"العربي الجديد" يكشف عن مكاسب 5+1 من الاتفاق النووي

04 اغسطس 2015
روحاني يستقبل وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


لا تخفى على أحد الفوائد الاقتصادية التي سيحققها الاتفاق النووي للقوى الدولية التي وقعته مع طهران بعد خوضها مفاوضات مضنية دامت لعامين مع دول القوي الست الكبري( 5+)1. فالسوق الإيرانية الضخمة التي أغلقت لفترة طويلة أمام الشركات الدولية ستفتح أبوابها، وبدأت عملياً بورصة التفاوض على عقود بعشرات مليارات الدولارات بين الشركات الغربية وإيران.

وتنتظر طهران حالياً استلام أموالها المفرج عنها من الخارج نقداً، والتي لا تقل عن 30 مليار دولار، كما سيتسلّم البنك المركزي الإيراني عائدات أخرى في حساباته في الخارج، ما يجعل هذه الأرقام تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار.

ومع التوقعات بانتعاش اقتصاد إيران، وهو الأمر الذي يبقى مرهوناً بتطبيق الاتفاق بعد أشهر، تسعى طهران لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية إليها، كما تركز على قطاع الطاقة بشكل خاص، وفي الوقت ذاته تعلم البلاد أن الفوائد الاقتصادية ستعود على الدول الست الكبرى برمتها، فهذه الدول تعلم تماماً أن في إيران سوقاً اقتصادية هامة لا يمكن أن تفتح أمامها إلا بإلغاء الحظر، وهو ما حصل بموجب الاتفاق.

أولى البشائر ستكون بزيادة الصادرات البتروكيماوية الإيرانية، وخاصة تلك المرسلة إلى دول الاتحاد الأوروبي التي ستعود لإيران بدخل يقدّر بنحو 2.5 مليار دولار سنوياً على الأقل، بحسب الموقع الرسمي لشركة الصناعات البتروكيماوية الإيرانية. وفي ما يتعلق بالتجارة، ففرنسا وألمانيا وأميركا تستعد للعودة إلى السوق الإيرانية بقوة، والتوقعات تصب لصالح زيادة معدلات التبادل التجاري مع هذه البلدان بعشرات المليارات من الدولارات، فضلاً عن تركيز طهران على ضرورة استقبال المزيد من الصادرات الأوروبية الغذائية والطبية والدوائية، وهذا بشكل طبيعي سيعود بالنفع الاقتصادي على الأطراف المقابلة لإيران.

وفي الوقت الذي تؤمّن فيه إيران 40% من نفط الاتحاد الأوروبي، فالاتفاق النووي مع الدول الست يعني انتعاش تجارة النفط والغاز، ولا سيما مع الأطراف الأوروبية في السداسية الدولية التي فاوضت طهران والتي ستتحول بدورها إلى منافس لروسيا المصدّر الأول للنفط والغاز إلى هذه البلدان، فإيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي في العالم من الغاز الطبيعي بعد روسيا، وستعمل إيران على مد أنابيب الغاز نحو أوروبا عبر الأراضي التركية، وهذا أمر سيعود بالنفع على الأطراف الأوروبية التي تحتاج بشكل رئيسي لمصادر الطاقة.

ولما كان قطاع الطاقة وتحديداً قطاع الغاز هو الأبرز والأكثر فائدة بالنسبة للأطراف المقابلة لإيران باستثناء روسيا، إلا أن هناك قطاعات أخرى ستعود على هذه الدول بمنافع اقتصادية هامة، وأبرزها قطاع السيارات. فمن المتوقع أن يشهد سوق السيارات بين إيران وفرنسا نقلة نوعية بعد سريان الاتفاق، وما يزيد هذا الاحتمال هو وجود علاقات اقتصادية بالأساس بين طهران وباريس، لكنها انحسرت في أعقاب تشديد الحظر على البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يشطب شركة نفط إيرانية من الحظر

وحجم التجارة بين إيران وفرنسا لا يتجاوز 240 مليون يورو، وفق المواقع الرسمية الإيرانية، إلا أن وزير الصناعة الإيراني محمد رضا نعمت زاده، توقع في وقت سابق أن يرتفع هذا الرقم ليصل إلى خمسة مليارات يورو، وهذا سيتم بعد إلغاء العقوبات برمتها واستئناف العمل بعقود الشراكة التجارية والاقتصادية، وأولها تلك العقود المتعلقة بسوق السيارات.

ومع هذا، تدرك طهران جيداً أن الطرف الفرنسي قادر على الإخلال بالعقود واستخدامها كورقة ضغط، وهو ما حدث خلال المفاوضات السابقة، حيث كان الوفد الفرنسي الأكثر تشدداً على طاولة الحوار، ورغم الترحيب الإيراني بالشراكة الفرنسية، إلا أن طهران فتحت حواراً مع الطرفين الألماني والإيطالي في ما يتعلق بتجارة السيارات.

وحسب محللين، فإن هناك أطرافاً اقتصادية في إيران، ولا سيما تلك المنتمية للقطاع العام، تدعو لإعطاء ألمانيا حصة كبيرة في سوق السيارات الإيراني، فألمانيا أكثر جدية في التعاطي مع إيران، كما يعتبرون. ويقول الخبراء إن التجربة الروسية مع ألمانيا تثبت هذا الأمر، حيث التزمت هذه الأخيرة بتعهداتها الاقتصادية إزاء روسيا رغم الأزمة مع أوكرانيا والعقوبات المفروضة على موسكو، حسب رأيهم.

وباتت إيران معنية اليوم بتطوير علاقاتها التجارية والاقتصادية مع ألمانيا التي تدرك بدورها حجم الفوائد التي ستعود عليها، وهو الأمر الذي سهّل التوصل لاتفاق نووي، حسب مراقبين.

وكان السفير الإيراني في ألمانيا علي ماجدي قد قال لوكالة أنباء إيسنا الإيرانية الشهر الماضي، إن تبادلات إيران مع ألمانيا ارتفعت بنسبة 23% خلال عام 2014 مقارنة بالعام الذي سبقه، مشيراً إلى أنها وصلت إلى 2.7 مليار يورو.

كما توقع ارتفاع هذا الرقم بعد تطبيق الاتفاق عملياً، وهذا لأن التعاون بين ألمانيا وإيران سيكون في قطاعات الطاقة والكهرباء والسيارات والصناعات فضلاً عن تبادل التكنولوجيا وعقود النفط والغاز، وهو ما أكد عليه أيضاً مساعد المستشارة الألمانية سيغمار غابرييل خلال زيارته لطهران أخيراً، والذي قال إن توقيع العقود سيؤجل إلى وقت لاحق، كما توقع عضو غرفة التجارة والصناعة الإيرانية محمد لاهوتي أن يصل التبادل بين البلدين إلى سبعة مليارات وربما عشرة مليارات يورو خلال السنوات المقبلة.

بالنسبة لبريطانيا، فلطالما وضعت العلاقات السياسية المتوترة بين طهران ولندن آثارها على العلاقات الاقتصادية، ولعلها كانت العلاقات الأسوأ مع طهران من بين الدول الست خلال السنوات الماضية، فاقتصر التعامل الاقتصادي والتجاري بين البلدين على علاقات بين القطاع الخاص في كليهما.

وحسب موقع "خبر آنلاين" الإيراني، فإن بريطانيا وخلال العام 2014 احتلت المرتبة الخامسة عشرة من بين الدول التي تصدّر البضائع لإيران، وقدّرت قيمة بضائعها بـ285 مليون دولار، بينما صدّرت ألمانيا لإيران خلال الفترة ذاتها بضائع بمقدار مليار و800 مليون دولار، بينما احتلت الصين المرتبة الأولى من بين المصدّرين.


اقرأ أيضاً:
إيران تعتزم إنفاق الأموال المجمّدة على الاستثمار
شركات التأمين تتوخى الحذر في دخول إيران