رواتب موظفي السلطة في عِلم المقاصة المحتجزة ‏

09 فبراير 2015
مطالبات بقبض الرواتب (الأناضول)
+ الخط -
مسلسل الضغط الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية إلى الواجهة مجدداً، وبأشكال مختلقة. إذ قامت إسرائيل أخيراً باحتجاز أموال المقاصة الفلسطينية، رداً على توقيع السلطة على اتفاقيات الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية. هذا الاحتجاز جعل الحكومة عاجزة عن دفع كامل رواتب موظفيها الشهر ‏الماضي. فقد تحوّل هذا السلوك إلى أسلوب ممنهج، خاصة أن إسرائيل لجأت إلى أسلوب القرصنة نفسه في عام 2012، في مقابل ‏العجز الفلسطيني عن إيجاد البدائل. 

حكومة "عاجزة"
يقول الخبير الاقتصادي هيثم دراغمة لـ "العربي الجديد": "السلطة الفلسطينية لم تبحث عن حلول أو بدائل لتأمين الإيرادات، وتركت الحال مرتبطاً بمزاج الاحتلال". ويسأل: "لماذا تنتظر الحكومة حصول الأزمة لتبدأ بالحديث عن بدائل؟ هناك حل بسيط للخروج من الأزمة يكمن في تقليص النفقات الحكومية، فهي تصل إلى نصف مليار دولار، من نفقات تشغيلية، وفرض ضرائب مباشرة في الضفة والقطاع، إضافة إلى البحث عن مشاريع استثمارية تأتي بإيرادات دائمة.
وقد تحدث رؤساء الحكومة الحالية والسابقة عن خطط للاعتماد على الذات، وهذا "مجرد حديث للإعلام فقط"، بحسب دراغمة الذي يتابع: "أصبح عمل الحكومة الفلسطينية يرتبط بالرواتب فقط، بعيداً عن تشجيع الاستثمار والإنتاج".
إذ تعتمد الإيرادات المحلية على الضرائب المتنوّعة. وقد وصلت إيرادات الضرائب بين شهري كانون ‏الثاني/يناير وتشرين الثاني/نوفمبر من عام 2014 إلى 2.29 مليار دولار. وتبقى المقاصة الرافد الرئيسي لإيرادات ‏الضرائب المحلية، رغم محدودية هذه الضرائب، وغياب قطاع غزة عن الإسهام الفعال في القاعدة الضريبية. ‏
فيما تبلغ إيرادات المقاصة السنوية بحسب موازنة عام 2014 على أساس الالتزام، نحو 9.35 مليارات دولار حتى نهاية تشرين ‏الثاني/نوفمبر الماضي، وذلك بنسبة تفوق ما جاءت به الموازنة العامة لعام 2014 بنحو 3%.

تكلفة الرواتب ضخمة
يرى الباحث في قضايا التنمية إبراهيم ربايعة، أن الخلل البنيوي في هيكل السلطة الفلسطينية أصبح تراكمياً. ويقول لـ "العربي الجديد": بدأت السلطة ‏منذ نشأتها بمحاولة امتصاص حجم البطالة الهائل عبر التوظيف في القطاع العام، ليصل عدد الموظفين إلى نحو 154 ألف ‏موظف في عام 2014، قبل تسوية ملف موظفي غزة، والذي في حال تم هضمهم ضمن القطاع العام بشكل كامل، سيجعل ‏‏200 ألف موظف يعملون لتقديم خدمات لنحو أربعة ملايين مواطن.
وقد وصل مجموع رواتب موظفي القطاع العام وفق بيانات وزارة المالية الفلسطينية إلى 1.71 مليار دولار، وهو رقم يقترب إلى حد كبير من مجموع المقاصة.‏ ويشير ربايعة إلى أنَّ وزارة الداخلية والأمن تستحوذ على نصيب الأسد من مجموع الرواتب بنحو 710 ‏مليون دولار، فيما تصل الرواتب في قطاع التعليم إلى 470 مليون دولار، أما صافي الرواتب والأجور في قطاع الصحة فيصل ‏إلى 160 مليون دولار، لتلتهم بذلك هذه القطاعات نحو 79% من مجموع الرواتب.‏
ويتابع أن السلطة تحتاج إلى 1.53 مليار دولار أخرى، وذلك من أجل تغطية باقي النفقات ‏لمؤسساتها. وترتفع هذه النفقات بدعم وزارة الشؤون الاجتماعية التي تقوم ببعض الدعم للفئات الأكثر عوزاً، بما يوازي 310 ملايين دولار، ‏فيما تصل نسبة خدمة الدين العام من فوائد ودفعات للمصارف إلى 230 مليون دولار، وتستهلك وزارة الصحة 230 مليون دولار على السلع والخدمات الطبية.‏
ويلفت ربايعة إلى أن الحكومة الفلسطينية لا تمتلك استثمارات أو مقومات لتغطية العجز في الجزء الأكبر من الإيرادات في حال احتجز الاحتلال عائدات الضرائب. ويعتبر أن خروج الفلسطينيين من الارتهان الدائم للاحتلال يكمن في تحول منهجي في أداء وسياسات الحكومة، عبر تمكين الفئات المهمشة وإخراجها من دائرة العوز، ودعم قطاعات الزراعة والمشاريع الصغيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء.
المساهمون