وزير التخطيط المصري أشرف العربي:قرض صندوق النقد للبرلمان الجديد

16 مارس 2015
وزير التخطيط المصري أشرف العربي (العربي الجديد)
+ الخط -
أعلن وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري المصري أشرف العربي، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن مؤتمر ‏دعم وتنمية الاقتصاد المصري هو الخطوة الأولى، لاستعادة ثقة المؤسسات ‏الاستثمارية الدولية.

وهذا نص المقابلة:

*ما هو تقييمك لنتائج مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي انتهت فعالياته أمس، في ظل اعتبار رجال الأعمال أن الاقتصاد لا يزال في عنق الزجاجة، بعد ‏الأزمات الاقتصادية التي ضربت مصر خلال السنوات الأربع الماضية؟
طرحت الحكومة 30 مشروعاً، منها سبعة مشاريع ترتبط بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك أمام المستثمرين والمؤسسات العالمية، وشهدت القمة توقيع عدد من المشروعات سواء في صورة عقود أو مذكرات تفاهم، وذلك بفضل الجهود التي قطعتها عدة وزارات، مثل الطاقة والاسكان والنقل في عقد اجتماعات جماعية وثنائية مع المستثمرين، خلال الأشهر الماضية لاستكشاف توجهات المستثمرين، بغرض تحديد المشروعات التي تحتاجها السوق المصرية.

وحرصت المجموعة الاقتصادية في مجلس الوزراء، على التأكيد على أن المؤتمر الاقتصادي هو بداية جذب استثمارات، تحقق خطط النمو المستهدفة، عبر فتح قناة حوار مباشرة مع مؤسسات الاستثمار الإقليمية والدولية، بهدف إلقاء الضوء على الاصلاحات التشريعية والهيكيلة في الموازنة، اضافة الى تبيان آثار خفض دعم الطاقة على الاقتصاد الوطني، فضلاً عن انتهاج سياسات جديدة ترتكز على تحقيق العدالة الاجتماعية، عبر توزيع ثمار النمو الاقتصادي المحقق على كافة شرائح المجتمع المصري.


* ما هي أبرز الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتهيئة المناخ الاستثماري، وضمان تطبيق نتائج المؤتمر على أرض الواقع؟
مضت الحكومة المصرية في عدة مسارات في آنٍ واحد لتهيئة البيئة الاستثمارية، يتمثل الاتجاه الأول في تصديق مجلس الوزراء على قانون الاستثمار الجديد، الذي يحدد ضمانات وحوافز الاستثمار. إلى جانب قانوني الثروة التعدينية، والتعريفة المميزة للكهرباء الذي يتيح الفرصة أمام القطاع الخاص، للاستثمار في محطات الطاقة المتجددة لأول مرة. وكذا تم اعتماد مشروع التمويل المتناهي الصغر، بهدف تعزيز دور الجمعيات والشركات في تمويل المشروعات المتناهية الصغر.

وهناك قانونان أخران لا يزالان في أروقة مجلس الوزراء، وهما على وشك الصدور، الأول يتعلق بقانون الكهرباء الجديد، وقانون الخدمة المدنية الذي يعيد هيكلة آليات العمل داخل الجهاز الاداري للدولة، في خطوة تهدف إلى التغلب على البيروقراطية التي يعاني منها قطاع الطاقة في مصر.

وعلى الجانب الأخر، ركز مجلس الوزراء على تحريك المياه الراكدة، في ملف تسوية المنازعات مع المستثمرين، عبر تشكيل لجنتين إحداهما برئاسة رئيس الوزراء والأخرى يرأسها وزير العدل المصري.

* كلفت الحكومة 14 بنك استثمار ومكاتب استشارية للترويج لمشروعات المؤتمر الاقتصادي، في سابقة هي الأولى من نوعها في إدارة ملفات الاستثمار الحكومية، فما سر هذه التحول في أسلوب ترويج المشروعات؟
التحول في عملية الترويج للمشاريع الاستثمارية كان حتمياً هذه المرة، وغير قابل للتأجيل. فالحكومة أيقنت أنها إذا رغبت في اقناع المستثمرين حول العالم بجاذبية المشاريع المطروحة، في مجالات البنية التحتية والخدمات اللوجستية والنقل والتصنيع والطاقة وغيرها، فلا بد أن تسند هذه المهمة إلى جهات قادرة على التحدث باللغة التي يفهمها القطاع الخاص عالمياً. ومن هنا لم تجد الدولة أفضل من بنوك الاستثمار، لاستغلال خبراتها في جذب الاستثمارات والتمويلات للمشاريع الاقتصادية المطلوبة في مصر.

* أعلنتم عن استهداف استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 60 مليار دولار، وخفض نفقات الموازنة بنفس القيمة خلال السنوات الأربعة المقبلة... هل ترى أن هذه المؤشرات ما زالت قابلة للتحقق فعلاً خلال الموعد المحدد؟
نعم، هذان الهدفان لا يمكن التخلي عن تحقيقهما حتى تتمكن البلاد من خلق توازن بين خفض عجز الموازنة، وزيادة حجم الاستثمارات المنفذة، من أجل تفادي الانكماش الاقتصادي الذي قد يكون نتيجة محتملة، في حالة الاعتماد على خفض النفقات فقط. وترى المجموعة الوزارية الاقتصادية أن الفرص الاستثمارية المطروحة في مصر، في مجالات البنية التحتية والزراعة والخدمات اللوجيستية والتصنيع والطاقة، قادرة على جذب استثمارات أجنبية مباشرة تقدر بـ 15 مليار دولار تدريجياً خلال السنوات الأربع المقبلة.


وهناك بعض المؤشرات التي تستند إليها الحكومة للوصول إلى هذه الأهداف، منها تحسين معدلات الاستثمارات الكلية خلال النصف الأول من العام المالي 2014 /2015 ، إذ بلغت 13% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 22.23 مليار جنيه. ومن المستهدف وصول هذا المعدل إلى 15% في العام المالي 2015 /2016، بما يساهم في زيادة معدل النمو إلى 5%. على أن يشهد العام المالي 2016 /2017 ، زيادة في نصيب الاستثمارات من الناتج المحلي الإجمالي، لتصل إلى 20%، وهي نسبة تقارب معدلات الاستثمارات الكلية نسبة الى الناتج المحلي، التي تم تحقيقها قبل الأزمة المالية العالمية، والتي بلغت 22% خلال العام المالي 2007/ 2008.

* هل تنوي الحكومة تعديل مؤشرات النمو للعام المالي الحالي، بعد ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 5,6% خلال النصف الأول من العام؟
بالطبع، سيكون هناك تعديلات في التوقعات العامة، إذ من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 4%، مقارنة بالمؤشرات المستهدفة بداية العام والمُحددة بـ 3.2%، ولكن ينبغي ألا نغفل أن أحد الأسباب الأساسية في تحقيق هذا النمو، هو أن فترة الأساس المقارن بها خلال العام الماضي كانت تعاني من تدهور اقتصادي، بسبب الاضطرابات السياسية. الأهم في السياسات الحكومية الآن هو استدامة النمو ووصول ثماره إلى كافة فئات المجتمع، دون أن تتركز فوائدها لدى الطبقة الغنية فقط.

* ولكن، ما هي ملامح التغيير في السياسات الحكومية، حتى تستهدف مشاركة فئات المجتمع كلها في ثمار النمو؟
رصدت الحكومة استثمارات خلال العام المالي الحالي، بقيمة 67 مليار جنيه لتطوير القرى الفقيرة على عدة أصعدة، تشمل شبكات المياه والصرف الصحي، إضافة إلى توفير فرص عمل لا تتطلب مهارات مرتفعة، مثل مشروعات البنية التحتية الجاري تنفيذها. ولعل أبرز مثال على ذلك مشروع تنمية محور قناة السويس، إلى جانب تنفيذ مشروع استصلاح وزراعة مليون فدان من الأراضي.

* وما حجم الاستثمارات التي ضختها الدولة في مشروع المليون فدان حتى الآن؟
ما يُمكن قوله هو أن أعمال حفر آبار المياه الجوفية، وشراء المعدات، تستحوذ على النصيب الأكبر من استثمارات البنية التحتية المُقدرة بنحو 30 مليار جنيه، وهناك جانب أخر على قدر كبير من الأهمية، يتمثل في استثمارات المجتمعات العمرانية المقرر اقامتها بكلفة 120 مليار جنيه، وذلك في محيط مشروع المليون فدان لضمان التعمير السكاني في هذه المناطق.

* أعلن وزير البترول شريف إسماعيل عن تحقيق وفورات بقيمة 30 مليار جنيه، بعد انخفاض أسعار النفط العالمية، فما هي أوجه الإنفاق المحددة لهذا المبلغ؟
رغم أنه لم يتم وضع تصور نهائي لأوجه الإنفاق بعد تحقيق هذه الوفورات، نتيجة تراجع أسعار النفط، ولكنها في الأغلب ستوجه نحو برامج العدالة الاجتماعية، مثل التأمين الصحي، لتوسيع نطاق المستفيدين من برامج الخدمة الصحية، مثل أصحاب معاش ‏الضمان الاجتماعي، إلى جانب تقليل عجز الموازنة المستهدف بنحو 240 مليار ‏جنيه، خلال العام المالي الحالي.‏
الأهم أن يُدرك المواطنون جيداً أن الحكومة حريصة على تدقيق أوجه انفاق ‏الموارد المتاحة لديها، عبر قياس حجم الأثار المترتبة عليها، ومقارنتها ببدائل ‏الانفاق الأخرى، نظراً لتجاوز متطلبات الدولة حجم الموارد المالية المتوافرة في ‏خزانتها حتى الآن.‏

* هل هناك وعود بمساعدات خليجية جديدة لمصر؟
أولاً يجب أن نؤكد أن الاقتصاد المصري مازال في حاجه للدعم على الأجل القصير، سواء كان في صورة منح لا تُرد أو قروض ميسرة، لأن المشروعات المطروحة في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، يتطلب تنفيذها فترة زمنية طويلة، فعلى سبيل المثال يستغرق فترة تنفيذ محطة الكهرباء ثلاث سنوات.

ونوضح أنه ليس هناك وعود بمساعدات خليجية محددة الآن، ولكن اعتقد أن الخليج العربي سيُكمل دعمه لمصر، خلال المرحلة المقبلة بعدما ساند الاقتصاد المصري بقوة خلال الفترة الحرجة الماضية. والأهم الآن هو أن تمضي الاستثمارات والتشغيل معاً لتحقيق معدلات النمو المستهدفة.


ووفقاً لتصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان، على هامش مشاركته في مؤتمر "هيرمس" الحادي عشر في دبي، يقدر حجم المساعدات الخليجية التي حصلت عليها مصر خلال الـ 18 شهراً الماضية، بحوالي 23 مليار دولار في صورة منح ومساعدات بترولية وودائع في البنك المركزي المصري.

* هل هناك نية لدى الحكومة لفتح المفاوضات مجدداً مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بعدما أعلنت بعثة الصندوق خلال زيارتها لمصر قبل أسابيع، تأييدها للإصلاحات الحكومية في الشأن الاقتصادي؟
قرارالاقتراض من صندوق النقد الدولي، مرهون بانتخاب مجلس شعب يقوم بتشكيل حكومة تتولي ملف المفاوضات، بهدف ضمان وجود تأييد برلماني يمثل الشعب في هذه الخطوة. وفي المقابل تركز الحكومة الحالية على اجراء إصلاحات في الموازنة عبر الخفض التدريجي في دعم الطاقة، وكذلك تطبيق منظومة توزيع المنتجات البترولية عبر البطاقات الذكية، بشكل كامل في نهاية شهر أبريل/نيسان المقبل، اضافة إلى ضبط سوق الصرف.

وأرى أن التقرير الأخير الصادر عن بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت مصر، خلال ‏الشهر الماضي، أيدت هذه الإصلاحات، ما يدفع الحكومة إلى استكمال تنفيذ السياسات الاصلاحية، لمعالجة ‏التشوهات التي تعتري الموازنة.‏

تعريف:
أشرف العربي، من مواليد 14 ديسمبر/ كانون الأول 1970. حاصل على بكالوريوس الاقتصاد من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة عام 1992، ثم على درجة الماجستير، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة ولاية كانساس الأميركية. تولى وزارة التخطيط في ولايتين سابقتين قبل تعيين الحكومة الحالية.


ملف على طاولة التخطيط
تعديل نموذج توزيع ثمار النمو فرض نفسه بقوة على مائدة وزارات التخطيط ‏المتعاقبة بعد قيام الثورة المصرية في عام 2011، وذلك بعدما بعدما أثبت ‏نموذج تساقط ثمار النمو من الأعلى نحو القاعدة فشله، نتيجة ترّكز العائدات لدى طبقة ‏الأثرياء. وتشير خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2014/ 2015 ‏إلى أن الوزارة أعدت قاعدة بيانات تشمل الهيكل السكاني والتشغيلي ‏وخريطة التأمينات الاجتماعية لتحديد المستوى الاجتماعي الحقيقي للتجمعات ‏السكانية وطبيعة احتياجاتها، من أجل توجيه استثمارات مستدامة تسد حاجة ‏المواطنين‎. ووفقاً للتقرير، فإن وزارة التخطيط أدرجت استثمارات المديريات الخدمية ‏مباشرة في موازنتها لأول مرة بغرض تقليل القنوات التي تمر من خلالها ‏الأموال الخاصة بتطوير القرى والمراكز داخل كل مديرية، بالتوازي مع إعطاء صلاحيات لمؤسسات المجتمع المدني للمشاركة في توزيع هذه ‏الاستثمارات باعتبارها الأكثر إدراكاً للطاقات المادية والبشرية وكذلك ‏الاحتياجات لكل منطقة على حدة‎. وتفعيلاً لسياسات العدالة الاجتماعية، أطلقت وزارة التخطيط في ‏‏2013 حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 29.7 مليار جنيه، ثم خصصت في العام الماضي حزمة جديدة بقيمة 33.9 مليار جنيه بهدف تنفيذ ‏برامج تنموية في القرى الفقيرة. فهل ستكون هذه الخطط ذات جدوى؟ وهل ستساهم في إحداث بعض الردم في الفجوة الاجتماعية القائمة؟ الجواب حتى الآن سلبي.

إقرأ أيضا: العملة الصعبة في الجزائر: تهريب مكشوف

المساهمون