وصفت جبهة الدفاع عن الحريات، وهي مبادرة حقوقية للدفاع عن المعتقلين في مصر، عام 2016 بأنه شهد كثيراً من الألم، وقليلاً من الأمل.
وقدمت الجبهة كشف حساب للقضايا التي واجهتها خلال العام المنصرم، بمناسبة الذكرى السنوية لتأسيسها، والذي وصفته أيضا بـ"عام على بداية حلقة جديدة من النضال الديمقراطي في سبيل الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية".
ورأت الجبهة أنه ورغم حقيقة كون العام المنصرم، عامًا ثقيلًا مليئًا بالانتهاكات والتحديات والصعوبات التي واجهت أية محاولة للدفع تجاه ديمقراطية مُغيبة؛ إلا أنه لم يخلُ من قليل الانتصار والأمل في غدٍ أفضل.
وشكلت جبهة الدفاع عن الحريات بمبادرة من أمانة الحقوق والحريات بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، واتخذت من الدستور المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان حصنًا للدفاع عن حريات المواطنين. وضّمت في عضويتها ممثلين عن أحزاب سياسية ولجان نقابية ومنظمات مجتمع مدني، قرروا جميعًا الاصطفاف خلف قضايا عديدة تهدد الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.
ورأت الجبهة في تقريرها السنوي أن عام 2016 كان واحدًا من أسوأ الأعوام التي مرت على مصر منذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، من حيث الهجمة الأمنية الشرسة التي تعرضت لها القوى الديمقراطية، وحملات الاعتقالات لمئات الشباب، وتشديد الحصار على منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، مرورًا بتعرض المئات لجرائم الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة من قبل الأجهزة الأمنية، وتردي الأوضاع الصحية داخل السجون وأماكن الاحتجاز، بالإضافة إلى تصاعد حدة الهجمات الطائفية ضد المسيحيين، واستمرار سياسات التجاهل والمماطلة في التعامل مع القضية النوبية واستمرار انتهاكات العنف ضد المرأة، ونهاية بالهجمة الشرسة على حرية الرأي والتعبير التي تجلت في حصار نقابة الصحفيين ومحاكمة النقيب وعضوي مجلس النقابة.
وفي ملف حقوق الإنسان، قالت الجبهة إنه في الوقت الذي وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات - منظمة مجتمع مدني مصرية - ما يقرب 912 حالة اختفاء قسري بين أغسطس/آب 2015 وأغسطس/آب 2016؛ أعلن مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب عن 433 حالة تعذيب وسوء معاملة في السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة.
وعن العنف القائم على النوع الاجتماعي، أشار التقرير إلى ما نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في يونيو/حزيران 2016، مسح الكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر؛ والذي أوضح فيه أن 90 % من النساء المصريات كن ضحية لجريمة ختان الإناث، وأن 11% من النساء أُجبرن على الزواج، وأن ما يزيد عن ربع النساء تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة.
وحول وقائع العنف الطائفي، أكد التقرير أن النصف الثاني من العام الماضي، شهد ما لا يقل عن 8 وقائع لعنف طائفي ضد المواطنين المسيحيين، والتي ما تزال بعض آثارها باقية حتى الآن، واختتم بتفجير الكنيسة البطرسية في شهر ديسمبر الماضي الذي خلف قرابة 29 قتيلا أغلبهم من النساء والأطفال، ورغم ارتباط غالبية الهجمات الطائفية في مصر بأزمة بناء الكنائس؛ إلا أن قانون بناء الكنائس الجديد خرج على نحوٍ غير مأمول وحافظ على غالبية القيود التي عانى منها المسيحيون في السابق.
وبشأن ملف الاقتصاد، أشار التقرير إلى أنه لا يمكن إغفال كارثية السياسات الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة المصرية خلال العام الماضي، والتي أدت في النهاية لزيادة الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لغالبية المواطنين وارتفاع معدلات الفقر والبطالة بالمجتمع.
وفيما يتعلق بمطاردة منظمات حقوق الإنسان، قالت الجبهة: "يعد عام 2016 أحد أسوأ الأعوام التي مرت على مصر من حيث الهجمة غير المسبوقة ضد المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان؛ فقد شهد العام الماضي تعرض ما لا يقل عن 7 من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان للمنع من السفر على خلفية أنشطتهم المتعلقة بمجال حقوق الإنسان، بينما جمدت أرصدة 3 منظمات وحسابات 5 أشخاص أسسوا أو يديرون منظمات حقوقية بارزة".
وقالت الجبهة عن قانون الجمعيات الجديد الذي مرره البرلمان المصري في عُجالة شديدة: "يعد بمثابة شهادة وفاة العمل الحقوقي في مصر لما به من قيود غير منطقية جعلت الجمعيات تخضع لسلطة مجلس يسيطر عليه ممثلون عن المخابرات العامة ووزارتي الداخلية والدفاع، ويسمح للمجلس بحلّ الجمعيات بناء على مخالفات فضفاضة الصياغة".
ورغم الكم المروع من الانتهاكات خلال العام الماضي ووقوف تحديات ومعوقات عديدة في وجه أية محاولات للتغيير أو الإصلاح؛ إلا أنه كان لجبهة الدفاع عن الحريات إسهام في الدفع نحو احترام حقوق المواطنين وحرياتهم".
أما فيما يتعلق بجهود الجبهة، فلفتت إلى أنه في فبراير/شباط 2016 تعاطت الجبهة مع قضايا ازدراء الأديان، وعقدت مؤتمرًا صحافيًا تناولت فيه تحليلًا كاملًا لمساوئ المادة (98 و) من قانون العقوبات وانتهاكها لحرية الاعتقاد والرأي والتعبير، وطالبت البرلمان المصري بضرورة حذفها.
وعقب صدور حكم بحبس أطفال المنيا الذين تعرضوا للمحاكمة بسبب انتشار مقطع فيديو يظهر فيه الأطفال الأربعة وهم يقومون بتمثيل مشهد للدعابة والسخرية من تنظيم "داعش"، واعتبره البعض ازدراءً للإسلام؛ طالبت الجبهة بإسقاط التهم الموجهة إليهم وإلغاء القيود غير الدستورية المفروضة على حرية الدين والمعتقد والرأي والتعبير. كما عقدت جبهة الدفاع عن الحريات مؤتمرًا تضامنيًا مع ضحايا القضية المعروفة إعلاميًا بـ "حركة 25 يناير"؛ نددت فيه بالهجمة الأمنية الشرسة التي تعرض لها النشطاء السياسيون بالتزامن مع الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، وطالبت بوقف الملاحقات الأمنية وتوجيه الاتهامات الباطلة للشباب واستخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة في حد ذاته رغم انتفاء مبرراته".
كذلك تضامنت الجبهة مع منظمات المجتمع المدني وقامت بعمل وقفة تضامنية أثناء مثول الحقوقية البارزة مزن حسن أمام جهات التحقيق، وطالبت بضرورة الوقف الفوري لاستهداف المنظمات غير الحكومية واحترام القانون والدستور ووقف الإجراءات المتخذة ضد المنظمات الحقوقية والقائمين عليها، بجانب إعداد قانون جديد ينظم عمل منظمات المجتمع المدني بالمشاركة مع هذه المنظمات.
وبالتزامن مع الاحتجاجات السلمية التي ناهضت توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي عرفت إعلاميًا بـ "احتجاجات تيران وصنافير"، قامت أحزاب الجبهة بتكوين غرفة عمليات لتقديم الدعم القانوني للمتظاهرين. وأدانت حملة الاعتقالات العشوائية التي طاولت مئات الشباب من "متظاهري الأرض"؛ ونظمت فعاليات لأسبوع تضامني للمطالبة بالإفراج عنهم.
وفي إطار سعي الجبهة للجوء لكافة القنوات الشرعية والرسمية للدفع نحو احترام الحقوق والحريات؛ قام ممثلون عنها بلقاء وفد من أعضاء البرلمان وممثلين عن وزارة الداخلية لعرض رؤيتها حول قضايا انتهاكات الحق في المحاكمة العادلة وسوء معاملة المحتجزين وازدياد حالات التعذيب، وعدم وجود قانون لحماية الشهود بما يؤدي للإفلات من العقاب، وسوء الرعاية الطبية للمحتجزين والحرمان من الزيارات واستخدام عقوبات بالمخالفة للائحة السجن، خاصة الحبس الانفرادي، وضرورة وضع حد أقصى للحبس الاحتياطي وكذلك ضرورة تعديل قانون التظاهر.
وأبرز ممثلو الجبهة أهمية إصدار قانون العدالة الانتقالية وطالبوا مجلس النواب بإصدار قانون العفو الشامل عن سجناء الرأي بجانب الانضمام للاتفاقية الدولية لمناهضة الاختفاء القسري.
-وطالبوا بإصدار تشريع يحمي الحريات النقابية، ويمكن العمال من إنشاء نقاباتهم وفقًا لمعايير منظمة العمل الدولية.
كما طرح ممثلو الجبهة أهمية إصدار قوانين تفعل مواد الدستور بشأن تجريم التمييز والتحريض على العنف وإنشاء مفوضية منع التمييز، وفي الوقت نفسه إلغاء المواد المجرمة لازدراء الأديان التي تستخدم لتقييد حرية التعبير وترسيخ التمييز، وضرورة صدور قانون تنظيم بناء وترميم دور العبادة وقوانين مناهضة العنف الأسري والجنسي والتمييز في العمل.