اليمن: الحرب تهجر الاستثمارات

08 ابريل 2015
قضت الحرب على كافة أوجه الحياة (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
ساهمت وتيرة العنف المتزايدة في اليمن في رفع مخاطر الاستثمار الخارجي والداخلي إلى أقصى مستوياتها لتزداد تدفقات خروج الشركات الاستثمارية من اليمن. الأمر الذي سيترتب عليه انخفاض في عائدات الحكومة، وقفز معدلات البطالة والتضخم.


وقد وجّه اقتصاديون ومستثمرون في اليمن تحذيرات بشأن قرار الحوثيين بالتعبئة العامة، وبدء حربهم الشاملة على كامل المناطق الجنوبية نهاية مارس/آذار الماضي، ما هو إلا إيذان ببدء حرب أهلية واسعة ستقضي على ما تبقى من استثمارات داخلية وخارجية. وأشاروا إلى أن أي انحراف لطبيعة استهداف الضربات الجوية التي تنفذها المملكة العربية السعودية وحلفاؤها، ضمن عمليات عاصفة الحزم سيعجل بإنهاء تلك الاستثمارات سريعاً.

في هذا الإطار، صرح مصدر مقرب من إدارة مجموعة هائل سعيد أنعم، أكبر مجموعة استثمارية يمنية، أن خبراء المجموعة بدأوا في عقد اجتماعات مكثفة للبحث في تقرير مصير المجموعة، وكان من بينها تخفيض عمليات مصانعها واستثماراتها داخل اليمن.

وتشمل نقاشات الاجتماعات تنفيذ خطط إدارة المخاطر التي تم تصورها لمواجهة الظروف الأمنية. تأتي تلك الإجراءات بعد سيطرة الجماعات المسلحة للحوثيين على أجزاء كبيرة من محافظة ومدينة تعز وميناء المخاء البحري (وسط اليمن) حيث تحتضن المدينتان معظم مصانع وأصول المجموعة، بالإضافة إلى محافظة الحديدة ومدينة عدن التي يقترب مسلحو الحوثي نحوها، من أجل السيطرة على ما تبقى من المدن اليمنية.

لم يستبعد اقتصاديون أن تخفي تلك الإجراءات قرارات حاسمة تم اتخاذها بإغلاق منشآت المجموعة تدريجياً، بهدف عدم لفت انتباه سلطات الأمر الواقع إلى ما يجري، وتجنب أي مصادرات أو احتجاز للأصول والأموال.

بدوره قال المسؤول في المجلس المحلي في مدينة تعز أحمد الشرعبي لـ "العربي الجديد": إن الشعب اليمني يعلم تماماً بقدرة المجموعة لتأمين آلاف فرص العمل، وإن أنشطة المجموعة لا تتوقف على النشاط الربحي، إذ إن المجموعة أنشأت مؤسسات تعني بتخفيف الضغوط المعيشية على الفقراء، ونشر التوعية والثقافة ومساعدة الحكومة في مسارات التنمية المختلفة، لا سيما التعليم.

توقف المشاريع
إلى ذلك، بين الدكتور عبد الجليل الشعيبي رئيس المنطقة الحرة في عدن توقف مشاريع استثمارية عديدة في مدينة عدن مع بدء دخول قوات الحوثيين وحلفائهم مناطق الجنوب. وقال لـ "العربي الجديد": توقفت جميع أنشطة شركة إيفرجرين العالمية لنقل الحاويات في محطة عدن للحاويات وإعادة شحن حاويات الترانزيت، وسحب خبرائها إلى خارج البلاد وذلك بعد أن كانت توقفت الشركة عن الاستثمار في اليمن لخمس سنوات سابقة، وعاودت بعد ذلك نشاطها خلال عام 2014. ويشترك عدد من الشركات الاستثمارية اليمنية ضمن هذا المشروع الكبير.


كما أشار الشعيبي إلى توقف تنفيذ أكبر مشروع سكني بعدن "أبراج عدن السكني" بمنطقة العريش الذي بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2014. وبحسب الشعيبي يعد هذا أكبر مشروع استثماري من نوعه في اليمن بتكلفة 177 مليون دولار، يوظف 450 مهندساً وفنيا عالي المستوى، ناهيك عن خمسة آلاف من عمال البناء. كما علقت شركتا Association ofr Science and Technology و Beijing Junduchenyu Design of Engineering Co. Ltd الصينيتان خطة بناء ثلاثة مشاريع في تحلية المياه وتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية والرياح، بالإضافة إلى بعض الجسور في المدينة كانت الشركتان قد أقرتهما في فبراير/شباط الماضي بتكلفة تقارب نصف مليار دولار، عقب زيارة قام بها مسؤولون من الشركتين إلى عدن العام الماضي.

من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي السعودي وعضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية في "غرفة الرياض" عبد الله المغلوث توقف 160 مشروعاً استثمارياً سعودياً في اليمن، بسبب الأوضاع الأمنية والصراع الدائر هناك خلال العامين الماضيين.


ساهم الوضع الراهن في زيادة منسوب الخوف لدى الشركات الاستثمارية العاملة في اليمن، ولم يظهر حتى اليوم حجم هروب الاستثمارات، حيث قال مصدر مسؤول لـ "العربي الجديد": تلقت الهيئة اليمنية للاستثمار وعدد من المؤسسات والوزارات الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار الحكومية تحذيرات من اللجنة الثورية التابعة للحوثيين، تحملها المسؤولية القانونية ضد كل من يكشف أي أرقام أو تصريحات حول وضع الاستثمار داخل اليمن، واعتبار ذلك من المعلومات السرية المؤثرة على وضع البلاد في هذا الظرف العسكري الحساس.

تأزم التجاري
لم يكن القطاع الاستثماري المتأثر الوحيد جراء الحرب في اليمن، فالقطاعان التجاري والصناعي تأثرا بشكل واضح، قال عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية في تعز صادق دبوان إنه في كل مرة يتوسع العنف، يدفع الاقتصاد بكافة قطاعاته فاتورة باهظة، حيث تكبد القطاع التجاري خسائر كبيرة ناهزت ملايين الدولارات في الأشهر القليلة الماضية".
وتابع: "منذ قيام الحوثيين بمواجهات مسلحة لدخولهم المحافظة منتصف مارس/آذار، واقتحامهم المؤسسات الحكومية وبعض بدأت تتأثر القطاعات الاقتصادية، وقد لاحظنا انخفاض الصادرات والواردات، كما تكبدت المنشآت الصناعية خسائر نتيجة فقدان المواد الأولية من جهة، وعدم قدرتها على القيام بتصدير منتجاتها إلى الخارج".

وبيّن أحدث تقرير لمجموعة الأزمات الدولية أن تقوّيض المرحلة الانتقالية في اليمن، واتساع العنف على نطاق كبير قد عزّزا من حدة التدهور الاقتصادي، ويشير التقرير إلى أنه في حال لم يتم التوصل إلى حل للقضية اليمنية قريباً، فليس هناك فرص حقيقية للنهوض بالاقتصاد.
كما أكد الخبير الاقتصادي عدنان الصنوي أن سلبية مؤشرات النمو الاقتصادي الناتجة عن الصراعات المسلحة والتوتر السياسي في اليمن، ساهمت بدورها بالتأثير بشكل مباشر في طرد الاستثمارات، وقال لـ "العربي الجديد": انكمش حجم الاستثمارات من 272 مشروعا في عام 2009 إلى 142 مشروعا في عام 2013 وبنسبة بلغت 92%.

إقرأ أيضا: 10 ملايين دولار استثمارات إنشاء نواد رياضية
المساهمون