متغيّرات إدارة النفط في العراق

06 يوليو 2015
جدل حول توزيع الثروات النفطية في العراق (Getty)
+ الخط -
يبدو أن لكل دولة نمطاً هيكلياً لإدارة الثروات الطبيعية، والعراق لديه الآن أنموذج يتطور شيئاً فشيئاً ، ولذلك نجد أن التحول في العراق بعد 2003 جعل من الأجهزة التنفيذية تغير في دورها الوظيفي. فالمؤسسات الاتحادية التنفيذية تعمل على التخطيط للقطاع الذي تعمل فيه، وتعمل بالمقابل على مراقبة الأداء وتحقيق الأهداف المرسومة وقياس الأداء والجهد المبذول لتحقيق التطلعات، وهنا الكلام عن الوزارات الاتحادية. في حين أن الأذرع التنفيذية للوزارة تكون هي المسؤولة عن التنفيذ بعد تحديد حزمة من السياسات والإجراءات والتعليمات لتنفيذ هذه الأهداف المرسومة من السلطة الاتحادية.

لكن الإشكالية التي ما زالت مستمرة لحد الآن هي آلية تنظيم العلاقة بين الوزارات في مجال إدارة الثروات الطبيعية في الأقاليم والمحافظات المنتجة للنفط والمشار إليها في الدستور الاتحادي الدائم لجمهورية العراق لعام 2005.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هنالك ضرورة لتفسير الغموض الدستوري في المادة 112 والعمل على إعادة توصيف العلاقة وصلاحيات توقيع العقود وفقاً لما نص عليه الدستور في الصلاحيات الممنوحة إلى الأقاليم والمحافظات النفطية غير المنتظمة بإقليم.

اقرأ أيضا: عهد نفطي عراقي جديد

إن مسألة توزيع الثروات الاتحادية داخل الدولة الاتحادية لابد أن يعاد التفكير بها، فالدراسات الاقتصادية التي تقدم بها الخبراء والمختصون تشير إلى أن توزيع الموارد المالية في الأنظمة الاتحادية يتم من خلال: توزيع نقدي وفق حصص سكانية خاصة بدعم جهود التنمية في الدولة الاتحادية أولاً، أو يكون هناك توزيع مادي عبر حزمة من برامج وخطط إنمائية مشتركة على أساس تكاملي بين الوحدات الاقتصادية للدولة الاتحادية المشتركة. أو عبر نمط ثالث وهو تحديد حصة المواطن من النفط بصورة مباشرة مقطوعة، منها الضرائب السيادية وضرائب الخدمات. ولذلك فإن الأنموذج الأول هو المستخدم في العراق مع حزمة قليلة من النموذج الثاني.

إن دور السلطة الاتحادية يتمثل بوزارة النفط الاتحادية بعد دستور عام 2005، والتي باتت هي الوزارة المسؤولة عن تخطيط السياسات العامة للنفط والغاز. في حين لا بد من إعادة توصيف الدور الوظيفي لوزارة النفط والمتمثل بقانون وزارة النفط الاتحادية، وتمثيل الوزارة في المحافظات المنتجة. في حين أن ملكية شركات وزارة النفط لابد أن تعود إلى تأسيس كيانها الذي أطلقت عليه رصاصة الرحمة عام 1987 بعد إعلان قرار حل شركة النفط الوطنية العراقية وإدماجها مع تشكيلات وزارة النفط "المركزية" آنذاك، لتعزيز المركزية المفرطة. مما جعل كل التقدم الحاصل في الشركة محط التفكيك والدمار والانهيار... وهذا ما انعكس على رأس المال البشري النفطي العراقي.

ومن هنا يمكن اعتبار أن هنالك الحاجة إلى قانون شركة النفط الوطنية العراقية لتنفيذ مشاريع النفط والغاز في العراق والتي من المقرر أن تملك احتياطيات تقدر بـ 92% من مجمل الاحتياطي المؤكد والبالغ 143.1 مليار برميل نفط خام، و109 مليارات قدم مكعبة من الغاز.

اقرأ أيضا: "المارد" العراقي وإنتاج النفط

أي بعبارة أخرى ووفقاً لمسودة قانون النفط والغاز لـ 15 شباط/فبراير 2007، فإن الحقول المنتجة، والحقول قريبة من عهد الإنتاج، والحقول المستكشفة هي التي ستكون في عهدة شركة النفط الوطنية العراقية. أما الرقع الاستكشافية والبالغة نسبتها 8% فإنها ستكون خارج إدارة شركة النفط الوطنية العراقية وستقدم إلى الاستثمار المباشر وفق نمط جديد للعقود النفطية يطرح من قبل وزارة النفط الاتحادية. حيث من المؤكد أن يصل حجم الاستكشافات في كل حقل إلى أكثر من 70%.

لذلك لا بد أن تكون هنالك سياسة عامة نفطية جديدة ومغايرة خلال السنوات الخمس المقبلة تأخذ بتحول نمط الإدارة من إدارة مركزية موروثة إلى سياسة اتحادية مكتسبة، وبالتالي ستتغير الرؤى والأفكار والاستراتيجيات والسياسات من أجل تطوير القدرات النفطية العراقية.

وأخيراً لا بد من التأكيد على أن استمرار الجدل بين إقليم كردستان العراق والسلطة الاتحادية في بغداد حول إدارة الثروات الطبيعية بات عاملاً مؤثراً في العائدات الاتحادية، ولذلك فإن الاقتراح التكتيكي للحل بتصدير 550 ألف برميل من حقول نفط كركوك وكردستان العراق لابد أن يفضي إلى اتفاق استراتيجي طويل الأمد يتم التعهد من خلاله بالاستدامة من أجل رسم صورة نفطية متكاملة في العراق.
(خبير نفطي عراقي)
المساهمون