الكوليرا تفتك بالعراقيين... اسألوا عن الفساد

07 أكتوبر 2015
الفقراء أكثر المصابين بالكوليرا (فرانس برس)
+ الخط -
اعترفت وزارة الصحة والبيئة العراقية، في اليوم الأخير من الشهر الماضي، بتسجيل نحو 550 حالة إصابة بوباء الكوليرا مؤكدة مخبرياً في عموم محافظات العراق، بينما أرسلت منظمة الصحة العالمية 200 ألف جرعة علاج إلى العراق لمكافحة الوباء، بحسب ما أعلنه مكتب رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، وعزا بعض المراقبين والمتخصصين سبب انتشار الوباء إلى الإهمال الحكومي المتعمد لقطاع الخدمات... واقع يعتبر غريباً عن بلد نفطي يحصل على إيرادات سنوية بمليارات الدولارات، يمكن أن تجعل العراقيين يعيشون في بحبوحة تامة.

ويشير المراقبون والخبراء إلى أن الفقراء وقليلي الدخل هم الأكثر عرضةً للإصابة بهذا الوباء، خصوصاً الذين يقطنون القرى الريفية والمناطق العشوائية في المدن، حيث تنعدم الخدمات وتفتقر إلى وسائل العيش السليم، بالإضافة إلى المهجرين والنازحين. ويشرح هؤلاء أن 2.5 مليون عراقي يعيشون في مناطق ومساكن عشوائية، حيث سوء الخدمات ونقص البنى التحتية وانعدام الماء الصالح للشرب ونقص إمدادات الكهرباء، مما يعني أنهم يسكنون في بيئة غير صالحة للعيش البشري.

وأكد الطبيب هيثم نعمان، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "جرثومة الكوليرا تعيش فترة أطول في مياه الآبار والمستنقعات، حيث قد تدوم دورة حياتها لأسبوعين في المياه الحلوة، بينما تدوم في المياه المالحة لثمانية أسابيع". وعزا نعمان، انتشار الوباء إلى "سوء الإدارة الصحية من جهة، وعدم التداول الصحي للأطعمة والأشربة لدى الكثير من المواطنين من جهة أخرى، وذلك ما يفسر أسباب انتشار هذا الوباء في المناطق الريفية والزراعية كمناطق أبو غريب والمحمودية في حزام بغداد، حيث صار الاعتماد كبيراً على مياه الآبار في سقي المزروعات والشرب، في ظل انحسار المياه في نهري دجلة والفرات، وضعف البنى التحتية وسوء الخدمات"، وفقاً لنعمان.

الدكتور (غ. ق.) قال بدوره لـ"العربي الجديد" إنه "حسب معلوماتي فهناك تعتيم وإنكار للبيانات والإحصاءات غير الحكومية، وتقليل لعدد حالات الإصابة من قبل السلطات"، وقال مشككاً " إنني لا أستبعد إطلاقا، التعمد من قبل جهات داخلية أو خارجية لإحداث هذه الأعراض والأمراض ولمقاصد خفية، خصوصاً إذا لاحظنا ظهور هذا الوباء في عام 2007 إبان الأحداث الطائفية، وعودته هذا العام بينما تعود عمليات الاقتتال الطائفي والتطهير والتهجير العرقي".

ووفقاً للدكتور هيثم نعمان فإن "العلاج في العيادات والمستشفيات الخاصة يكلف أهل المصاب بالوباء 200 دولار تقريباً، منها 50 دولاراً لكشف الطبيب وتحليل الكشف المختبري، و150 دولاراً للحقن والتحاليل وبقية العلاجات".

امرأة من البصرة جاءت لاهثةً تحمل ابنها إلى مستشفى الأطفال، قالت لـ "العربي الجديد": "هل يصح أن يصاب ابني الذي لم يتجاوز الخمسة أعوام بالكوليرا لتناوله ماءً غير صالح للاستخدام البشري، ونحن في بلد النهرين"؟

وكانت النائبة في البرلمان عن التحالف الكردستاني، أشواق الجاف، قد حمّلت وزارة الصحة مسؤولية انتشار الكوليرا، وقالت الجاف في تصريح لها، إن "ظهور الكوليرا هو نتاج طبيعي لسوء إدارة كبيرة وعدم مبالاة لدى المؤسسات الحكومية وخصوصا الدوائر الصحية التي لم تتخذ إجراءات وقائية على مر السنوات الماضية"، مؤكدة أنها حذرت من ذلك سابقاً، "لكن دون أي استجابة من وزارة الصحة لذا هي تتحمل المسؤولية الكبرى في انتشار الأوبئة ومنها الكوليرا".

وأشارت الجاف في تصريحها، إلى أن "الكثير من التقارير والإثباتات الحكومية وصلت للبرلمان وتبين من خلالها أن هناك خروقات كبيرة جداً وفساداً مالياً كبيراً في كافة مفاصل الدولة"، مبينة أن "هذا أثر على حياة المئات من المواطنين الضحايا، الأمر الذي يتطلب الوقوف بجدية أمام الحقيقة ومحاسبة المقصرين".