"ذا دارك تاور"... فقر الخيال يفسد رواية ستيفن كينغ

16 اغسطس 2017
إدريس إلبا في الفيلم (يوتيوب)
+ الخط -
يعتبر الكاتب، ستيفن كينغ، من أشهر الروائيين الذين تم اقتباس أعمالهم الأدبية في السينما، رغم تقديره المحدود في أوساط المثقفين. ويرجع ذلك التناقض، ربما، إلى قوة الأفكار والعوالم التي يخلقها، وكونها ملهمة سينمائياً، حتى لو شابها بعض الضعف الأدبي في اللغة والتطور الدرامي. وسلسلته The Dark Tower (البرج المظلم) التي صدر جزؤها الأول عام 1982 وتتابعت في ثمانية أجزاء، حتى الجزء الأخير عام 2004، تعتبر من أنجح أعماله، والتي كان من المنتظر جداً تقديمها سينمائياً منذ وقت طويل، لأنها تحمل داخلها كلّ العوامل الداعمة لنجاح كبير: الخيال، الملحمة، الصراع، الأجواء الفانتازية، الأبطال الذين يرتبط بهم المتفرج، وغيرها. 

وعلى مدى السنوات الأخيرة، جرت أكثر من محاولة لإنتاجها، قبل أن ترى النور أخيراً تحت قيادة المخرج الدنماركي، نيكولاج أرسيل، في فيلمه الهوليوودي الأول الذي يدير فيه ماثيو ماكونهي وإدريس ألبا في أدوار البطولة. ورغم توفر كل عوامل النجاح، إلا أن الفيلم جاء واحداً من أكثر الإنتاجات المحبطة في صيف 2017.

يبدأ الفيلم بشكل جيد، من خلال شخصية الطفل "جيك" الذي يرى حلماً متكرراً عن شخص ما يقتل رجلاً يرتدي ملابس سوداء في برج غريب الشكل، يبدأ في رسم المبنى الذي يراه في الحلم، ويستطيع أخيراً أن يصل إليه في الواقع. وهناك يتعرف على الخيط الأساسي الذي يصنع حبكة الروايات: حيث البرج المظلم الذي يحمي بعض العوالم الكونية ومن ضمنها الأرض. ويحاول الفارس "رولاند" (أحد أعضاء جماعة سرية) أن يقتل "والتر"، الساحر ذا الملابس السوداء الذي يسعى لتدمير البرج، وبالتالي فناء الأرض. ومع وصول "جيك" يطلب منه "رولاند" مساعدته لأن له دوراً مهماً في تلك المهمة. ومنذ تلك اللحظة، ينحدر مستوى الفيلم تماماً حتى نهايته.

حين كتب ستيفن كينغ هذه الرواية، كان يسعى لأن يدمج صنوفاً أدبية مختلفة، ويضع أبطال أفلام الغرب الأميركي (وعلى رأسهم كلينت إيستوود حينها) في عالم فانتازي مثل "سيد الخواتم"، وهو خليط ملهم ونجح جداً.



هنالك عاملان أساسيان يرتبط بهما تكرار نجاح كينغ الأدبي على الشاشة: أولاً، شكل العالم أو الكون الموازي الفانتازي الذي يخلقه الفيلم، وكذلك، كيفية تأسيس قواعده وخدعه، وما يمكن أن يحدث فيه. ثانياً، جاذبية الأبطال أنفسهم، وحِدَّة الصراع بينهم، خصوصاً ونحن نتحدث عن "بطل" بمواصفات الغرب الأميركي، في مقابل "ساحر" قادر على إنهاء العالم، في حال استطاع تدمير البرج المظلم الذي تتمحور حوله الأحداث.

فشل هذا الفيلم يرتبط بنسبة تزيد عن 70% في عدم قدرته على النجاح في الجزئية الأولى المرتبطة بخلق العالم، هناك فقر غريب في خيال وصورة الفيلم، لا توجد أي لحظة مبهرة، أو أي استخدام مختلف لأفكار السحر والعوالم المتداخلة وقدرات الأبطال. وفي الوقت الذي شاهدنا فيه في السنوات الأخيرة أفلاماً تلعب على فكرة الأكوان، وأهمها فيلما شركة "مارفيل" "حراس المجرة " و"دكتور سترانجر"، وبذل صناع تلك الأفلام كل جهودهم لمنح تميز بصري ولحظات فريدة. لكنّ "البرج المظلم" لا يبدو مشغولاً أصلاً بتلك النقطة، لا من ناحية الكتابة وتأسيس قوانين الفيلم وعالمه الفانتازي، ولا من ناحية الشكل حيث الصورة عادية وتقليدية وتنتمي للواقع حتى في أكثر لحظاتها خيالية.


أما في النقطة الثانية المرتبطة بالأبطال، فهناك مشكلة واضحة في الطريقة التي يتم تقديمهم بها، وهي طريقة متسرّعة، وعديمة الأحداث، والجمل الحوارية شديدة السذاجة من قبيل "إنني لا أقتل بمسدسي ولكن أقتل بقلبي".

وبالتالي، فلا يوجد تلمس؛ لا لخطورة الشرير الذي يجعلنا نصدق فعلاً أنه قد يدمر العالم، ولا لملحمية البطل الذي يفترض فيه أن يكون بجاذبية إيستوود في أفلام الغرب الأميركي.



المساهمون