"الإيبولا".. هل يهدّد بريطانيا؟

05 اغسطس 2014
نسبة الوفيات بين مصابي إيبولا تتراوح بين 25-90%(فرانس برس/Getty)
+ الخط -

الأوبئة هي تلك الأمراض شديدة العدوى التي تنتشر بسرعة قياسيّة مهدّدة الصحة العامة. وعلى مرّ الأزمنة واجهت البشريّة أوبئة مختلفة فتكت بها، في حين عجز العلماء والأطباء عن اكتشاف علاج فعّال لها، على الرغم من التطوّر الهائل الذي بلغه الطب.

واليوم يجتاح فيروس الإيبولا عالمنا ويقضي على هؤلاء الذين يصيبهم، في وقت ما زال الكوكب يعاني مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة الشبيهة بمرض السارس (ميرس) التي يتسبّب بها فيروس "كورونا" وغيرها من الأمراض المعدية، التي ما زالت البحوث العلميّة جارية لاحتوائها والقضاء على آثارها المدمّرة للإنسان.

ومرض فيروس الإيبولا الذي كانت يعرف سابقاً بـ"حمى إيبولا النزفيّة"، هو مرض فيروسي معدٍ وخطير يصيب الإنسان وبعض أنواع القرود. وهو كان قد اكتشف للمرّة الأولى سنة 1976، ومنذ ذلك الوقت ظهرت أنواع مختلفة منه مسبّبة أوبئة ونسبة وفيّات تتراوح بين 25 و90 في المائة من المصابين في كل من زائير والغابون وأوغندا والسودان.

الوضع في بريطانيا

يعتبر الإيبولا من الفيروسات الأكثر خطراً على وجه الأرض وذلك بسبب هجومه المباغت وآثاره المريعة التي غالباً ما تؤدّي إلى الموت. وتجدر الإشارة إلى أنّه ينبغي على الممرّضين والأطباء ارتداء ملابس واقية تجنّباً لالتقاط العدوى، عند التعامل مع المصابين وفي البيئات الموبوءة.

في المملكة المتحدة، لم يصل تهديد الإيبولا بعد إلى مستويات حرجة، على الرغم من ارتفاع معدّلات الإصابة به في غرب إفريقيا. لكنّ بريطانيا تشهد حالة تأهّب وحذر من الوباء، وإن لم تسجّل بعد أيّ إصاباتٍ فيها.

وكان قد اشتُبه بحالة امرأة مسنّة في أحد مطارات لندن غاتويك بعد وصولها إلى بريطانيا من غامبيا. لكنّ دائرة الصحة أعلنت بعد إجراء الفحوصات اللازمة لها عصر الأحد الماضي، أنّ النتيجة سلبيّة. كذلك أفاد مدير الصحة العالمية والصحة العامة الدكتور براين ماكلوسكي أنّه ما من خطر على بقيّة المسافرين أو طاقم الطائرة لأنّ المرأة المتوفاة، لم  تحمل الفيروس.

إلى ذلك، تم التداول بخبر مفاده أن رجلاً أجرى اختباراً خاصاً بالإيبولا في مدينة برمنجهام. لكنّ الجهات المعنيّة أفادت أنّ المريض العائد من غرب إفريقيا أجرى فحوصات روتينيّة في مستشفى هارتلاند، وقد أتت النتيجة سلبيّة.

واوضحت أنّ المملكة مجهّزة بالأدوات اللازمة للكشف عن الفيروس والتعامل مع المرض على الرغم من خلوّ البلد منه. وكان شاب آخر في العشرين من العمر قد قصد مستشفى شيرينغ كروس في لندن، تخوفاً من احتمال إصابته بالفيروس.

وحصد فيروس الإيبولا لغاية اليوم 728 ضحيّةً من منطقة غينيا وليبيريا وسيراليون، مسجّلاً أوسع انتشار له خلال عام واحد. ولم ينجُ من الفيروس كبير أطباء سيراليون في مجال مكافحة الإيبولا الشيخ عمر خان، الذي توفي نتيجة إصابته به.

أمّا في بريطانيا، فيقول ماكلوسكي إنّ درجة خطورة الإصابة بالفيروس تبقى ضئيلة لدى المسافرين المقيمين في المملكة والعاملين في مناطق انتشاره. ويضيف أنّه أنذر الكادر الطبي في بريطانيا حول الوضع في غرب إفريقيا وطلب منهم التيقّظ والانتباه عند مواجهة حالات مرضيّة مبهمة لأشخاص زاروا الأماكن الموبوءة.

كذلك يشير إلى أعراض الإصابة بالوباء طالباً اللجوء إلى المعنيّين للحصول على المساعدة الطبيّة، في حال الشعور المفاجئ بالحرارة والصداع والتهاب الحنجرة أو الإحساس بعدم الارتياح بشكل عام.

وينتقل الإيبولا بين البشر عبر الاحتكاك بسوائل من جسم المصاب وكذلك الدم. ومن أعراض هذا الوباء، ارتفاع حرارة الجسم والنزيف وإصابة الجهاز العصبي. وتصل نسبة وفيّات المصابين به إلى تسعين في المائة وتتراوح فترة تطوّر المرض بين يومَين وواحد وعشرين يوماً.

ولغاية اليوم يعجز الطب عن اكتشاف علاج أو لقاح له. إنّما بالإمكان تقديم المساعدة للمريض من خلال العمل على تقليص الجفاف الذي يتعرّض له بسبب الإسهال المعوي والتقيؤ.

 
فيدعو المتخصّص بالأمراض المداريّة في جامعة أكسفورد البروفسور جيريمي فارار إلى نشر التوعية حول المرض في البلاد الموبوءة عوضاً عن إغلاق الحدود أو منع السفر إليها. ويأمل في إيجاد لقاح للإيبولا في المستقبل القريب، مشدداً على وجوب السيطرة على انتشار الفيروس في وقت قصير.

وكان المتحدث الرسمي باسم مطار غاتويك قد أشار إلى أّنه تمّ عزل الطائرة وبعض الموظفين كعمل احترازي، لكنّ الطائرة سلكت بعد ذلك طريق العودة من دون أيّ عوائق.

من جهته، كان وزير الخارجيّة البريطانيّة فيليب هموند قد صرّح أنّ الحكومة تولي اهتماماً بالغاً للحدّ من انتشار الفيروس وتهديده للمنطقة، في حين بحث الوزراء الإجراءات الاحتياطيّة الواجب اتخاذها في حال إصابة مواطن بريطاني في غرب إفريقيا بالإيبولا.

وعلى صعيد متصل، من المتوقّع أن ترسل الولايات المتحدة الأميركيّة خلال شهر خمسين خبيراً في الصحّة العامة إلى المنطقة للمساعدة على محاربة الفيروس.
المساهمون