وتم اختيار إنجة، اليوم الجمعة، مرشحاً للرئاسة عن "حزب الشعب الجمهوري"، وذلك بإجماع أصوات 110 نواب عن الحزب، عقدوا اجتماعاً قبيل الإعلان عن الترشيح.
وشهد، ليل أمس الخميس، تعليق يافاطات دعائية لإنجة، تحت شعار" إنجة أمان تركيا".
وتشهد تركيا، في 24 يونيو/حزيران المقبل، انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، كان من المفترض أن يتم إجراؤها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، سيتم على إثرها التحوّل إلى النظام الرئاسي الذي أُقرّ بغالبية بسيطة في الاستفتاء الشعبي، الذي جرى في منتصف إبريل/نيسان 2017.
ويُعتبر إنجة (54 عاماً) ابن ولاية يالاوا، غربي تركيا، واحداً من أكثر الأصوات حدة وعصبية في "حزب الشعب الجمهوري"، ويمكن اعتباره الممثل الأهم للخطاب السياسي الأناضولي العنيف في الحزب، رغم أنّه لا يمتلك أي إنجازات تُذكر، تمكّنه من تقديم نفسه كواجهة للحزب، أو كخطر على مرشح "التحالف الجمهوري"، الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان.
من هو إنجة؟
لم يخرج "حزب الشعب الجمهوري" عن التوقعات، بل بدا غير قادر على إنتاج أي مشاريع سياسية، إذ أنّ تاريخ إنجة ابن المهاجر التركي من منطقة سالونيك اليونانية، حافل بالعصبية المتطرفة للكمالية العلمانية بصيغتها التقليدية، بما لا يسمح له بتجاوز مناطق النفوذ التقليدية للحزب، في غرب البلاد، فيما سيمنع عنه أصوات مناطق وسط الأناضول المحافظ، وأصوات جنوب شرق الأناضول ذي الغالبية الكردية.
وبعد أن تخرج إنجة من كلية التعليم في جامعة بالك إسير، بدأ حياته معلماً للفيزياء والكيمياء في المدارس التركية، قبل أن يتم انتخابه رئيساً لجمعية "الفكر الكمالي" التي تعمل على نشر والدفاع عن الرؤية الكمالية العلمانية المتعصبة والتقليدية في داخل وخارج البلاد.
وتم تأسيس هذه الرؤية، من قبل عدد من أساتذة الجامعات الذين لعبوا أدواراً هامة في تغطية ودعم الانقلابات المتكررة التي كان يقودها الجيش التركي، بحجة الحفاظ على المبادئ الكمالية المؤسسة للجمهورية التركية.
ومن أمثال هؤلاء، أستاذ الحقوق معمر أكسوي، النائب عن "حزب الشعب الجمهوري"، والذي كان المتحدث باسم لجنة صياغة دستور عام 1961، بعد انقلاب عام 1960، وقُتل في التسعينيات، خلال ما يُطلق عليها "جرائم الفاعل المجهول" التي تشكل مجموعة من الاغتيالات، ويتهم بها كل من المخابرات التركية و"حزب العمال الكردستاني".
يُعتبر إنجة، واحداً من أكثر الأصوات انتقاداً للرئيس أردوغان، على مدى تاريخ نيابته في البرلمان، منذ عام 2002، بل وتجذب خطاباته الحادة جزءاً واسعاً من قواعد "حزب الشعب الجمهوري"، لكن عند الحديث عن مدى نفوذه في أوساط قيادات الحزب، لا يبدو أنّه يمتلك أي حظوظ عالية، حيث خسر مرتين متتاليتين في انتخابات رئاسة الحزب، بفارق واسع أمام زعيمه كمال كلجدار أوغلو، الذي اختار عدم الترشح للرئاسة، لإدراكه حظوظه المتدنية في مواجهة أردوغان.
وربما إنجاز إنجة الوحيد في حياته السياسية، يتمثّل في لعبه دوراً هاماً بانتصار "حزب الشعب الجمهوري" على بلدية يالوا في الانتخابات البلدية الأخيرة، والتي ينحدر إنجة من إحدى القرى المجاورة لها.
ويثير ترشيح إنجة العديد من الأسئلة، عن مدى قدرته على جذب أصوات الناخبين في مدن الغرب التركي، وبالذات النساء، في مواجهة مرشحة قوية، متمثلة بزعيمة "الحزب الجيد" الرئيسة السابقة للبرلمان التركي ميرال أكشنر، الأمر الذي يبدو بأنّه دفع كلجدار أوغلو، بحسب التسريبات، لوضع النساء على رأس قائمة مرشحي الحزب لعضوية البرلمان.
أردوغان يترشح
إلى ذلك، توجّه كل من رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، وزعيم حزب "الحركة القومية" دولت بهجلي، اليوم الجمعة، إلى الهيئة العليا للانتخابات التركية، لتقديم اسم الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان، مرشحاً مشتركاً للانتخابات الرئاسية عن "التحالف الجمهوري"، وذلك بعدما أعلن "حزب العدالة والتنمية"، أمس الخميس، ترشيح رئيسه أردوغان رسميّاً للرئاسة.
في المقابل، سقط سيناريو المرشح المشترك للمعارضة، ممثلاً بالرئيس التركي السابق عبد الله غول الذي اختار عدم الترشح للرئاسة في وجه أردوغان. وإلى جانب محرم إنجة مرشح "حزب الشعب الجمهوري"، رشحت زعيمة "الحزب الجيد" ميرال أكشنر نفسها للرئاسة، وقام أيضاً زعيم "حزب السعادة" تِمِل كارامولا أوغلو، بالترشح إلى الرئاسة عن حزبه.
وتشير كل التوقعات إلى أنّ أردوغان، سيتمكّن من التجديد لنفسه في الرئاسة، إن لم يكن بحسم من الجولة الأولى، فخلال الجولة الثانية.