من يقتل الطلاب في الجامعات المصرية؟

06 اغسطس 2015
من يقتل الطلاب في الجامعات المصرية؟ (Getty)
+ الخط -
انتهى العام الدراسي 2014/ 2015، ولازال السؤال مطروحاً بقوة.. من الجهة التي تقف وراء قتل الطلاب في الجامعات المصرية؟ وإلى أي مدى يؤثر ذلك على الجامعة وحياة الطلاب بها، بعد أن ارتفع عدد الطلاب الذين قتلوا داخل الجامعات أو في محيطها إلى 21 طالباً خلال عامين دراسيين.


وقد تصاعد الجدل حول حوادث قتل طلاب الجامعات، مع اقتراب الفصل الدراسي الثاني من نهايته، حيث أعلنت وزارة الداخلية، في 20 مايو/ أيار الماضي، عن قيامها بقتل الطالب بجامعة عين شمس إسلام عطيتو، أثناء اختبائه في صحراء التجمع الثاني، ووجهت له اتهام المشاركة في جرائم إرهابية.

وربّما يعود السبب في هذا الجدل إلى اعتراف الداخلية بمسؤوليتها عن قتل الطالب، بل ومبادرتها بإصدار بيان رسمي بتفاصيل عملية القتل.
ففي عديد من الحوادث التي قُتل فيها طلاب الجامعات، نفت وزارة الداخلية الاتهامات الموجهة لها بقتل الطلاب، وفي حالات أخرى وجهت الداخلية الاتهام لطلاب بقتل زملائهم أثناء التظاهرات.

لقد تم غلق مساحة الحرية التي تمتعت بها الحركة الطلابية في الجامعات منذ ثورة 25 يناير، إذ شهدت الجامعة المصرية أسوأ عام دراسي على الإطلاق منذ سبعة عقود على الأقل، في أعقاب الانقلاب العسكري "يوليو/ تموز 2013". وأدت التدخلات الأمنية العنيفة إلى مقتل 16 طالباً داخل الجامعات وفي محيطها، في العام الدراسي 2013/ 2014.

ووفقاً لحصر مؤسسة حرية الفكر والتعبير لحالات قتل الطلاب في الجامعات المصرية أو محيطها ومباني المدن الجامعية التابعة لها خلال العامين الدراسيين 2013/ 2014 و2014/ 2015، فهناك ما يقرب من 21 طالباً تم قتلهم. وآخر هؤلاء الطلاب، إسلام عطيتو، طالب الهندسة، الذي تجمع روايات زملائه واتحاد طلاب كلية الهندسة بجامعة عين شمس على اختطافه من محيط الكلية من قبل أفراد شرطة بزي مدني.

لقد تركزت حوادث قتل الطلاب بشكل رئيسي في 4 جامعات وهي الأزهر والقاهرة وعين شمس والاسكندرية، فقد قتل في جامعة الأزهر 8 طلاب بينهم طالب في فرع الجامعة بأسيوط، وقتل في جامعة القاهرة 7 طلاب، تليها جامعتا الاسكندرية وعين شمس بثلاثة طلاب لكل منهما.

قُتل غالبية هؤلاء الطلاب أثناء قيام قوات الشرطة بفض المظاهرات والاحتجاجات الطلابية في الجامعات المختلفة، وتشير التقارير الطبية إلى أن غالبية الإصابات بطلق أو مقذوف ناري بمنطقة الرأس والصدر، وقد توفي 8 طلاب على الأقل في المستشفى بعد فترة من إصابتهم، نظراً لخطورة الإصابات التي تعرضوا لها أثناء هذه الاشتباكات بين قوات الشرطة والطلاب المتظاهرين.

وتظهر مقاطع فيديو مختلفة قوات الشرطة وهي تقوم بقنص الطلاب في الجامعات، أبرزها واقعة قتل الطالب محمد رضا، في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013. تطلق قوات الأمن المركزي الأعيرة النارية على الطلاب المتواجدين في ساحة كلية الهندسة من مسافة قريبة جداً، كما يظهر ذلك مقطع فيديو. ما يعني أن هذه الأعيرة قد تؤدي إلى قتل الطلاب. وبالمثل هناك عديد من المقاطع المصورة التي التقطها طلاب وصحفيون توثق الطريقة المفرطة في العنف والعشوائية التي تستخدمها الشرطة لفض المظاهرات الطلابية، والتي تتسبب بمقتل طلاب الجامعات.

من ناحية أخرى، تورطت قوات الجيش في قتل الطلاب، وتحديداً حالة قتل الطالب عمرو خلاف بجامعة الاسكندرية، الذي توفي بعد إصابته بطلق ناري في الرأس، في 23 يناير/ كانون الثاني 2014.
ويظهر مقطع فيديو محاصرة قوات خاصة من الجيش لجامعة الاسكندرية وقيام الجنود بإطلاق النار مستهدفين الطلاب في الجامعة. "اعتلت القوات الخاصة أسطح مكتبة الاسكندرية المواجهة للجامعة وقامت بإطلاق النار على الطلاب في ذلك اليوم"، يقول شاهد عيان رافضاً ذكر اسمه. ويضيف "لا يمكن لأحد من العاملين بمكتبة الاسكندرية أن يدلي بهذه الشهادة أمام النيابة لأنه سيتعرض للتنكيل".

عادة ما تلقي قوات الشرطة القبض على الطلاب أثناء قيامها بفض المظاهرات، وفي أحيان كثيرة توجه النيابة للطلاب المقبوض عليهم اتهامات بقتل زملائهم الذين سقطوا نتيجة العنف المفرط للشرطة. فقد ألقت قوات الشرطة القبض على 16 طالباً بجامعة الأزهر، في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وجهت إليهم اتهامات من بينها قتل زميلهم الطالب عبد الغني محمود. وفي حالة الطالب محمد أيمن عبد العزيز، الذي قُتل في جامعة عين شمس، في 13 مايو 2014، وجهت النيابة تهمة قتل الطالب لثلاثة من زملائه.

ومع نهاية العام الدراسي الماضي، بدا أن هناك جهة ثالثة غير قوات الشرطة وقوات الجيش تتورط في قتل طلاب الجامعات. فقد لفظ الطالب بجامعة القاهرة أنس المهدي أنفاسه الأخيرة في مستشفى القصر العيني بالقاهرة، في 16 مايو/ أيار الماضي، بعد إصابته بنزيف في المخ وغيبوبة، عقب اعتداء أفراد الأمن الإداري بجامعة القاهرة عليه باستخدام العصي، أثناء فض مظاهرة لحركة طلاب ضد الانقلاب، في 19 أبريل/ نيسان 2015. ومثلت هذه الحادثة تطوراً جديداً، إذ طالما كانت تجربة تدريب الأمن الإداري في جامعة القاهرة وضبط أدائه محل تفاؤل للمتابعين للشأن الجامعي. لقد تشاجر أفراد الأمن مع الطلاب وتوعدوهم بالضرب وإلحاق الإصابات، ما يخل بأبسط متطلبات وظيفة الأمن الإداري في حماية الطلاب واحتواء غضبهم بشكل مهني.

كذلك تحمل حادثة قتل الطالب إسلام عطيتو الذي اعترفت وزارة الداخلية بالمسؤولية عن قتله تطوراً جديداً، فقد نقل اتحاد طلاب كلية الهندسة بجامعة عين شمس عن زملاء الطالب، أن هناك أحد الأفراد بزي مدني دخل إلى لجنة الامتحان وتحدث إلى إسلام وطلب منه المرور على موظفي الكلية لاستكمال بعض الأوراق بعد انتهاء الامتحان.

يقول محمد فرجاني، طالب بكلية الهندسة بجامعة عين شمس "عرفنا أن الكلية تواطأت في تسليم عطيتو لقوات الشرطة عندما قالت في بيانها إن الموظفين دخلوا إلى لجنة الامتحان لاستكمال بعض أوراق الطالب بشكل طبيعي". ويضيف فرجاني "غير مسموح لأي فرد بدخول لجان الامتحانات والحديث إلى الطلاب في كلية الهندسة حتى لو كان من أعضاء هيئة التدريس، ولا يمكن وصف هذا الإجراء بالطبيعي أو المعتاد إلا إذا كانت إدارة الكلية تحاول إخفاء تورطها في الجريمة".

أصبح طلاب الجامعات المصرية بشكل عام غير آمنين على حياتهم داخل الجامعات، ولدى بعض الطلاب الناشطين قلق أن تقوم قوات الشرطة بخطفهم من الجامعات وتصفيتهم جسدياً كما حدث مع اسلام عطيتو.

وهناك أهمية كبيرة للعمل على عدة خطوات تمكن من تسليط الضوء على هذه الجرائم ومحاولة وقفها. يجب مواصلة المتابعة القانونية للتحقيقات التي تجري في وقائع قتل طلاب الجامعات ومراجعة سير التحقيقات وما انتهت إليه والعمل على تقديم الأدلة القانونية لإدانة المسؤولين عن قتل الطلاب.

وعلى المؤسسات الحقوقية التي تتابع هذه التحقيقات، وأسر الطلاب الضحايا، تنسيق الجهود في المتابعة القانونية، والإعلان عما وصلت إليه التحقيقات. والمطالبة بضمانات لحماية الشهود. خاصة أنه على مدار أكثر من عام ونصف منذ مقتل أول طالب في الجامعات لم يتم إحالة أي قضية إلى المحكمة، ولم يتم حسم التحقيقات التي تجريها النيابة.

ويمكن أن يساهم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق وجمع الشهادات والأدلة المختلفة حول وقائع قتل طلاب الجامعات، في الضغط القانوني لملاحقة مرتكبي جرائم القتل. ويجب أن تضم هذه اللجنة المنظمات الحقوقية واتحادات الطلاب والحركات الطلابية وأعضاء هيئة تدريس.

وينصب عمل اللجنة على تقديم مزيد من الأدلة لجهات التحقيق والضغط غير المباشر عليها، وكذلك العمل الإعلامي من خلال نشر الشهادات والأدلة والمقاطع المصورة التي تقدم صورة تفصيلية لما حدث.

ومن الضروري مشاركة الأحزاب السياسية الديمقراطية مع المجتمع الأكاديمي ومنظمات المجتمع المدني لتنظيم حملة لوقف التدخلات الأمنية بالجامعات المصرية، وصياغة تشريع قانوني يمنع قوات الشرطة من استخدام الأسلحة النارية والأعيرة المطاطية لفض تظاهرات واحتجاجات الطلاب في الجامعات. وقد تضيف مشاركة الأحزاب السياسية كثيراً إذا ما تحدد موعد لانعقاد البرلمان.

ربما تمثل هذه الخطوات بداية جيدة للعمل على حماية حياة الطلاب وتسليط الضوء على التكرار الممنهج لعمليات قتلهم وتصفيتهم، وبشكل خاص لحماية الناشطين الطلابيين في مجال الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

(مصر)
المساهمون