"حل الدولتين"... الميت الحي

19 مارس 2017
القدس مهد الديانات الثلاث (كريس ماك غرايث/Getty)
+ الخط -
مع عودة الحرارة بين إدارة الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تُقام مراسم التغني بـ"حل الدولتين" بوصفه "الحل الوحيد" لتحقيق السلام، ويعود خيار حل الدولتين للحياة، بعد أن صدرت له شهادات وفاة عدة، وكأنه وُلد أصلاً.

وفي لجة الفرح بالاتصال الأميركي، وتوهم البعض بعودة الروح لقط "حل الدولتين"، ذي السبع أرواح، فات المحتفلون أن جرافات المُحتلين دفنت هذا الحل منذ زمن، وشيدت على مثواه آلاف الوحدات الاستيطانية، في أراض محتلة، يُفترض، حسب "حل الدولتين"، أن تُقام عليها الدولة الفلسطينية. وتغافل المبتهجون باتصال ترامب، أن سياسات التهويد التي تمارسها حكومة بنيامين نتنياهو وشركاؤه اليمينيون، طمست هوية القدس، التي يُفترض أن تكون، حسب حل الدولتين، عاصمة الدولة الفلسطينية.

حرارة الاتصال بين أبو مازن وترامب، يجب أن تجعل الأول أكثر حرصاً وحذراً، ذلك أن المكالمة، التي بعثت بعض الحرارة في "حل الدولتين"، دون أن تجعله خياراً وحيداً، جاءت بعد استقبال نتنياهو في البيت الأبيض، حيث قدم رئيس حكومة الاحتلال للرئيس الجديد، رؤية جديدة للسلام تقوم بالأساس على اعتراف عربي ودولي بـ "إسرائيل يهودية" يُسمح لها بضم كل الأراضي المفيدة من الضفة الغربية، بما في ذلك كل القدس الشرقية.

كما أن حديث الرئيس ترامب عن حل الدولتين، بوصفه "ليس الحل الوحيد"، لا يجب أن يُسخن خيال البعض، إلى حد التوهم بأن من يرفض حل الدولتين، قد يقبل بـ"دولة واحدة" ديمقراطية، يتعايش فيها العرب واليهود، متساويين أمام القانون، ومتساويين في الحقوق والواجبات، كما يتخيل، كبير المفاوضين الفلسطينيين، وصاحب كتاب "الحياة مفاوضات"، صائب عريقات، لأن نتنياهو الذي دفن "حل الدولتين" بعد أن قتله منذ سنوات، لن يتخلى للحظة عن مشروعه الصهيوني الأزلي في إقامة دولة إسرائيل اليهودية.

وقبل أن تخطف حرارة المكالمة الهاتفية ألباب الواهمين بالسلام، وقبل أن ينشغلوا بحزم حقائبهم لمرافقة أبو مازن إلى البيت الأبيض، عليهم الانتباه والحذر، فهذا الكرم الأميركي المُفاجئ، تزامن مع تعيين ديفيد فريدمان، سفيراً جديداً للولايات المتحدة في إسرائيل، وهو المحامي الذي "يتطلع للعمل من القدس بوصفها العاصمة الأبدية لإسرائيل"، كما ترافق مع الحديث عن مشاريع بديلة من شأنها تصفية القضية الفلسطينية.


المساهمون