ما فعلناه هو نسف السجالات والنقاشات وتقزيمها إلى محض تعليقات في مواقع التواصل التي نظنّ أنّها فتحت باباً آخر أكثر تطوّراً للنقاش، في حين أنّها ألغت جوهر النقاش.
لا نطلب من المثقفين التضحية بمكانهم في قوائم الجوائز والمحكّمين والمؤتمرات والندوات التي تموّلها أنظمة "الاعتدال والإنسانية"، بل الصمت. الصمت لا التباكي بحجة أنهم يائسون ومتعاطفون ويودّون حقن الدماء، ولا التذاكي ورفع يافطات "الإنسانية".
ما كان استحقار الكاتب النرويجي الحائز على نوبل للأدب 2023 مقتصرًا على "القارئ العادي" عربيًا، إذ ثمّة كتّاب ومحرّرون وناشرون نفضوه عن "كيبورداتهم" وكأنّه الغبار. ينبغي أن نحمد الله أنّ فوسه لم يكن عربيًا، و"تجرّأ" على تقديم مخطوطة لهذه الدار أو تلك.
يمنّننا الناشرون - أطالَ الله في أعمارهم وفي نُسخهم الألف - بأنهم يغامرون في سوق نشر تشهد تراجعاً منذ عقود، ونكبات متلاحقة.. وعليك، عزيزي المؤلّف، أن تغامر مع المغامرين، وأن تقبل بتحمّل شيء من المسؤولية، فالحقوق مترافقة بالواجبات، وأنت سيّد العارفين.
يجمع كتاب "بماذا يؤمن من لا يؤمن؟" بين رؤيتين للحياة: دينية يُمثّلها الكاردينال كارلو ماريا مارتيني، وغير دينية، ولكنّها ليست علمانية بالضرورة، يمثّلها أومبرتو إكو. تتّسع منطلقات الأوّل لقبول الآخر، بينما تشوبُ منطلقات الثاني بعض الأفكار الدينية.
في المختارات القصصية المترجمة حديثاً إلى العربية، نعثر على ألمانيا الجروح الصغيرة، والمدارس القديمة، والزهور العبثية في ركام المدن، وحصى الغش التي ينتهك بها التجار العدالة، والضحكات التي استحالت محض عمل يُؤدّى بعناية على الخشبة.