قهر المزارعين:الدخول إلى منظمة التجارة يهلك السوق العربية

09 نوفمبر 2015
التهميش سيطال المزارعين في الدول العربية (فرانس برس)
+ الخط -
يعانون من ضعف الدعم وغياب آليات تصريف إنتاجهم، وإهمال غالبية الحكومات لقطاعهم الإنتاجي، ولمطالبهم في آن. إذ يعتبر المزارعون في الدول العربية الحلقة الأضعف بين جميع فئات المجتمع. أسباب عديدة جعلتهم في آخر أولويات الحكومات. فالموازنات المخصصة للقطاع الزراعي في جميع الدول العربية، لا تتعدى 10%، بالرغم من أن فاتورة الاستيراد مرتفعة للغاية. في المناطق الريفية، يعتمد المواطنون على الزراعة كمصدر أساسي لرزقهم، إلا أن هذا المصدر معلّق اليوم بين صعوبة تصريف الإنتاج وغياب الاهتمام، وبين تنفيذ بنود اتفاقيات منظمة التجارة العالمية. فهذه الأخيرة فرضت على الدول العربية مجموعة من الشروط، كشرط أساسي لدخول المنظمة، ومن ضمن هذه الشروط، تحرير الإنتاج الزراعي، ووقف الدعم.

تشريد المئات

على أرض الواقع، إن تطبيق بنود الاتفاقية، يعني قهر المزارعين، تشريد المئات من العائلات، وارتفاع نسب البطالة، بالإضافة إلى زيادة الفجوة الإنمائية بين المدينة والريف.
تظهر الدراسات أن عدد المزارعين في الجزائر يصل إلى 11% من مجموع اليد العاملة، ويرتفع تدريجياً في الأراضي الفلسطينية، حيث تصل أعداد اليد العاملة في القطاع الزراعي إلى نحو 12%، أما في تونس، فيرتفع الرقم ليصل إلى 16%. وفي مصر، تصل أعداد العاملين في القطاع الزراعي إلى 29%، من مجموع اليد العاملة.

اقرأ أيضاً:اقتصاد اليمن بعد عقد: لا نفط ولا أكل

تظهر هذه الأرقام أن ملايين المواطنين يعيشون على ما يدرّه القطاع الزراعي، والإيرادات التي توفرها لهم الزراعة، وهم في الأغلب يعتمدون أيضاً على دعم حكومي، وإن بنسب مختلفة. إذ إن بعض الدول العربية تعمل لدعم المزارعين عن طريق توفير الأسمدة، المساعدة في تصريف الإنتاج. وفي حال تطبيق بنود اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، فإن أعداداً كبيرة من المزارعين ستكون عرضة للتشرّد، وخاصة أن خارطة توزيع اليد العاملة الزراعية، متمركزة في المناطق الريفية، حيث تغيب ملامح التنمية بشكل عام.
ويعتبر القطاع الزراعي من أهم مصادر الرزق في تلك المناطق، بحسب الخبير الاقتصادي عمار الحسيني، ويقول "إن تطبيق بنود وشروط الدخول إلى منظمة التجارة العالمية تعني، بالتأكيد، أن الدول العربية ستصبح تابعة بشكل أساسي للدول الكبرى". ويضيف "صحيح أن المجتمع العربي، يعتبر مجتمعاً استهلاكياً، يعتمد على الاستيراد، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود قطاع زراعي، يعيش منه المئات من المواطنين، لكن الأمر سيتبدّل فور الدخول إلى المنظمة، لأن رفع الدعم يعتبر أساس قبول انضمام الدول، وستكون هذه الفئات الصغيرة معرّضة أكثر من غيرها للأزمات".

من جهة أخرى، فإن غالبية المنتجات الزراعية في الدول العربية، مثل لبنان، الأردن، العراق، وغيرها، لا تمتلك الحد الأدنى من المؤهلات لمنافسة السوق العالمية. وبحسب الحسيني، فإن الأسواق الغربية تتمتع بوجود يد عاملة ماهرة، وامتلاكها لوسائل التكنولوجيا، على عكس الدول العربية التي لا تمتلك هذه الأساسيات. لافتاً إلى أن المنتجات الزراعية في الدول النامية ستصبح أسيرة الكساد في حال الانضمام للمنظمة.
تشير المنظمة العربية للتنمية الزراعية، إلى أن قيمة الصادرات الزراعية العربية تقدّر بأقل من سبعة مليارات دولار، أي 1% فقط من الصادرات الزراعية العالمية. أما وارداتها فتفوق 28 مليار دولار، أي 6% من الواردات الزراعية العالمية. بطبيعة الحال، هنالك بلدان عربية تعتمد على الصادرات الزراعية، ولكن لا تنتظر أن تحقق مكاسب مهمة، نظراً لضعف مقدرتها الإنتاجية وندرة استخدام التكنولوجيا الحديثة.
إلى ذلك، يرى العديد من الخبراء أن الدول النامية، خاصة الدول العربية، ليست مجهّزة اليوم للدخول في إطار المنافسة الدولية في جميع المجالات، بسبب ضعف الإمكانيات الفنية والمادية. يقول الخبير الاقتصادي مصطفى الخير، إن الدول النامية ليست مجهزة للدخول في منظمة التجارة العالمية، دون إجراء إصلاحات جوهرية، مشيراً إلى أن الغاية من اتفاقيات منظمة التجارة تكمن في تحرير السلع والبضائع، لكن السلع الزراعية في الدول النامية، لا تمتلك المؤهلات التي تسمح لها بالتنافس مع السلع الزراعية الأخرى في الدول المتقدمة، ما يعني كساد المنتجات الزراعية المحلية، وإغراق الأسواق بالمنتجات العالمية.
وبالمحصّلة، فإن الشروع في دخول منظمة التجارة العالمية، سيؤدي إلى زيادة أزمات الاقتصاد للعديد من الدول، مثل لبنان، الأردن، مصر، الجزائر، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب رفع الدعم عن الصادرات وارتفاع حجم الواردات، بالإضافة إلى ارتفاع نسب البطالة، بسبب الكساد الناتج عن تدفّق السلع الخارجية وضعف القدرة الشرائية.
إلى ذلك، وبحسب دراسة مقدمة من الخبير الاقتصادي سليمان ناصر بعنوان "استراتيجية مواجهة تحديات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية"، فإن تطبيق بنود الاتفاقية على المنتجات الزراعية سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعارها ما بين 24% إلى 33%.

اقرأ أيضاً:الأمن الغذائي.. تحالف المناخ والحروب والهجرة يهدد العرب
المساهمون