استثمار في السلّة المغربيّة‏

13 مايو 2015
الأكاديمية تزيد اهتمام الشباب المغربي بكرة السلّة (العربي الجديد)
+ الخط -
يرتبط نجاح أي مشروع أو استثمار بمدى الإبداع في إطلاق الأفكار الجديدة التي قد تكون غير مسبوقة في بعض القطاعات أو البلدان، من هنا لا توجد أي غرابة في أن يرى الشاب محمد أمين زريات ‏مشروعه، "أكاديمية تيبو لكرة سلة"، يحقق نجاحاً مستمراً ويحظى بإعجاب المؤسسات الحكومية المغربية بل وحتى السفارات الأجنبية في ‏المغرب. فهذا الشاب، الذي لا يتعدى عمره الـ25 عاماً، اختار أن يقتحم عالم "بزنس الرياضة" الذي ما زال مهمشاً في المغرب، مستغلاً إهمال المستثمرين الشباب ‏لأهمية هذا الاستثمار ودوره الاقتصادي والاجتماعي.

توجّه أمين نحو هذا القطاع الحديث في المغرب لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة لطبيعة تكوينه الأكاديمي، فهو حاصل على دبلوم في تسيير الشركات ‏والتسيير الرياضي من المعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات، الذي يعتبر واحداً من أرقى المعاهد العليا في المغرب، قبل أن يتلقى تدريباً في تقنيات القيادة ‏في الولايات المتحدة الأميركية، "هذه المؤهلات العلمية جعلتني أفكر في مشروع يمزج بين الاستثمار والخدمة المجتمعية"، يقول أمين لـ"العربي الجديد"، في معرض ‏حديثه عن ظروف نشوء فكرة الأكاديمية.

ويمكن القول إن أمين قد جمع بين الحرفتين، فبالإضافة إلى تحصيله المؤهلات العلمية التي تخوله تأسيس مشروع تجاري والإشراف عليه، ‏فإن هذا الشاب سبق له أن لعب كرة السلة بل وصل إلى درجة الاحتراف وشارك مع المنتخب المغربي لكرة السلة في العديد من المسابقات الدولية ‏وذلك إلى غاية سنة 2011. ويتابع: "احترافي لكرة السلة بيّن لي أن هناك العديد من المواهب التي تحتاج إلى مساعدة لكنها لا تجد الفرصة المناسبة ولا الدعم المطلوب".

وبعد سنتين من تركه ملعب كرة السلة، أطلق أمين أكاديمية "تيبو" لكرة السلة، التي تعتبر فريدة من نوعها في المغرب المعروف عن شعبه ‏ولعه بكرة القدم أكثر من أي رياضة أخرى، وهو ما يجعل وصف هذا الاستثمار بالمغامرة أمراً مشروعاً، بيد أن صاحب المشروع يؤكد أن "نجاح ‏المشروع في استقطاب المئات من الشباب المحب لكرة السلة، يؤكد أن هذه اللعبة لها من يحبها ويتابعها ويتعلّمها إن توافرت له الفرصة".‏

ومنذ إطلاقها سنة 2013، تستقطب الأكاديمية سنوياً المئات من الشباب الذين يدفعون اشتراكاً سنوياً قيمته 450 دولاراً للفرد. وتراوح أعمار ‏المنخرطين بالأكاديمية بين 4 سنوات و16 سنة، ويسمح الاشتراك لأصحابه بأن يستخدموا أحدث المعدات الخاصة بكرة السلة، والإفادة من جميع ‏الخدمات الصحية في حال التعرض للإصابة. ويقول أمين: "حالياً لدينا 350 منخرطاً في الأكاديمية"، ويضيف أن مشروعه يوظف 17 عاملاً ‏بالإضافة إلى 13 آخرين يشتغلون بصفتهم متطوعين.‏

ولأن أمين يفكر بعقلية احترافية، فقد قام بتأسيس قسم خاص بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، الراغبين في ممارسة كرة السلة، وهو القسم الذي يلقى إقبالاً كبيراً، لعدم وجود قاعات لممارسة كرة السلة بالنسبة لهذه الفئة من المواطنين في المغرب، بالإضافة إلى أن تجارب دولية أثبتت نجاح المشاريع الرياضية ‏الموجهة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.‏

وإذا كان هذا هو الوجه التجاري للمشروع، فإن أمين يشتغل بالحماسة نفسها على مستوى العمل الاجتماعي التطوعي، إذ إنه أطلق مؤسسة "تيبو" ‏الهادفة إلى تطوير كرة السلة في المغرب، وخصوصاً في صفوف شباب الثانويات، وذلك من خلال قافلة تجوب كل المدن المغربية وتصحب مدربين ‏وطنيين ودوليين في كرة السلة ليلقنوا الشباب التقنيات الأولية لممارسة كرة السلة. ومن أجل تشجيعهم على الاهتمام بكرة السلة، فإن المؤسسة تقوم ‏بتدبير عقود للمواهب الصاعدة مع أندية مغربية.‏

ويؤكد أمين أن نتائج هذه القافلة كانت "مبهرة". فمنذ سنة 2012، جرى توزيع أكثر من 8 آلاف كرة سلة على الشباب، واستفاد من القافلة 34 شاباً ‏يدرسون في الإعداديات والثانويات المغربية، كما تمكنت القافلة من الوصول إلى 66 مدينة مغربية، ويضيف الشاب: "أشعر أن الناس أصبحوا يهتمون اكثر من السابق بكرة السلة، وفق التجربة التي نخوضها في هذا المجال".

ويعمل أمين وفق نمط جديد ينتشر في هذه اللعبة، وهي "كرة السلة في الشارع"، التي تعتبر الولايات المتحدة الأميركية موطنها الأصلي. ويقوم هذا النمط على فكرة أنه "لسنا في ‏حاجة إلى فرق مكوّنة من خمسة لاعبين يواجهون فرقاً أخرى، وإنما يحتاج الأمر إلى ثلاثة لاعبين فقط، وقد قمت باستقدام لاعبين من دوري كرة ‏السلة الأمريكية (‏NBA‏)، ليلقنوا الشباب المغربي بعض تقنيات هذه اللعبة التي أصبحت تحظى باعتراف دولي"، حسب تأكيد رجل الأعمال المغربي الذي يؤكد أيضاً أن طموحه هو ‏أن تتحول كرة السلة إلى رياضة يمارسها الشباب في الأحياء كما يفعلون مع كرة القدم.‏

ويكشف أمين أنه يحضّر حالياً لمشروع عملاق في أفق سنة 2018 ويدعى "الرياضة والدراسة"، يقوم على إنشاء أكاديمية توفر للاعبين الشباب ‏فضاءً للتدريب والتحصيل العلمي في الوقت نفسه، حيث سيضم المشروع أقساماً للدراسة بالإضافة إلى قاعات التدريب، "وقد حظي المشروع بموافقة ‏العديد من المؤسسات العمومية المغربية والسفارات الأجنبية في الرباط التي ستدعم المشروع"، يقول أمين الذي يبدو ‏واثقاً من نجاح مشروعه.‏

إقرأ أيضا: الخليج يستثمر المليارات في بناء محطات الوقود
المساهمون