"رايتس ووتش": إلغاء إسرائيل إقامات فلسطينيين انتهاك خطير للقانون الدولي

08 اغسطس 2017
التضييق والترحيل مستمر منذ 1948(محفوظ أبو ترك/الأناضول)
+ الخط -
أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلاثاء، أن إلغاء إسرائيل إقامات آلاف الفلسطينيين في القدس الشرقية يجبرهم على مغادرة مدينتهم، ما يعتبر ترحيلا قسريا وانتهاكا خطيرا للقانون الدولي.

وأشارت المنظمة في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، إلى أنه منذ بداية احتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام 1967 وحتى نهاية 2016، ألغت إسرائيل إقامة 14595 فلسطينيا من القدس الشرقية على الأقل، بحسب وزارة الداخلية.
ولفتت إلى تبرير السلطات بأن معظم عمليات الإلغاء جرت على أساس عدم إثباتهم أن القدس "مركز حياتهم"، لكنها ألغت أخيرا أيضا إقامة فلسطينيين متهمين بمهاجمة إسرائيليين كعقوبة لهم وكعقوبة جماعية ضد أقارب المتهمين المشتبه بهم.

ورأت المنظمة الحقوقية أن النظام التمييزي يجبر العديد من الفلسطينيين على مغادرة مدينتهم في ما يصل إلى عمليات ترحيل قسري، كانتهاك خطير للقانون الدولي.

قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"،  سارة ليا ويتسن: "تدّعي إسرائيل معاملة القدس كمدينة موحدة، لكنها تحدد قوانين مختلفة لليهود والفلسطينيين. يزيد التمييز المتعمد ضد فلسطينيي القدس، بما في ذلك سياسات الإقامة التي تهدد وضعهم القانوني، من انسلاخهم عن المدينة".

وقابلت المنظمة 8 عائلات مقدسية أُلغيت إقاماتها بين شهري مارس/آذار ويوليو/تموز 2017، وراجعت خطابات إلغاء الإقامة وقرارات المحاكم وباقي الوثائق الرسمية، كما تحدثت إلى محاميهم. وأُخفيت هوية أغلب من قوبلوا لحماية خصوصيتهم ومنع الأعمال الانتقامية المحتملة من السلطات.

ونقلت عن فلسطيني ألغت إسرائيل إقامته إنه اضطر إلى تسلق الجدار العنصري الفاصل الإسرائيلي لحضور حفل زفاف عائلي في الجزء الآخر من الضفة الغربية. فيما قال آخر إن السلطات الإسرائيلية رفضت إصدار شهادات ميلاد لأطفاله الخمسة الذين ولدوا جميعا في القدس. أما باقي المقدسيين الذين لم يتمكنوا من الحصول على إقامة ممن تم لقاؤهم قالوا إنهم غير قادرين على العمل قانونيا، والحصول على مستحقات الرعاية الاجتماعية، وحضور حفلات الزفاف والجنازات أو زيارة أقاربهم المرضى ذوي الحالة الخطرة في الخارج، خوفا من رفض السلطات الإسرائيلية السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.

إلغاء الإقامات، إلى جانب عقود من التوسع الاستيطاني غير المشروع وهدم المنازل والقيود المفروضة على البناء في المدينة، أدى إلى زيادة الاستيطان غير المشروع من جانب المواطنين اليهود الإسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة، مع تقييد نمو السكان الفلسطينيين في الوقت ذاته. يعكس ما سبق هدف الحكومة الإسرائيلية المتمثل في "الحفاظ على أغلبية يهودية قوية في المدينة"، كما جاء في الخطة الرئيسية لبلدية القدس ("مخطط القدس لعام 2000")، والحد من عدد السكان الفلسطينيين.


ومنذ عام 2003، قدم طلب الجنسية نحو 15 ألف فلسطيني من أصل 330 ألفا، ووافقت السلطات الإسرائيلية على أقل من 6 آلاف منهم.

على مدى عقود، ألغت السلطات الإسرائيلية إقامة فلسطينيين مقدسيين استقروا خارج إسرائيل فترة 7 سنوات أو أكثر دون تجديد تصاريح خروجهم أو عند حصولهم على إقامة دائمة أو جنسية البلد الذي استقروا به.

مع ذلك، حدثت معظم عمليات الإلغاء بعد عام 1995، بعد إعادة وزارة الداخلية تفسير قانون دخول إسرائيل لعام 1952 للسماح بإلغاء إقامة أولئك الذين لم يعملوا للحفاظ على القدس "كمركز لحياتهم". بموجب التفسير الجديد، بدأت السلطات الإسرائيلية أيضا بإلغاء إقامة المقدسيين الفلسطينيين الذين يعيشون في أجزاء أخرى من فلسطين خارج حدود بلدية القدس أو ممن درسوا أو عملوا في الخارج لفترات طويلة.

وأكدت المنظمة أنه لا يتوجب على المقدسيين من حملة الجنسية الإسرائيلية برهان أن القدس "مركز حياتهم" للمحافظة على وضعهم القانوني، مشيرة إلى أن القانون الإنساني الدولي يحظر صراحة على سلطة الاحتلال إجبار من هم تحت احتلالها على التعهد بالولاء أو الإخلاص لها.


ولفت التقرير إلى قرار صدر في مارس/آذار 2017، قضت "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية بموجبه بأن فلسطينيي القدس الشرقية يتمتعون "بوضع خاص"، باعتبارهم "سكان البلاد الأصليين"، وينبغي للسلطات أن تأخذه في الحسبان عند تحديد وضعهم. ووجد التقرير أنه ينبغي ألا يضطر الفلسطينيون إلى الحصول على الجنسية في ظل الاحتلال لتأمين وضعهم وحقوقهم.

قالت ويتسن: "كجزء من سعيها إلى توطيد أغلبية يهودية في القدس، تجبر السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين المقدسيين على العيش كأجانب في منازلهم. تبقى إقامة الفلسطينيين سارية طالما أنهم لا يمارسون حقهم في السفر إلى الخارج للدراسة أو العمل، أو الانتقال إلى الحي غير المناسب، أو الحصول على إقامة في بلد آخر".

(العربي الجديد)

المساهمون