"الصليبية والجهاد".. هكذا وصل العالم إلى هنا

07 يونيو 2019
("متحف أفريقيا" في بلجيكا)
+ الخط -

يحاول كتاب "الصليبية والجهاد: حرب الألف سَنة بين العالم الإسلامي وعالم الشمال" للمؤرخ والسياسي الأميركي ويليام بولك الإجابة على سؤال: لماذا انتشر الإرهاب في عصرنا؟ وماهي دوافِعُهُ الحقيقية وخلفياته التاريخية؟

مؤخراً، صدرت الطبعة العربية من الكتاب بترجمة عامر شيخوني ومراجعة وتحرير عماد يحيى الفَرَجي، عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" في بيروت.

ورغم أن عنوان الكتاب يشير إلى الحروب الصليبية، إلا أنه لا يخصص لهذه الحقبة إلا صفحات قليلة لا تتجاوز خمسة في المئة، مركّزاً على تراجيديا القرنين التاسع عشر والعشرين بين شمال العالم الذي أصبح متقدماً علمياً وعسكرياً منذ القرن الخامس عشر، والجنوب الذي تأخر وانحدر منذ ذلك الوقت أيضاً.

يتضح سبب هذا النهج غير المتوازن عندما يفهم المرء أطروحة بولك: على مدى قرون، كان الإسلام منارة تقدمية في عالم مظلم، إلى أن خرّب الغرب من خلال الاستعمار كل هذا، وتسبب إلى اليوم في مشاكل العالم الإسلامي.

يقدم العمل الذي صدر بنسخته الإنكليزية عن "جامعة يال" العام الماضي، خريطة العلاقات بين الشمال متضمناً أوروبا وأميركا والصين والجنوب، وخلال فترة طويلة تُغطِّي ألف عام من التفاعل، ويحاول المؤلّف في قراءة أحداث الماضي أن يصل بنا إلى اليوم وما يعاني منه العالم من الخوف وانعِدَام الأمن والسلام.

يتناول بولك السياسات الاستعمارية التي مارسها "العالم المتحضر" في حق شعوب العالم التي احتلها، فيذكر مثلاً أنه بين عامي 1884 و1908، قتل البلجيكيون ما لا يقل عن ضعف عدد السكان الأصليين في الكونغو، أي أنهم لا يختلفون في ذلك عن قتل النازيين لليهود والغجر، كما تورطوا في عمليات اغتصاب منهجي، وقطعوا أيدي وأقدام السكان الأصليين.

ويذكر كيف أنه، وبسبب السياسات الاقتصادية التي طبقتها بريطانيا، قضى ما بين 30 و35 مليون هندي بسبب الجوع، وتم تصدير ملايين الأطنان من القمح من الهند إلى بريطانيا حتى مع اندلاع المجاعة في البلاد.

يستخدم بولك مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية لإظهار كيف قامت شعوب الشمال الأوروبية بغزو واغتصاب ونهب شعوب الجنوب، وكيف أدى هذا التاريخ إلى اللحظة التي يعرفها العالم اليوم من الخوف والفقر وغياب العدالة وانتشار التطرف.

بولك، الذي كان أستاذاً للأدب العربي والتاريخ في جامعتي هارفارد وشيكاغو، عمل في لجنة تخطيط السياسات لدى الرئيس كنيدي، نشر تسعة عشر كتاباً في العلاقات الدولية خاصة في ما يتعلق بفلسطين ولبنان والعراق وإيران وأفغانستان والعالَم العربي، ويقدم في الكتاب خلاصة خبراته المباشرة وبحثه على مدى سبعين سنة مِنَ الدراسة والعمل في كثير من دول العالَم.

المساهمون