السلع المصرية تنهار أمام الغزو الصيني

24 يونيو 2015
انتشار البضائع المغشوشة في أحياء مصر (وكالة الأناضول)
+ الخط -
في السابق، كانت عبارة "صُنع في مصر" سبباً كفيلاً بتوجه المستهلك المصري إلى السلعة لشرائها، وهو مرتاح البال والضمير. إلا أنه منذ الانفتاح الاقتصادي الذي انتهجه الرئيس الراحل محمد أنور السادات، غزت مصر العديد من المنتجات، التي شقت طريقها إلى عقل وإمكانات المستهلك المصري.

احتلت المنتجات الصينية مركز الصدارة. فحلت لافتة "صُنع في الصين" بدلاً من "صُنع في مصر". واستطاع أباطرة التصدير والاستيراد استغلال توقف العديد من الصناعات المصرية، وتراجع الظروف المعيشية لملايين المصريين، خاصة الشريحة الوسطى من الطبقة الوسطى في مصر. فقدموا منتجات صينية رخيصة، قليلة الجودة، ولكنها تفي بالغرض.

صناعات خفيفة

تقول صاحبة سلسلة محلّات "سوق الصين العظيم"، منى عليوة، إن "استيراد المنتجات الصينية من الخارج يوفّر الكثير من المزايا، من بينها، بعكس ما يشاع، توفير فرص عمل للشباب". تدلل عليوة على ذلك بأنها أطلقت سلسلة محلاتها منذ ما يقرب 10 أعوام، بدءاً بمحل واحد، كان يعمل به 5 أفراد هي من ضمنهم. إلّا أنه مع الوقت، ومع إقبال المصريين على شراء المنتجات الصينية، تحوّل المحل إلى سلسلة محلات يعمل بها ما يقرب من 300 شخص بصورة مباشرة، وما يقرب من 100 شخص في أعمال متعلّقة، مثل النقل وغيره من الأعمال، وفق عليوة. وتؤكد لـ"العربي الجديد" أن مصر "لم تنجح في تقديم صناعة حقيقية".

في حارة اليهود بوسط القاهرة يوجد أحد أكبر تجمعات محلّات السلع الصينية في مصر، وفيها ما يقرب من 10 آلاف محل. يقول صاحب أحد المحلّات عامر محمد إن الصناعة المصرية انهارت منذ سنوات عديدة، ما دفع التجار إلى اللجوء للاستيراد. فـ"مصر كانت تنتج أقلام الرصاص، إلّا أنه منذ بداية الألفية تم إغلاق الشركة الوطنية للأقلام، بفعل الخصخصة، الأمر الذي أحدث نقصاً شديداً في الأسواق فارتفعت أسعار المنتج. حتى الفانوس المصري انهار أمام الصيني. فمثلاً تكلف صناعة الفانوس في مصر ما يقارب الـ25 جنيهاً ويكون فانوساً تقليدياً. بينما يكلف الفانوس الصيني نصف ذلك السعر".

اقرأ أيضا: الفقر أم الأزمات في مصر ولو بعد عشر سنوات

أزمات عديدة
يؤكد صاحب محل آخر في حارة اليهود أن غالبية المنتجات الصينية لا تتمتع بجودة عالية. ولكن المستهلك المصري يعرف ذلك جيداً، ويقبل عليها. لأن للصين قدرة على توفير ما يحتاجه المصريون بأسعار رخيصة، وبما يتناسب أيضاً مع طبيعة الحاجات، خصوصاً الأجهزة الكهربائية.


يقول الخبير الاقتصادي عبد الحي علي أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي إن الزحف الصيني على الأسواق المصرية يجسد أزمات عديدة. أهمها الاستمرار في إغلاق المصانع. وانهيار تام للصناعة المصرية، مؤكداً أن ذلك الغزو يعود إلى غياب الإرادة السياسية، وانتشار الفساد.

يقول علي إن "أزمة المنتجات الصينية أنها غير آمنة". فـ"مثلاً يسعى العديد من المستوردين الصينين إلى جمع البلاستيك والقمامة من مصر، ثم يقومون بتصديره إلى الصين. فتقوم الأخيرة بإعادة تدويره وإرساله لمصر، في صورة ألعاب أطفال وأجهزة طبية وخلافه، ونظراً لسيطرة أباطرة كبار على الاستيراد والتصدير في مصر، فإن الجمارك تمرّر تلك المنتجات، دون أي رفض أو مراجعة".

يضيف علي أن "الصين تنتج السلع الأكثر استهلاكاً فى الدول النامية، خصوصاً الهواتف الخليوية والتلفزيونات وأجهزة التكييف والثلاجات والدراجات النارية، إلخ. وربّما أكبر دليل على أن الصين توحشت اقتصادياً، أنها في 2011 حققت فائضاً تجارياً وصل إلى 305 مليارات دولار".

اقرأ أيضا: الاقتصاد الموازي المصري: ثروة بـ269 مليار دولار

يقول المستورد ورئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، أشرف هلال إن البضائع الصينية ليست كلّها سيئة والأزمة الحقيقية ليست في الاستيراد، وإنما في شهادة "السي اي كيو" (CIQ) التي فتحت الباب أمام الاستيراد غير الشرعي.
المساهمون