"إيبولا" يدمر سياحة دول بعيدة عن مناطق انتشاره

27 أكتوبر 2014
تأثيرات إيبولا تتفاقم مع تفشي الوباء (فرانس برس)
+ الخط -

تضررت اقتصادات بلدان أفريقية، لم تسجل حالة إصابة واحدة بفيروس "إيبولا"، وعلى الرغم من بعدها بآلاف الأميال عن بؤرة انتشاره، لكن ذلك لم يكن كافيا لتجنيبها تداعيات الذعر العالمي من الفيروس الفتاك.

وقال مدير عام مجلس السياحة في كينيا، موريثي نديجوا، إن "بعض السائحين أصبحوا يترددون في السفر إلى كينيا، ودول أخرى في أفريقيا".

وفي الأشهر الأخيرة، أسفر مرض إيبولا عن مقتل 4922 شخصا على مستوى العالم، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وأضاف نديجوا: "البعض ليست لديه فكرة عن مكان المرض، ويخشى ( السائحون) أن يحجزوا خوفا من أن تكون الدولة، التي يتوجهون إليها، قد أصابها الفيروس".

وأعلنت السلطات عن وفاة 4912 شخصا في دول غينيا، وسيراليون، وليبيريا الواقعة في غرب أفريقيا، بينما أعلنت دول أخرى، في غرب أفريقيا، عن حالات الإصابة بفيروس إيبولا وهي نيجيريا والسنغال ومالي.

وأوضح مدير عام مجلس السياحة في كينيا، الذي تتولى مؤسسته الحكومية مسؤولية تسويق كينيا كمقصد أمام السائحين:"يبدو أن الناس في الأسواق الدولية لا تعرف أن مركز انتشار إيبولا يوجد في غرب أفريقيا. إنهم يتلقون الأخبار عن إيبولا في أفريقيا بينما يتصورون أن أفريقيا عبارة عن دولة واحدة كبيرة".

ولم تعلن دول أفريقية خارج منطقة غرب أفريقيا الإصابة بعدوى فيروس إيبولا، ولكن ذلك لم يكن كافيا لأن تتفادى تداعيات الهوس العالمي بالمرض.

وأعرب المسؤول الكيني عن غضبه، قائلا:"شهدنا تراجعا في أعداد (السياح الوافدين) بسبب هذا الأمر، وهو ما ساهم في عزوف السياح عن زيارة كينيا"، دون أن يعطي أرقاماً دقيقة لأعدادهم.

وأضاف: "لا أستطيع أن أقول لكم نسبة محددة، ولكن نعم لقد تأثرت صناعة السياحة لدينا بفيروس إيبولا".

وتساهم السياحة في كينيا بنسبة 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

سفاري تنزانيا

وامتد الشعور بالأثر ذاته عبر الحدود في تنزانيا، إحدى الوجهات الرئيسية لرحلات السفاري السياحية في القارة السمراء.

وقال سيريل عكاو، الرئيس التنفيذي لجمعية الشركات السياحية في تنزانيا: "على الرغم من أننا لم نسجل أية إصابة بفيروس إيبولا، لكننا نواجه العواقب عن طريق فقدان مصادر الدخل الأجنبي من خلال السياحة بسبب إلغاء بعض السائحين الحجوزات".

وأضاف عكاو أن ذلك يرجع إلى الخوف من إيبولا، لأن معظم الناس خارج أفريقيا يعتقدون أن القارة الأفريقية هي مجرد بلد واحد كبير، مشيرا إلى أنه بعد التفجير، الذي وقع مؤخرا في كينيا، اتصل به صديق من سويسرا وطلب منه أن يطمئن على سلامة عائلته، التي تقضي عطلة في حديقة سيرينجيتي الوطنية في تنزانيا والتي تبعد نحو ألف كيلومتر من نيروبي.

والسياحة هي المورد الرئيسي للعملة الأجنبية في تنزانيا، وتسجل ما يقرب من 1.8 مليار دولار سنويا، وتساهم هذه الصناعة بنحو 17.1 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد في تنزانيا.

وقال ويلبارد شامبولو، رئيس جمعية شركات السياحية في تنزانيا( تاتو)، إن بعض الفنادق في مدينة أروشا الواقعة شمال البلاد، والتي تحيط بها بعض المناظر الطبيعية الأكثر شهرة في أفريقيا، والمتنزهات الوطنية، أعلنت عن إلغاء السائحين عمليات الحجز بسبب مجموعة من العوامل، بما في ذلك المخاوف من فيروس إيبولا.

وأضاف شامبولو: "أجبرت على إغلاق ثلاثة من أماكن النزل على الأقل وعدة مخيمات، أتولى إدارتها، بسبب تراجع النشاط بشكل واضح في أعقاب العديد من الإلغاءات التي ترتبط بـ(إيبولا)".

ويعمل شامبولو مرشدا سياحيا، ويدير سلسلة من أماكن النزل والمخيمات في العديد من المتنزهات الوطنية، بما في ذلك سيرينجيتي ( شمال تنزانيا) والمناطق المتاخمة لها.

وقال رئيس جمعية الشركات السياحية في تنزانيا إنه، بسبب إلغاء السائحين الحجوزات، اضطر إلى أن يمنح 54 من العاملين لديه إجازة لمدة أسبوعين، لعدم وجود تأكيد من السائحين بعد تراجع قدومهم بنسبة 25 في المائة مقارنة مع سجلات العام الماضي في  الفترة نفسها من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب من العام الماضي.

وأضاف: "نعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة، من خلال مجلس شؤون السياحة في تنزانيا، لتشجيع السياحة لمكافحة هذه المشكلة، ونجمع بيانات إلغاء الحجوزات في أنحاء البلاد حتى نتمكن من فهم الوضع الحقيقي للمشكلة".

إلغاء حجوزات

ولم تسجل أوغندا، البلد التي تقع شرق أفريقيا، أية حالات عدوى بفيروس إيبولا، لكنها عانت أيضا من تداعيات انتشار الفيروس.

وقال إدوين موزاهورا، مدير العلاقات العامة في مجلس شؤون السياحة في أوغندا:" نواجه فعلا بعض الإلغاءات"، في إشارة إلى موجة من إلغاء حجوزات السائحين، الأسبوع الماضي.

وأضاف موزاهورا أن السياحة في أوغندا تزدهر بين شهري يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول، وتنخفض في أكتوبر/ تشرين الأول ثم تعاود الانتعاش مجددا في الفترة بين نوفمبر/ تشرين الثاني إلى فبراير/ شباط، سنويا.

وأوضح أن "هذه الإلغاءات ليست جيدة على الإطلاق، لأننا بالكاد ندخل فترة الذروة، لكننا لم نحسب العدد الإجمالي بعد لمعرفة كم عدد الإلغاءات، ونحن بحاجة إلى استمرار التواصل والتخفيف من آثار بعض هذه التقارير الرهيبة".

وأشار إلى أن مجلس السياحة في أوغندا، وغيره من الأطراف المعنية في صناعة السياحة، سيعقدون هذا الأسبوع اجتماعا، ربما يشارك فيه رئيس الوزراء روهاكانا روغوندا، لمناقشة مستقبل هذه الصناعة.

ووفقا لهيئة السياحة، بلغت إيرادات أوغندا من السياحة 1.4 مليار دولار فقط في العام المالي الماضي.

ذعر وارتباك

ولكن تداعيات الخوف من إيبولا تخطت منطقة شرق أفريقيا إلى زامبيا، جنوب وسط القارة السمراء، حيث تأثرت صناعة السياحة ورحلات السفاري المربحة في البلاد.

وقالت وزيرة السياحة والفنون في زامبيا، جان كاباتا: "حدثت موجة من الذعر والارتباك بعد تقارير إعلامية غير منضبطة بشأن تفشي المرض في زامبيا".

وأضافت كاباتا: "مثل هذه الدعاية السلبية تعطل أعمال السياحة في زامبيا، لأنه عندما يحصل الناس على أخبار تفيد بأن هذا المرض الفتاك تفشّى في منطقة ما، بغضّ النظر عن كونها صحيحة أو كاذبة، فإنهم يبالغون في ردود الفعل. هذا هو بالضبط ما يحدث مع السائحين الذين يعتزمون زيارة زامبيا".

وأوضحت أن الدعاية الأخيرة عن تفشي إيبولا في زامبيا كان لها تأثير سلبي، ليس فقط على صناعة السياحة ورحلات السفاري، ولكن أيضا على العديد من صناعات الضيافة، بما في ذلك أصحاب الفنادق في جميع أنحاء البلاد.

وقال ايفانز موهانجا، مدير التسويق في مجلس شؤون السياحة في زامبيا، إن البلاد شهدت انخفاضا بنسبة 11.5 في المائة من 1.2 مليون سائح كان من المتوقع وصولهم في مطلع العام الجاري، كما انخفض سفر رجال الأعمال بنسبة 31 في المائة بسبب الإيبولا.

وأضاف موهانجا أن المجلس لا يزال يجمع الأرقام النهائية للسياح، الذين وصلوا إلى البلاد، حيث يجري حساب إجمالي أعدادهم سنويا في ختام الموسم السياحي، الذي يمتد من نهاية مارس/ آذار إلى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول، عندما يبدأ موسم الأمطار.

وأشار إلى أن بلاده سجلت زيادة في أعداد السياح في السنوات الأخيرة، حيث زار أكثر من 906 آلاف سائح زامبيا عام 2011، مقارنة بـ 815 ألفاً من الوافدين المسجلين عام 2010، فيما ارتفع هذا الرقم إلى أكثر من 914 ألفاً عام 2013.

المساهمون