"داقوق"... بلدة تزدحم فيها صور الزعامات العراقية والإيرانية

15 اغسطس 2020
خلال رفع جدارية لأرشد الصالحي في داقوق أخيراً (فيسبوك)
+ الخط -

إلى الجنوب من مدينة كركوك شمالي العراق، تزدحم بلدة داقوق ذات القوميات المتعددة؛ التركمانية والعربية والكردية، بصور الزعامات السياسية والدينية وحتى المليشاوية، في ظاهرة تحصل بمناطق أخرى من العراق ومنذ سنوات، غير أنها في بلدة داقوق تخطت ما يعتبره السكان المعقول، بعد رفع صور وملصقات لجنرالات إيرانيين، ولعل أبرزهم قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، والقائد في الحرس الثوري حميد تقوي الذي قتل قرب تكريت عام 2014، وللمرشد الإيراني علي خامنئي، إضافة إلى صور للشيخ البحريني عيسى قاسم، وآخرين.

وأفاد موقع "كركوك ناو" المعني بشؤون المناطق المتنازع على إدارتها بين بغداد وأربيل أخيراً، بأنّه خلال الأسبوع الماضي، أزيح الستار عن جدارية جديدة لرئيس الجبهة التركمانية في البرلمان العراقي، أرشد الصالحي، لتُضاف إلى صور وجداريات أخرى لزعامات سياسية ودينية تنتشر في البلدة، مثل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والأمين العام لمنظمة "بدر" هادي العامري، والمرجع الديني علي السيستاني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" السابق أبو مهدي المهندس، وقاسم سليماني وآخرين. ونقل الموقع عن قائمقام قضاء داقوق، لويس شيخ فندي، قوله إنّ "إدارة القضاء لم تكن مطلعة على نصب وتعليق صور هؤلاء القادة، ولم يتم أخذ موافقتنا عليها".


يتوقّع السكان أن تزيد حرب الصور داخل البلدة بعد تحديد موعد الانتخابات المبكرة

ومع بدء الحديث عن الانتخابات المبكرة وتحديد موعد لإجرائها في السادس من يونيو/حزيران من العام المقبل، يتوقّع السكان أن تزيد حرب الصور داخل البلدة أكثر، والتي بالعادة أطرافها هي المكاتب السياسية والأذرع المحلية للأحزاب والحركات السياسية والدينية والمسلحة التي تزدحم بها داقوق.

في السياق، قال زين العابدين ناظم (43 عاماً)، وهو من أهالي بلدة داقوق، إنّ "الأوضاع الأمنية مربكة في القضاء، إذ لا يزال تنظيم داعش يهدد المنطقة وينصب باستمرار على الطريق الرابط مع محافظة ديالى، الكمائن للمواطنين والمنتسبين في الأجهزة الأمنية، ومع ذلك نلحظ أنّ الاهتمام في المدينة للعمل السياسي على حساب أمن العراقيين". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "المكون التركماني في مدينة داقوق يشهد صراعاً سياسياً هو الآخر بين أطرافه كالذي يحدث داخل الأحزاب السياسية الشيعية والسنية والكردية، وهناك احتراب داخلي على المناصب والمواقع المهمة في الدولة بين القادة السياسيين الذين يزعمون أنهم يمثلون المكون، فضلاً عن الشوارع واختيار الصور لتوزيعها على الساحات والميادين والأرصفة".

سباق تعليق صور في #كركوك #قضاء #داقوق

Posted by ‎مجتهد كركوك‎ on Monday, August 10, 2020

ولفت إلى أنّ "الأوضاع الأمنية متردية منذ أشهر، وتحديداً بعد أن بدأ فيروس كورونا بالتفشي، وإثر انسحاب بعض القطعات الأمنية من أطراف البلدة ودخولها إلى عمقها، لتطبيق قرار حظر التجوال على المواطنين كشرط من شروط الوقاية من الفيروس، وقد بات هناك هاجس لدى الأهالي باحتمال شنّ هجمات جديدة تستهدفهم".

وتعرضت البلدة إلى سلسلة من الهجمات من قبل تنظيم "داعش" خلال السنوات الأخيرة، تسببت بمئات الضحايا والمصابين من سكانها، وهو ما يعزوه مراقبون إلى الانشغال بالتكتلات السياسية الضيقة في البلدة على حساب الأمن، على الرغم من أنّ عدد سكانها لا يتجاوز الثمانين ألف نسمة، فضلاً عن أنه يحيط بها عدد من المعسكرات الضخمة لفصائل مسلحة؛ بعضها مرتبط بإيران ضمن قرى ما زال أهلها ممنوعين من العودة إليها.


بلدة داقوق خاضعة للأحزاب السياسية التركمانية والنفوذ الإيراني بشكل مباشر

من جهته، أشار خليل البياتي، وهو ناشط في مدينة كركوك المجاورة لبلدة داقوق، إلى أنّ "المحافظة مقسمة بين الأحزاب العربية والتركمانية، إلى درجة أنها باتت ساحة للمطاحنات السياسية، وبلدة داقوق خاضعة للأحزاب السياسية التركمانية والنفوذ الإيراني بشكل مباشر، إذ إنّ قادة من الحرس الثوري يشرفون عليها شخصياً".

وأوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه "خلال السنوات التي سبقت عام 2017، كانت الأحزاب الكردية هي المتحكمة والنافذة في كركوك وبضمنها بلدة داقوق، لدرجة أنّ الخلافات كانت كبيرة بشأن الصور التي تعلّق وتوزع في الشوارع، لأن بعض القادة الأكراد غير مرغوب بهم في المناطق التركمانية، ومنهم جلال طالباني ومسعود بارزاني".

Posted by ‎أنصار الصدر داقوق‎ on Tuesday, August 23, 2016

لكن عضو البرلمان العراقي عن المكون التركماني، مختار الموسوي، يسرد رواية مختلفة تماماً لما يقوله السكان، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الصور والملصقات التي تنتشر في داقوق وغيرها من المناطق ذات الأغلبية التركمانية، هي على الأغلب تمثّل توجهات المواطنين، والجماهير هي التي تتكفل بنشر الصور بما يتناسب مع رغباتها"، معتبراً أنّ "نشر صور بعض رجال الدين يعبر عن تديّن الأهالي، ونشر صور بعض السياسيين هو أيضاً يعبر عن التوجهات السياسية، لذلك لا مشكلة في هذا الأمر، طالما أنه لا يشوّه جمال المدن ولا يتجاوز القوانين".