تسويق المواقع الإلكترونية

28 ديسمبر 2015
نجاح المواقع الإلكترونية عبر التسويق (Getty)
+ الخط -
لقد تجاوز عدد المواقع الإلكترونية بالشبكة العنكبوتية ثلاثون تريليون موقع في السنة الماضية، وأصبح التنافس على أشده بينها لجلب الزائرين، وتقديم مواد ترضيهم، وتجعلهم من المتابعين للموقع، ومن العاكفين على قضاء وقت كبير به. وبذلك، يشكل الإنترنت حالياً عالماً غنياً من المواقع الإلكترونية العامة والمتخصصة في عدة مجالات كالتثقيف والإعلام، التعليم، الصحة، الاقتصاد، الإدارة الحكومية، علاوة على مواقع التواصل الاجتماعي، المكتبات والموسوعات المرئية وكذلك المدونات الشخصية.
وعلى هذا الأساس، انصب اهتمام المواقع الإلكترونية على التسويق كعماد للنجاح و لاستمرارية، وذلك يعود إلى عوامل رئيسية جعلت منه فريضة واجبة على المواقع، حيث عرف عالم الإنترنت ازدياد التنافس الحاد بين المواقع الإلكترونية، كثرة وتضخم المعلومات المتوفرة، ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في كل أنحاء البلاد، انتشار الاقتصاد المعرفي، إضافة إلى الرغبة الجامحة في التواصل وخلق شبكات للنقاش العام أو لتبادل الآراء العلمية و الخبرات العملية.
ومما يجب التوقف عنده، أن التسويق عبارة عن مجموعة من المسارات الوظيفية التي تتبعها المؤسسات الساعية إلى خلق قيمة لدى المستهلك عبر خلق منتج أو خدمة تلبي حاجياته، ثم إدارة العلاقة معه بما يحقق ربحاً شاملاً للمؤسسة. ويعتمد التسويق على تحليل علمي دقيق تتجلى مكوناته في دراسة السوق من خلال منهج منظم لجمع المعلومات الكافية لإنشاء موقع إلكتروني والتي تتعلق بطبيعة وحجم الطلب، مميزات المنافسين، فرص وعوائق التواجد بالسوق، ثم الشروط السياسية، القانونية والمالية المطلوبة لتصميم موقع إلكتروني. وتهدف دراسة السوق إلى التعرف على مقومات شبكة الإنترنت والمخاطر المحتملة، وكذلك، تحديد ملامح سلوك مستخدم الموقع الإلكتروني.

المردودية المحتملة

وفي ضوء ما سبق، يستوجب على مؤسسي الموقع الإلكتروني الوصول إلى حاجيات المستخدمين عبر إبراز الجوانب النفسية لديهم، الأمر الذي من شأنه تسهيل اتخاذ القرار بخصوص الفئة المستهدفة من الموقع و ملامسة المعايير المحددة لهذه الفئة سواء كانت الرقعة الجغرافية، السن، المستوى التعليمي، أو الطبقة الاجتماعية. ولا بد من الإشارة إلى أن عملية الاستهداف لا تتم دون تجزئة واضحة لسوق المواقع الإلكترونية إلى مجموعات منسجمة كسوق المواقع الإخبارية، سوق المواقع التجارية، أو سوق المواقع الترفيهية، يتم ذلك من خلال قياس عدد زوار هذه النوعية من المواقع، المردودية المحتملة، درجة اهتمام شركات الإعلان بهذه المواقع، ناهيك عن مدى استقرار المواقع حسب طبيعة الأنشطة بمعرفة إذا كانت أنشطة دائمة أم موسمية.
وعلى هذا النحو، يتجه مؤسسو المواقع الإلكترونية إلى التموضع الاستراتيجي الذي يعتبر مرحلة مفصلية في التسويق، حيث تخلق عروضا مناسبة للمستهلكين عبر توليفة محكمة عن الخدمة المقدمة ترتكز على صورة الموقع لدى المستهلكين، فهي ذاك الرأسمال الرمزي الحامل لدلالات وقيم مؤسسي الموقع والتي يريدون تقاسمها مع مستخدمي الموقع في إطار تشاركي، كما يترتب على مؤسسي الموقع الإلكتروني وضع استراتيجية للترويج، تبين قنوات التواصل التي تعرف بالموقع قبل إنشائه وتتابعه أثناء عمله مبينة رسائله النبيلة وهادفة إلى توطيد إنجازاته.
تتسم المواقع الإلكترونية الناجحة بإدارة تسويقية تهتم بمستوى ومحتوى الموقع على حد سواء، فالأمر يبدأ مع تصميم الموقع بوجود شكل جذاب يظهر جوانب إبداعية وفنية تجعل من زائره يغوص في فضاء جمالي وسهل الاستخدام، من حيث التنقل عبر الصفحات، وضوح الأقسام، وجود روابط مختصرة، سرعة التحميل، ومراعاة أحجام الشاشات. ويكتمل التسويق الجيد بوجود علامة تجارية بارزة تخلق انتماء لدى زوار الموقع و تجعلهم يفتخرون بمتابعته والمشاركة فيه عبر التعليق والتفاعل، مما يؤسس لعلاقة مبنية على الثقة يزكيها المحتوى الجريء، الهادف والمتطور مع الأحداث.
(باحث وأكاديمي مغربي)

اقرأ أيضاً:وصفة النجاح والاستمرار ... في زمن التسويق
دلالات
المساهمون