"التونسي للشغل".. من إطاحة بن علي إلى المهادنة

22 ديسمبر 2014
هل أدار الاتحاد ظهره لمهامه؟ (أمين الأندلسي/getty)
+ الخط -
العمل النقابيّ في تونس لم ينطلق مع استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسيّ أو إثر ثورة 14 يناير/كانون الثاني، بل كان أحد الفاعلين الأساسيّين في العمل الوطنيّ منذ تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل في 1946... حتّى خروج المحتلّ الفرنسيّ بعدها بعشر سنوات.
استمر نشاط الاتحاد العام التونسي للشغل، بعد الاستقلال خصوصاً في مرحلة بناء الدولة وما تلاها ليغوص أكثر في الشأن السياسيّ وليتحوّل بعد الثورة إلى أحد الفاعلين الرئيسيّين في المشهد السياسيّ العام في البلاد. واقع، أثار حفيظة الكثيرين في المجتمع المدني الذين اعتبروا أنّ الأطراف السياسيّة استغلّت النقابات لتحوّلها إلى ورقات ضغط وانحرفت بها عن مهامها الأصليّة.
فقد "لعبت النقابات دوراً مهمّاً في إطاحة نظام الرئيس السابق زين العابدين بن عليّ، إذ كانت مظلّة للتحرّكات الاحتجاجيّة وقدمت غطاء لأنشطة المنتسبين إليها. ولكنّ الوضع الحاليّ للبلاد وحريّة النشاط السياسيّ تجعل من غير المقبول استمرار تدخل النقابة في الشأن السياسيّ"... هكذا استهلّ النقابيّ ياسين الحبوبي حديثه حول دور النقابة في الحياة السياسيّة. ويشرح لـ "العربي الجديد" أنّ "البلاد شهدت كمّا هائلاً من الإضرابات والاعتصامات ذات الطابع النقابيّ في ظاهرها بعد ثورة 2011، ولكنّ المعطى السياسيّ كان هو الدافع الرئيسيّ لمثل هذه التحرّكات، إذ إن مناخ الانفتاح السياسيّ والعدد الهائل من الأحزاب التي تأسست بعد الثورة والذّي ناهز 116 حزباً، قلّص من حضور النقابات في المشهد العام". هذا التطور، وفق الحبوبي، جعل من العمل النقابي أخيراً ردّة فعل لإثبات الذّات ولفت الانتباه، "بل ورسالة تحذير للأطراف السياسيّة من مغبّة إقصاء الاتحاد العام التونسي للشغل من الحياة السياسيّة".
أمّا عن حجم التحرّكات النقابيّة ما بعد الثورة فيجيب الحبوبي موضّحا أنّه "وبحسب الإحصائيّات الرسميّة، فقد تضاعفت نسبة الإضرابات بين سنتي 2010 و2012 بنسبة 105%، في كلّ الجهات تقريباً وفي مختلف القطاعات، لتشمل ما يقارب 411 مؤسّسة عموميّة وخاصّة". ويتابع "أقفل العديد من المؤسّسات وفصل الآلاف من العمّال كما حدث مع مجمع "يازاكي" الياباني لإنتاج "كابلات" السيارات في أمّ العرايس وغيرها من المؤسّسات الأجنبيّة والمحليّة والتي تجاوز عددها سنة 2012 ما يزيد على 160 شركة، وهو ما أحال ما يقارب 12370 شخصاً إلى البطالة حسب إحصائيات وكالة النهوض بالصناعة".
من جهتها، تقول الناشطة النقابيّة، جليلة بن فرج، أنه "ما إن تمّ التوافق بين الاتحاد العام للشغل والأطراف السياسيّة على إسقاط الحكومة السابقة ومنح النقابات دوراً أكبر في الحياة السياسيّة، حتّى وجد الاتحاد العام التونسي للشغل نفسه مرغماً على مهادنة الحكومة الجديدة التي كان هو طرفاً أساسيّاً في تنصيبها والضغط على نسق الاحتجاجات والإضرابات في القطاعين العامّ والخاصّ لصالح تأمين المرحلة الانتقاليّة أو ما تبقّى منها".
وتضيف بن فرج "هكذا، انخفض عدد الإضرابات بنسبة 24% بالنسبة لنفس الفترة من سنة 2012 و بـ 30% بالنسبة لسنة 2011، حسب ما جاء في دراسة نشرتها وزارة الشؤون الإجتماعيّة".
بدوره، يشير رئيس النقابة الجهويّة للتعليم الأساسي، منجي الوذّاني، إلى أنّ انغماس النقابة في الشأن السياسيّ "قد أضرّ كثيراً بصورة الاتحاد الذي كان موحّداً للتونسيّين خلال الثورة ضدّ النظام السابق. وهو ما أدّى إلى انخفاض التعاطف الشعبيّ مع الإضرابات القطاعيّة المشروعة والنظر بريبة لكلّ تحرّك نقابيّ. وبدأ هذا الحذر، بعد معركة ليّ الأذرع بين حكومة الترويكا وأحزاب المعارضة، حيث كان الاتحاد العام التونسي للشغل عرضة للاتهامات بسبب ما اعتبره الطرف الحاكم آنذاك انحرافاً للمنظّمة النقابيّة عن دورها".
المساهمون