فساد النظام يفلح بالقمح السوري ويحصد

29 يوليو 2015
القمح السوري بين القصف والفساد (فرانس برس)
+ الخط -
انتهى حصاد القمح السوري، بل انتهى بيعه من قبل المزارعين السوريين للجهات الثلاث العازمة على شرائه في هذا العام: النظام السوري، الحكومة السورية المؤقتة، والتجار المحليين والإقليمين. ومع انتهاء الحصاد، جاء تقرير الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) قبل أيام متفائلاً بعض الشيء، بقوله إن الإنتاج الغذائي شهد تحسناً في العام الحالي، لكن تصريحات حكومية حديثة أكدت أن الحكومة السورية لم تتسلم إلا النذر اليسير من القمح، وفتحت الباب للتساؤل عن كمية الإنتاج الحقيقي، وليس التقديري، لهذا العام. 
التقرير الدولي أكد أن "الإنتاج الغذائي في سورية هذا العام تحسن بفضل الأمطار الممتازة"، وأضاف التقرير في محاولة لكبح جماح التفاؤل في ظل واقع بائس أن "محصول القمح السوري في هذا العام المقدر بنحو 2.5 مليون طن وإن كان متوقعاً أن يأتي أفضل من موسم الحصاد المنكوب بالجفاف عام 2014، إلا أنه لا ينطوي على تحسينات كبيرة لحالة الأمن الغذائي الأُسري العامة للسكان"، ذلك أن الصراع الدائر "لم ينفك يدفع بمزيد من السكان إلى الوقوع في براثن الجوع والفقر".

اقرأ أيضاً: النظام السوري ينشر الأوهام حول المناطق الصناعية

الحكومة السورية بدورها بدأت موسم حصاد القمح بتفاؤل "معهود" معلنة أنها ستقوم "بخفض فاتورة الواردات بفضل محصول وفير متوقع من القمح هذا العام"، حيث كانت قد بدأت باستيراد القمح والطحين في العام 2012 مع انتشار الحرب وفقدان سيطرتها على مساحات شاسعة من البلاد. كما أكدت الحكومة السورية عزمها على "شراء الإنتاج بكامله لهذا الموسم".


وقد تواصلت التصريحات المتفائلة طيلة أسابيع الحصاد في شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو الماضيين، ليأتي الشهر الحالي بأسوأ الأخبار مبدداً كل التفاؤل. إذ وقف وزير الزراعة السوري أمام مجلس الشعب ليعلن أن حكومته لم تتسلم أكثر من 300 ألف طن من القمح. ولم يحدّد الوزير أين تبددت 3 ملايين طن كان يريد جمعها كلها قبل شهر واحد فقط!
هكذا، سوف تعمد الحكومة السورية لاستخدام الأموال التي كانت مخصصة لشراء القمح من المزارعين السوريين بأسعار بخسة إلى استيراد القمح بأسعار مرتفعة.

يقول الباحث الاقتصادي كمال يوسف لـ "العربي الجديد": "لهذا الحل المكلف لخزينة الحكومة أنصارٌ في داخل الحكومة نفسها، إذ تشكل مناقصات استيراد القمح من دول أوروبا الشرقية وروسيا لسد النقص الحاصل مورداً هاماً من موارد الفساد داخل أجهزة الدولة السورية".

ووفقاً للصحف المحلية السورية، تستورد الحكومة السورية القمح بسعر 250 دولاراً للطن الواحد، أي ما يعادل 75 ليرة سورية لكل كيلوغرام من القمح، ويقل ذلك عن السعر الذي عرضته على المزارعين السوريين بنحو 14 ليرة سورية.

اقرأ أيضاً:حواجز المليون في سورية

يشرح يوسف أن "النظام فاقد السيطرة على مساحات شاسعة من مناطق إنتاج القمح في شمال وجنوب البلاد، وذلك بعد تدهور الوضع الأمني الذي يجعل عملية نقل القمح من قبل المزارعين لمراكز التسليم الحكومية خطيرة ومكلفة". ويضيف: "يصر النظام على تجاهل الواقع ويعتبر نفسه الطرف المسيطر على سورية، لكن الحقيقة أن أطرافا عديدة باتت تشتري القمح من المزارعين وقد كسرت احتكار النظام السوري، فهنالك الحكومة السورية المؤقتة، التي اشترت كميات من القمح، فضلاً عن التجار الذين يدفعون سعراً أعلى من السعر الذي يقدمه النظام للمزارعين".

وكانت الحكومة السورية قد رفعت سعر كيلو القمح الذي تشتريه من المزارعين قبل بدء موسم الحصاد، وذلك من 45 ليرة سورية إلى 61 ليرة سورية. يقول نذير الديري من ريف دير الزور لـ "العربي الجديد" إن "السعر الحكومي المقدم هو أعلى بقليل من سعر التكلفة في بعض المناطق التي تحظى بالمحروقات بأسعار مقبولة، فيما يقل عن سعر التكلفة في مناطق تضطر لشراء المحروقات والبذار والأسمدة بأسعار مضاعفة".

ويضيف الديري أن التحديات الميدانية التي شهدتها قوات النظام السوري هذا العام ببروز تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بقوة في كل من دير الزور والحسكة، حيث يجري إنتاج نحو 60-70% من محصول القمح، شكلت عاملاً إضافياً في امتناع المزارعين عن نقل إنتاجهم إلى مراكز التسليم التي حددها النظام، بل إن كثيرين تخلوا عن زراعة القمح هذا العام وزرعوا أصنافاً أخرى".

اقرأ أيضاً: أجيال ضائعة تقلب موازين إعادة إعمار سورية
المساهمون