي. وأشار إلى وجود توجه لدى العراق لاستعادة دوره الإقليمي الذي فقده خلال السنوات التي أعقبت احتلاله، وهذا الدور لن يكون إلا من منطلق كونه دولة عربية، على عكس ما كانت الحكومات السابقة، التي كانت تنطلق من منظار طائفي للسياسة الخارجية العراقية.


وجاء وصول الملك عبد الله الثاني إلى بغداد بعد شهر من زيارة رئيس الوزراء الأردني عبد الله الرزاز إلى العراق، والتي تم خلالها حسم عدد من الملفات المهمة. وسبق ذلك زيارة قام بها صالح إلى عمان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ورأى عضو تحالف "الإصلاح"، علي الربيعي، في هذا الأمر مؤشراً إيجابياً يدل على قيمة العراق كلاعب أساس لا يمكن الاستغناء عنه في المنطقة، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أن وصول ملوك ووزراء ومسؤولين يمثلون وجهات نظر مختلفة حيال أزمات العراق والمنطقة خير دليل على ذلك. وشدد على ضرورة استغلال العراق للظرف الحالي الذي لم يتوفر له سابقاً من أجل تعزيز مكانته التي فقدها منذ الاحتلال الأميركي، موضحاً أن المرحلة المقبلة ينبغي أن تركز على تعزيز العلاقات الخارجية، بعد كسب المعركة الأمنية من خلال دحر تنظيم "داعش". وتابع "إلا أن العراق ينبغي أن يحذر من مغبة زج نفسه في الصراعات الإقليمية والدولية"، مستشهداً بزيارتي وزيري خارجية إيران وفرنسا إلى العراق في وقت متزامن، على الرغم من أن للدولتين موقفاً متناقضاً من الأزمة السورية.

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان زار بغداد الإثنين، وفقاً لما أكده مصدر حكومي قال، لـ "العربي الجديد"، إن الوزير الفرنسي بحث مع نظيره العراقي محمد علي الحكيم، ومسؤولين عراقيين آخرين، الأوضاع الأمنية في العراق ومستقبل المنطقة بعد تراجع خطر تنظيم "داعش". وقال لودريان، بعد اجتماعه مع عادل عبد المهدي، إن "فرنسا ستمضي قدماً بعلاقات الشراكة والتعاون مع العراق ودعم الحكومة العراقية التي تقود العراق بنجاح"، مشيراً إلى "زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بغداد لتأكيد الدعم وتطوير علاقات الصداقة والتعاون والشراكة القائمة بين البلدين". وتأتي زيارة الملك الأردني ووزير الخارجية الفرنسي إلى العراق بعد يوم واحد على اجتماعهما في عمان. وكان ظريف بدأ زيارة إلى العراق الأحد الماضي، وبحث مع محمد علي الحكيم، ملفات التعاون الاقتصادي بين البلدين، والتحديات الأمنية التي تواجه المنطقة. كما التقى الوزير الإيراني عدداً من المسؤولين، وقادة الأحزاب العراقية، بينهم رئيس تحالف "الإصلاح" عمار الحكيم. وقال ظريف، خلال اجتماعه مع الحكيم، إن الرئيس الايراني حسن روحاني سيقوم بزيارة قريبة إلى العراق، معتبراً أن تعزيز الديمقراطية في العراق يمثل محط فخر للإيرانيين.

واعتبر أستاذ السياسة الدولية في جامعة بغداد، إياد الغراوي، أن الفرصة تبدو مؤاتية للعراق ليكون نقطة للتوازن في المنطقة في ظل توافد شخصيات عربية وإقليمية ودولية عليه، لكنه أشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن التعامل مع بعض الملفات ينبغي أن يكون بحذر شديد. وقال إن "على العراق البحث عن مصلحته قبل كل شيء دون النظر إلى ما تريده الأطراف الأخرى"، مشدداً على ضرورة نأي العراق بنفسه عن التجاذبات في قضايا حساسة، كتلميحه لرفض العقوبات الأميركية على إيران، أو اتخاذ موقف مؤيد للنظام السوري، وهذه الأمور قد تكون مصدر إزعاج لواشنطن، التي لا يمكن لبغداد الاستغناء عنها في الوقت الحاضر على الأقل.

ذات صلة

الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
الصورة
تواصل الاحتجاجات ضد "هيئة تحرير الشام"، 31/5/2024 (العربي الجديد)

سياسة

شهدت مدن وبلدات في أرياف محافظتي إدلب وحلب الواقعة ضمن مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام احتجاجات ضد زعيمها أبو محمد الجولاني وجهازها الأمني
الصورة
الحريات في العراق

سياسة

إتاحة الحريات في العراق ما بعد صدام حسين كانت من شعارات غزو بلاد الرافدين. لكن منذ سنوات يتراجع منسوب الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية في هذا البلد بسرعة.