للمسافر الذي أضاع طريقه

31 أكتوبر 2018
منى مرعي/ العراق
+ الخط -

من أيّ أرض

من أيِّ أرضٍ جئتُ وفي أيِّ تربة تمَّ إبداعي. لا العمرُ مؤتلفٌ بالدهرِ ولا صيادٌ يرسمُ على ورق الماء. وجدتُني بين بين وكانت الأرض بطن النون والعالم في عينيكِ باطنٌ يتوارى. تنفصلُ فيَّ مدنٌ وحدودٌ تنأى ولم أعرف في أيِّ تربة تمَّ إبداعي.

■ ■ ■

قصيدة حب

وكانت الأشجار نساء يرتدين ثوبَ الحداد ويلوِّحْنَ للمسافر الذي أضاع طريقه إلى بينَ بين. تنسكبُ النجومُ من جرة المستحيل وجراء هناك واقفةٌ على الجسر القصير.

■ ■ ■

ياقوت

رائحة العشبة تفوح في الليل والشجر عواطف أسمع عنها في الريح وأصوات أسرَّة وسقوط فتاة في هوّة سوداء. يبحث المجنون عن اسمه في معاجم حجرية وأنا واقف في شراشف بيضاء لا ينتهي بريقُها؛ وثمة عاشقان يرغبان في العناق ولا يستطيعان وشجرةٌ من ياقوت تقطر أثداء وتماثيل.

■ ■ ■

تخبز الغيم

امرأة تقف بجانب التنور الطين وتخبز الغيم ونقوشُ يدِها مدنٌ بائدة وخرائط. أتجاوز حَيَّها وتفوح رائحة جسدها في الفراغ؛ وأسمع موسيقيًّا يغني عن جسد امرأة تخبز الغيم ويعزف وكنتُ أجتاز بيته عندما وصلتُ إلى ليلٍ نجومُه تقرأ على الطيور أسماءها.

■ ■ ■

في الليل دمٌ يُسفك

هذا دمي يُسفك تحت الشجرة
هذا ما تقول فتاةٌ خلف النافذة
والنافذة مغلقة
منذ حِقبة.

هذا دمي الذي يجري
تحت الشجرة
ودمُ قتيلات أُخريات
يسكُنَّ في جنةٍ
من الموسيقى والزمرد.

هذا دمي متدفقًا
يضوع به الهواء
ويخبر عن زوال الطيور.

■ ■ ■

رؤية(1)

تنام الطيور في سدرةٍ محنيةٍ على دهرها. في وقتٍ كهذا لا أستطيع أن أفعل شيئًا غير أن أنقل الماء إلى زهرةٍ طلعت لتوِّها على النافذة. زهرةٍ بريَّةٍ لم تجد مكانًا غير هذه النافذة؛ لتظهر إلى النور كأنَّها امرأةٌ عادت من هجرتها الطويلة.

■ ■ ■

رؤية(2)

امرأة تحمل الحطب على رأسها؛ فأجتازها ورائحةَ العنبر التي تفوح منها في المدى الأبيض. قد تركتُ ذلك منذ كانت الصواريخ في طفولتها. ما زالت امرأة تسير في الطريق ورائحة عنبرها تملأ الليل والمدى الأبيض.


* شاعر من الأهواز

المساهمون