رأت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية أن السعودية كسرت مُحرّماً دام 45 عاماً في العلاقات الدولية، عبر تهديدها المبطّن باستخدام النفط سلاحاً، إذا ما تعرّضت لأي تدابير ضدها على خلفية إغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وهو إجراء سعودي يستبعده ناشطون في أسواق الطاقة.
فعلى مدى 45 عاماً، تم اعتبار الأمر خارج حسابات السعودية. لكن فجأة، فعلت الرياض ما يعدّه الكثيرون تهديداً مستتراً باستخدام الثروة النفطية سلاحاً سياسياً، وهو أمر لم يسمع به أحد منذ الحظر العربي الذي تسبب بأزمة النفط الأولى عام 1973.
السعودية، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، قالت أمس الأحد، إنها سترد على أي إجراءات عقابية مرتبطة باختفاء خاشقجي بعقوبات "أقوى"، في إشارة ضمنية إلى الثروة البترولية التي تمتاز بها المملكة، من منطلق أن الاقتصاد السعودي "له دور مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي".
وفيما أن القليلين يعتقدون أن السعودية مستعدة لتنفيذ تهديدها، فإن مجرّد فرضية استخدام النفط سلاحاً من شأنه يقوّض جهود الرياض المستمرة لإظهار نفسها قوةً للاستقرار الاقتصادي العالمي.
رئيس أبحاث السلع في شركة "غولدمان ساكس"، جيفري كوري، قال إن توترات الشرق الأوسط التي تؤثر في سوق النفط قد "توسعت الآن لتشمل السعودية".
وتلاحظ الوكالة أن المخاوف أثارها مقال رأي كتبه تركي الدخيل، الذي يرأس قناة "العربية" المملوكة للدولة، والمقرّب من الديوان الملكي السعودي، عندما تطرّق علناً إلى استخدام النفط سلاحاً، وكتب أنه "إذا كان سعر 80 دولاراً قد أغضب الرئيس (الأميركي دونالد ترمب)، فلا يستبعد أحد أن يقفز السعر إلى 100 و200 دولار، وربما ضعف هذا الرقم".
السفارة السعودية في واشنطن ما لبثت أن أكدت لاحقاً أن الدخيل لا يمثل موقف المملكة الرسمي، فيما أسرّ مسؤولون سعوديون بأن لا تغيير طرأ على السياسة الطويلة الأمد القائمة على عدم الخلط بين السياسة والنفط.
واليوم الإثنين، استخدم وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، خطاباً في الهند لتهدئة المخاوف، متعهّداً بأنّ بلاده ستواصل كونها جهة مسؤولة وستحافظ على استقرار أسواق النفط.
لكن مع ذلك، تلاحظ "بلومبيرغ" أن حقيقة نشر مقالة الدخيل على موقع قناة "العربية" الإلكتروني بعد دقائق فقط من إصدار السعودية بياناً صحافياً، أدت بالكثيرين إلى استنتاج أن ما كتبه إما كان رسالة نُقلت من خارج القنوات الدبلوماسية، وإما بالون اختبار سرعان ما فقد زخمه.
انطلاقاً من هذه الوقائع، تخلص الوكالة في تقريرها إلى أنه "مهما كان ما قصدته القيادة السعودية من بيانها الصادر يوم الأحد، فقد انهار مع تأكيد عقيدة المملكة الدبلوماسية القائمة على أن: النفط والسياسة منفصلان.