في منطقة كليمنصو في بيروت، يوجد مبنى أبيض على مفترق طرق، مؤلّف من ثلاثة طوابق، بداخله "حلم" عمره أكثر من أربعة عقود كان خلالها رامي النمر يعمل على جمع الأعمال الفنية والمخطوطات والمجموعات الأثرية، بقناعة مفادها أنه ينبغي إظهار وتثمين الإرث الثقافي لبلاد الشام.
في أيار/ مايو 2016، جرى افتتاح "دار النمر"، كان ذلك من خلال معرض للمتحف الفلسطيني تحت عنوان "أطراف الخيوط: فن التطريز الفلسطيني في سياقه السياسي"، ثم تتالت بعدها المعارض والفعاليات.
وحتى لا تكون المجموعات مجرّد مقتنيات في متحف صامت بلا حياة، حاول مشروع "دار النمر" أن يكون ثقافياً فنياً متكاملاً، له علاقة بطموحه الأصلي: توثيق ذاكرة فلسطين وبلاد الشام، ومهتماً في الوقت نفسه بالشأن الثقافي من كافة نواحيه، في ظل وجود تراجع ثقافي تشهده المنطقة، وبيروت منها.
في جولة بين مساحات المبنى الأبيض، مع المديرة التنفيذية لـ"دار النمر"، رشا صلاح، نلمس تفاصيل المشروع من بداية الفكرة إلى المسارات التي سلكها منذ ثلاثة أعوام. تقول صلاح في حديث إلى "العربي الجديد": "الفكرة التي بنى رامي النمر عليها الدار، تتمثل في تقديم عربون شكر من فلسطينيّي لبنان إلى بيروت، التي احتضنت واستقبلت المبدعين والناشطين الفلسطينيين، وإعادة الاعتبار لهم، وأيضاً بناء الجسور بين لبنان وفلسطين عبر الفعاليات والمعارض الراهنة، بالتعاون مع جهات لها علاقة بالشأن الثقافي".
وعن نوعية الأنشطة التي أقامتها المؤسسة، تذكر محدّثتنا عرضاً سنوياً لمجموعة مقتنيات رامي النمر كما حصل في العام الماضي في معرض "مداد" ومعرض "بحرٌ من حكايات ـ قلنديا الدولي"، بالإضافة إلى تقديم أفلام ومسرحيات وعروض موسيقية، ونقاشات في مختلف المجالات الثقافية، وورش عمل.
وعن الفئات التي تتوجّه إليها "الدار"، ترى صلاح أن من أهم ما تحقّق هو استقطاب جمهور متنوّع من كل الفئات الثقافية والاجتماعية والعمرية، كما تشير إلى وجود انتظام في حضور الجمهور في مختلف الفعاليات، مشيرة بالخصوص إلى استقبال أطفال المخيمات، الذين يتعرّفون على الهوية والتراث الفلسطينيين من خلال المشاركة في ورش العمل، في مكان يعبّر عن هويتهم خارج المخيّم.
تضيف صلاح أن "دار النمر" هي مؤسسة غير ربحية، وأن كافة العروض والفعاليات مجانية، ويبقى الطموح أن تستمر النشاطات على نفس وتيرة العمل والتعاون مع مؤسسات ثقافية في لبنان، في انتظار مدّ الجسور إلى مناطق أخرى وخصوصاً شمال أفريقيا.